الحدث- سوار عبد ربه
"فلسطين مهد الحضارات والديانات تميزت بموروث ثقافي متنوع ومميز وثري ومتراكم ويكتنز رصيدا ومخزونا حضاريا وتاريخيا متجذرا في عمق التاريخ يحمل بين طيات عصوره مسيرة حياة شعب في كافة مجالات الحياة، تعرض موروثنا الثقافي والتاريخي إلى التشتت والترحيل والنهب والسرقة والتزييف وطمس معالمه وتهريب هويته بهدف إحلال الرواية الصهيونية الكاذبة لتكون بديلا عن روايتنا التاريخية الاصيلة" بهذا الكلمات افتتح فواز سلامة ندوة عقدت اليوم ضمن فعاليات معرض فلسطين الدولي للكتاب بعنوان "المكتبة الوطنية ودورها في حفظ حقوق الملكية الفكرية".
وأكد سلامة على أنه رغم كل ما يتعرض له الموروث الفلسطيني إلا أنه ظلّ بكل مرتكزاته وبحقيقته شاهدا على حقنا القانوني والتاريخي في الوجود وعزز قدرة شعبنا على صموده الأسطوري.
وقال: هذا الموروث الضخم يحتاج إلى مسؤولية كبيرة في تجميعه وتعميمه وحفظه لنقل تفاصيل الأحداث التاريخية والنشاط الإنساني في كافة مجالاته الحياتية بزمانه ومكانه وشخوصه.
وشارك في الندوة التي أدارها فواز سلامة كل من رئيس المكتبة الوطنية عيسى قراقع، والباحثة المختصة في مجال المكتبات والمعلومات البيوغرافية رندة كمال.
واستهل قراقع حديثه بإجابة على سؤال طرح عليه ذات يوم عن توثيق كتابات الأسرى في الفكر والأدب والأبحاث منذ بداية الحركة الأسيرة، وصعوبة الوصول إليها وقال: يوجد إنتاج غزير مشتت ومبعثر لكن لو كان يوجد لدينا فهرس وطني أو نظام إيداع لن تتغلب، هذا مثال لأهمية المكتبة الوطنية الفلسطينية في تنظيم المشهد الثقافي الفلسطيني الذي هو للأسف مبعثر ومشتت ربما لخصوصية وضع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
وأشار قراقع إلى أنه جرت محاولات قديمة منذ عهد الرئيس الراحل أبو عمار من أجل إنشاء المكتبة الوطنية ولكن كانت هذه المحاولات تجد طرقا مسدودة نتيجة الوضع الداخلي أو بسبب الاحتلال.
وأضاف: في غزة دمروا المكتبة الوطنية للحوراني، ومركز الدراسات الفلسطيني في القدس، بيت الشرق نهب، ومازال محتجزا في حاويات سجن المسكوبية حتى الآن، كذلك مركز الدراسات الفلسطيني في بيروت وما جرى عليه من مأساة كبيرة لهذه الكنوز والكتب والدراسات الهامة التي تبعثرت، بعضها تُلف وبعضها ضاع، وبالتالي في فلسطين أن تنشئ مكتبة فلسطينية تحت الاحتلال يعني مثل ما تقول إنك ستعمل دولة فلسطينية تحت الاحتلال.
وأكد قراقع على صعوبة الموضوع بسبب الكثير من المعوقات والتهديدات التي يتعرض لها هذا المشروع، معتبرا أن البدء بهكذا مشروع كان يجب أن يحدث منذ زمن، وبجدية نظرا لأهمية جمع تراثنا ومنتوجنا الثقافي من كل مكان عبر كافة العصور الداخلية.
ويرى رئيس المكتبة الوطنية أن المكتبة الوطنية هي حارس للهوية الفلسطينية وحارسة للذاكرة الفلسطينية وهي مشروع مقاومة وليس مشروعا ثقافيا، لأنها تواجه التهديد الإسرائيلي والرواية الإسرائيلية، كما أنه يشوه الحكاية والسردية الفلسطينية، وينهب كل تراثنا الفلسطيني المكتوب والسمعي والبصري.
وتطرق قراقع إلى السرقات التي مارسها الاحتلال بحق الموروث الفلسطيني، فبعض منه نهبه الاحتلال عام النكبة، خاصة ما هو موجود في الكتب التي حملت في شاحنات وأكياس وما زالت محتجزة ومقيدة في الأرشيفات العسكرية الإسرائيلية، وجزء منها موجود في المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
بدورها قالت الباحثة المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات والبيوغرافية رندة كمال إن المكتبة الوطنية هي من أهم المراكز الحكومية في أي دولة في العالم، و في الحروب التي تحصل في أي دولة في العالم، تكون المراكز الثقافية أول الأمكان استهدافا.
واعتبرت كمال أن تطور الشعوب مرهون بمدى قراءتها لتاريخها فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل.
وتطرقت كمال إلى الحقوق الملكية الفكرية التي عرفتها على أنها إبداعات العقل من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات وأسماء وصور مستخدمة في التجارة، وهي محمية قانونا، منها براءات الاختراع والعلامات التجارية التي تمكن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكاراتهم واختراعهم.
وترى كمال أنه يجب وجود قانون حق ملكية، لأنه يشجع الكاتب والمبتكر على الإنتاج لإدراكه بأن ما يقومون بإنتاجه محمي بالقانون لو تعرض للسرقة.