الأحد  22 كانون الأول 2024

كيف نحرر إنتاج المعرفة تحت الاستعمار؟ أكاديميو جامعة بيرزيت يجيبون

2022-04-28 09:33:32 AM
كيف نحرر إنتاج المعرفة تحت الاستعمار؟ أكاديميو جامعة بيرزيت يجيبون
جانب من الندوة

الحدث الثقافي- أخبار وفعاليات

عقد في جامعة بيرزيت، يوم الثلاثاء 26 نيسان الجاري، أولى حلقات سلسلة ندوات "أي مستقبل نريد؟"، بعنوان: "كيف نحرر إنتاج المعرفة تحت الاستعمار؟".

وتحدث في بداية الندوة التي أدارتها هيا عطاطرة، رئيس الجامعة د. دوماني عن فكرة هذه السلسلة "أي مستقبل نريد؟" والتي تسعى لبناء مستقبل مميز وناجح ليس لجامعة بيرزيت فحسب بل للتعليم العالي في فلسطين بشكل عام والمجتمع الفلسطيني أيضا بصورته الأوسع، وقال: "نأمل من خلال هذه الندوات على توجيه البوصلة نحو العلم والمعرفة وتسليط الضوء على قضايا محورية يؤدي الحوار والنقاش فيها إلى تأسيس مفاهيم مشتركة تصنع التغيير الإيجابي".

بدوره، قدم د. مضر قسيس، أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية مداخلة بعنوان :"ضرورة تحرير العقل الأكاديمي" وقال: إن النتيجة المرجوة من تحرير إنتاج المعرفة هي إنتاج معرفة قادرة على تشكيل المنطلقات الفكرية وتطوير التقنيات الضرورية وإنهاء حالة الهيمنة، وإنتاج وإدانة البيئة الضرورية للحرية.

وأوضح قسيس أن من يقوم بتحرير إنتاج المعرفة هم منتجو معرفة نجحوا في القطع مع أدوات وتقنيات ومنهجيات استعمار العقل، على المستويين الفردي والمؤسسي، مضيفا أن ما ينتج عن تحرير العقل هو عقل حر مستقل، ذو سيادة، أي أن اعتباراته هي الوصول إلى تلك الحقائق التي نحتاجها من أجل صون حريتنا واستقلالنا وكرامتنا وتحديد إرادتنا أفرادا ومؤسسات وأمة.

واعتبر د. مضر أن المنظومة الأكاديمية الغربية شكلت أحد الأركان الهامة للاستعمار الكولونيالي، إلى جانب الجيوش والمؤسسات المالية، منوها أنه أطلق عليها هذه التسمية رغم أنها غير مقتصرة على الغرب، وسمتها الجوهرية هي رأسماليتها وليس غربيتها.

وبحسب قسيس تلك المنظومة لعبت وما تزال دورا رئيسا في ابتداع وتصميم تقنيات إنتاج وإعادة إنتاج الاستعمار وترسيخ بناه في المركز والأطراف، ما شكل المحاكاة العمياء لهذا النموذج وتوطينه فخا يقع فيه منتجو المعرفة خصوصا في الأطراف، فأصبحوا عاملين على إرضاء السيد بدلا من تحقيق السيادة الذاتية.

وتطرق قسيس في مداخلته إلى أن تبني رؤية وتقنيات المنظومة الأكاديمية الغربية تحول إلى عقيدة أكاديمية يمكن لأغراض إجمالها إطلاق اسم الليبرالية المبتورة عليها، موضحا أنها مبتورة  لأنها فاقدة للتعددية فهي تنظر باتجاه واحد هو الغرب وتنظر إلى شكل واحد للمعرفة هو العلوم الطبيعية وما ينبثق عنها من معارف مهنية، وتقسي أو تضطهد لغتنا الأم  وتقمع الاتجاهات الفكرية والمدارس المناوئة للنموذج السائد.

