الجمعة  15 تشرين الثاني 2024

كتاب جديد يؤرخ صوريا معاناة الأسرى الفلسطينيين.. بطله طائر!

2021-12-22 12:26:40 PM
كتاب جديد يؤرخ صوريا معاناة الأسرى الفلسطينيين.. بطله طائر!
محمد سباعنة

الحدث- سوار عبد ربه

"قال لي مرة أحد الجنود إن في السجن مجرمين، لا يغنون لشمس الحرية ولا يطعمون طيور السماء!"  هذه كانت الكلمات التي سمعها رسام الكاريكاتير محمد سباعنة أثناء اعتقاله، ليدخل الزنزانة بعدها وتهزم أمامه الرواية الإسرائيلية، إذ كان يرى طيورا تسقط من السماء داخل الزنازين فيلتقطها الأسرى الفلسطينيون ويطعمونها ويعلمونها الطيران حتى تصبح قادرة على مغادرة السجن.

هذه الحكاية استعادها سباعنة لتصبح نقطة انطلاق لكتاب الكومكس الذي أطلقه مؤخرا، حتى يخلق بطلا حقيقيا متمثلا في الطائر الذي أصبح صديقا له في السجن، يجلب له حكايا الفلسطينيين من الخارج على اختلاف أماكن تواجدهم.

وأعلن محمد سباعنة، عن صدور أول كتاب له بتقنية الحفر والنقش بعنوان فلسطين قصتي، الذي يروي فيه عشرات الحكايات التي عاشها وآخرون خلال فترة اعتقاله عام 2013، باستخدام فن الكومكس.

وحول فكرة الكتاب قال سباعنة لصحيفة الحدث: "منذ سنوات طويلة وأنا أفكر كيف يمكن أن نصدر كتاب كومكس فلسطينيا، على اعتبار أن هذا الفن ليس موجودا، وعدد الكتب التي أصدرت عن فلسطين بهذا الشكل كانت من فنان أمريكي يدعى جون تاكو وكتاب آخر من فنانة فلسطينية مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية اسمها ليلى عبد الرازق.  

وأضاف: تمثلت الصعوبات في أن إنجاز كهذا يحتاج إلى وقت كبير ودراسة، لأن فن الكومكس فن مبني على علوم تعنى ببناء الفصة وتقسيمها إلى مشاهد وغيرها من عناصر القصة غير المتوفرة في بلادنا.

وفيما يتعلق بالحدث الذي شكل لديه فكرة البدء في الإعداد لهذا الكتاب أوضح سباعنة لصحيفة الحدث أنه أثناء دراسته للدراسات العليا، كان يلقي محاضرة عبر تطبيق "زووم"  حول كتابه الأول وأثناءها لاحظ تذمر الطلاب المستمر وشكواهم من فترة الإغلاق، الأمر الذي استفزه للحديث عن الأسرى الفلسطينيين وكيف يعانون في سجون الاحتلال وأنه لا مقارنة بين الإغلاق من أجل كورونا حول العالم وحياة الأسير الفلسطيني الذي لا يمتلك أي شيء من رفاهيات الحياة ولا يتواصل مع العالم الخارجي.

وأردف: "يضاف إلى ما سبق زيارتي لكثير من المعارض وكيف رأيت أن الرسامين عملوا على تشكيل صورة بصرية لدولة الاحتلال مقابل صورة نمطية عن الفلسطيني والعربي الموجود في الشرق الأوسط، حتى يبرروا ضمن نظرية الاستعمار الاستيطاني استخدام هذه الأرض واستيطانها".

وتابع: "بدأت بالكتاب الحديث عن قصتي داخل السجن من حيث ظروف الاعتقال وبعض المواقف التي عايشتها، بالإضافة إلى مجموعة من المقابلات مع فلسطينيين تناولت قصصهم ببساطة، فلم أكن أبحث عن قصص تخلق بطلا، لكنني اعتمدت على  تبسيط صورة البطل الفلسطيني للإنسان الذي يعيش معاناة يومية تحت الاحتلال، وأنهيت الكتاب بقصة الشهيد محمد مطر من قرية دير أبو مشعل الذي احتجز الاحتلال جثمانه لسنوات، وسلمه لذويه قبل نحو أسبوعين".

وبحسب سباعنة؛ قصص الكتاب تتوصل لنتيجة أن الفلسطيني هو عبارة عن معتقل سواء من يقبع داخل أسوار سجون الاحتلال أو الموجود في غزة أو الضفة الغربية فكلنا عبارة عن معتقلين موجودين في السجون الإسرائيلية على اختلاف أشكالها.

وفيما يتعلق بأهمية هذا النوع من الفنون في نقل المعاناة الفلسطينية لغير الفلسطينيين قال سباعة إنه بالعودة إلى تاريخ فن الكومكس نجد أن الحركة الصهيوينة اعتمدت عليه بشكل كبير في نقل معاناة اليهود في الحرب العالمية الثانية، وفي الهولوكوست، كما أنه استخدم بشكل كبير عبر التاريخ في الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة لحشد الشوارع في أوروبا أو أمريكا وغيرها، إلى جانب استخدامه لتوعية الشارع الأوروبي والأمريكي في أهمية الحروب وحشد الشعب خلف حكوماتهم في الحرب.

وبحسب سباعنة تكمن أهمية الكتاب في أنه خرج من هذه المنطقة بالإضافة إلى طريقة الحفر والنقش التي استخدمت في إعداده، لأن آخر كتاب خرج بهذه التقنية كان عام 1919، وهو ما أثار اهتمام الناقدين الفنيين سيما في ظل وجود الأساليب التقنية الحديثة والتكنولوجيا، كما أنه حظي باهتمام من فنانين عالميين، خاصة أمريكيين لأنهم يعتبرون أن الكومكس ازدهر في الولايات المتحدة الأمريكية.

أما عن اختيار تقنية الحفر والنقش فأوضح الفنان أنه جاء نتيجة لحادثة شخصية، لأنه رأى في الزنازين أسماء لأسرى محفورة على الجدران رغم صلابتها وعدم توفر الأدوات للقيام بذلك، فحاول أن يحفر اسمه هو الآخر ولم يستطع،  لذا قرر عندما بدأ الكتاب، أن يحفر قصص الأسرى بهذه التقنية.

واعتبر سباعنة أن الفلسطيني بالضرورة أن يستخدم الفنون التي يمارسها حتى يوصل القضية الفلسطينية وليس العكس.

 وتوجه سباعنة في رسالة إلى رسامي الكاريكاتير الذين يتمنون دعما لفنهم مفادها أن الفنان الفلسطيني ليس مفروضا عليه أن يجد دعما من الحكومات ويجب أن يكون فنه حرا وأداؤه حرا في نقد الجهات الرسمية، أما من يبحثون عن الدعم فهم في الحقيقة يبحثون عن سعر لفنهم ولما يقدموه.