وأضاف: هناك بتر آخر غير بتر الليبرالية، هو بتر العقلانية متماش ومتسق مع العقيدة النيو ليبرالية التي تأخذ من تعظيم الاستهلاك معيارا ومن التسليع تقنية وتكمن خطورتها في أنها تخضع الانتاج العلمي إلى قواعد السوق وأنها تلغي استقلالية عملية إنتاج المعرفة، واستقلالية المؤسسة التي يتم فيها انتاج المعرفة التي تتبنى هذه العقيدة، أي أنها تخلق عقلا أكاديميا مستعمرا.

فيما تطرق  د. ماهر الحشوة، أستاذ التربية في جامعة بيرزيت في مداخلته إلى نقطة قبولنا بالتاريخ الغربي وماذا نعني بالأكاديمي أو بإنتاج المعرفة وانعكاسته على معاييرنا.

وقال الحشوة: "انتقادنا للهيمنة الغربية لا يعني الانقطاع عنها، نحن ندعي أنها ليست عالمية كفاية وبالتالي يجب أن نشارك حتى تصبح حقا عالمية".

وتحدث الحشوة عن أنواع المعرفة الأربعة التي قسمها المفكر الأمريكي إرنست ويونغ وهي: إنتاج المعرفة الذي يركز على الاكتشاف، والناتج في هذا النوع من الأبحاث يكون في دوريات محكمة، وانتاج المعرفة الذي يركز على التكامل بمعنى ايجاد روابط ما بين التخصصات، والانتاج الذي يركز على التطبيق، من خلال استخدام التخصص او المعرفة فيما يفيد المجتمع، كتطوير سياسات أو تقارير معينة، وأخيرا انتاج المعرفة الذي يركز على التعليم.

واقترح د. ماهر نوعا خامسا يتماشى مع حالتنا وهو المعرفة المرتبطة في الترجمة، معتبرا أنها عمل أكاديمي جاد وصعب ويحتاج إلى متخصص.

بدورها، تحدثت د. ريتا جقمان، أستاذة الصحة عن  بعض عواقب استعمال النهج التابع للمنظومة الانجليزية التي يقع فيها معظم الشعوب ويتحدثون عنها في أدبياتهم، وما ينتج عنه من عدم قراءة للمنتوج العلمي وتجاهل جودته وملائمته لاحتياجات وأولويات المحلية والإقليمية.

واعتبرت جقمان أنه بذلك أصبحنا تابعين لأفكارهم ونظرياتهم وطرق بحثهم التي أحيانا ما تكون غير ملائمة لوضعنا، والأسوأ من ذلك أنها تفسر الوضع الفلسطيني وسلوك الفلسطينيين باستعمال أطر خاطئة وعنصرية.

من جهته تحدث د. عاصم خليل، عميد الدراسات العليا عن معايير الترقية والتثبيت في جامعة بيرزيت وكيف يمكن مصالحة استنتاجات الزملاء الثلاث مع ما وجد في تلك التعليمات التي تشكل أساسا للممارسة من قبل لجنة الترقية والتثبيت من جهة والتي لا يمكن فهمها خارج الإطار العام الأشمل لممارسات تتميز بها جامعة بيرزيت؛ كما لا يمكننا أن نستخدمها لفهم الجامعات الأخرى بسبب غياب شبه كامل لتحليل الإطار العام الذي تعمل به جامعة بيرزيت وكيف تتشابه وتختلف مع غيرها من الجامعات الفلسطينية والعربية. وبالتالي كيف يمكن لهذه المقالة أن تشكل أساسا للتغيير في جامعة بيرزيت باتجاهات نتفق عليها فنبدأ بمراجعة التعليمات الناظمة للترقية ولا تنتهي بها، حيث ينبغي أيضا الاهتمام بممارسات لجنة الترقية والتثبيت وطريقة عملها وأيضاً بالوضع العام لجامعة بيرزيت ومدى احتكامها وكافة أفرادها وأجسامها للقانون في عمله.