الجمعة  22 تشرين الثاني 2024

عن مدينة يافا المحتلة.. حوار مع سعاد العامري حول رواية “Mother of strangers” (صور)

2022-10-17 10:26:32 AM
عن مدينة يافا المحتلة.. حوار مع سعاد العامري حول رواية “Mother of strangers” (صور)
سعاد العامري| تصوير: إيهاب عاروري

الحدث- سوار عبد ربه

عام 1968 حصل محمد العامري على تصريح لزيارة منزله المسلوب في يافا، وعندما ذهب إلى هناك، فتحت له الباب مستوطنة إسرائيلية أخبرها بأنه يرغب في رؤية المنزل وأخذ صورة والدته التي ظلت معلقة على الحائط، لكنها رفضت وهددته باستدعاء الشرطة في حال لم يغادر المنطقة خلال دقيقتين، فعاد مثقلا بحزنه إلى العاصمة الأردنية عمان، تلك كانت القصة التي رواها العامري لعائلته وهو يذرف الدموع على ما ضاع منه، ومن البلاد، فحملتها ابنته سعاد في ذاكرتها سنوات طويلة، وفي قلبها أيضا، إلى أن اتخذت قرار مواجهة حقيقة الفقدان ودموع والدها، والذهاب لزيارة المنزل عام 2018، فتمت الزيارة، التي أسفرت عن ولادة رواية "بدلة إنكليزية وبقرة يهودية" هو ذاته كتاب “Mother of strangers”، "أم الغريب" المكتوب باللغة الإنجليزية إلا أن الأمريكيين رفضوا التسمية الأصلية له، وطالبوا بتغييره.

تذهب الرواية التي ترجمتها الشاعرة والمترجمة هلا شروف رفقة العامري، إلى مدينة يافا عام 1947 لتحكي قصة صبحي الفتى "الفلتة" في الميكانيك، ذو الـ 15 عاما، والذي يتمكن من إصلاح نظام الري في بيارات برتقال الخواجة ميخائيل، الذي كان قد وعده ببدلة إنكليزية "صوف من مانشستر، كجائزة له، لتصبح هذه البدلة حلما لصبحي، ليرتديها في حفل زفافه من شمس.

وقالت الكاتبة في جلسة نقاش الرواية الصادرة عن "المتوسط" التي جرت أمس الأحد في المتحف الفلسطيني ضمن فعاليات البرنامج المعرفي في المتحف، والتي أدارتها الكاتبة تانيا ناصر، إن أحداث الرواية تبدأ قبيل النكبة، حيث كانت مدينة يافا في أوجها، تستقبل أغنياء بيروت ودمشق، وعمالا من كافة الدول العربية المجاورة، حتى سميت "أم الغريب"  وكذلك تقام فيها حفلات لأم كلثوم، وفيها من المقاهي ما لا يعد ويحصى.

ووفقا للعامري تتبع الرواية في 312 صفحة قصة الغرام بين الطفلين صبحي (15 عاما) وشمس (13 عاما) بعد لقائهما في بلدة النبي روبين الواقعة جنوبي يافا في موسم الاحتفالات والفعاليات التي تجري في البلدة كعادة سنوية آنذاك، وما تمر به الشخصيتان الرئيسيتان من عثرات تعكر حياتهما بلحظة تاريخية حاسمة، مملوءة بأحداث حقيقية، كما نقرأ فيها عن صعود يافا وتحولها إلى مدينة مهمة، وصولا للاحتلال والتهجير وحياة من رحلوا ومن ظلوا.

والعامري هي معمارية وكاتبة فلسطينية ولدت عام 1951، ونالت شهادة الدكتوراه من جامعة أدنبرة في اسكتلندا.

وعند سؤالها عن انتقالها من الهندسة المعمارية إلى كتابة الروايات، أوضحت العامري أنها تعتبر نفسها حكواتية، تجيد سرد القصص وتستمتع في ذلك، وما ساعدها أيضا أنها تمتلك ذاكرة قوية في حفظ الحوارات وربطها بالأماكن، لذا للمكان حصة كبيرة في رواياتها، وكونها معمارية سهل عليها بناء المكان ضمن أحداث الرواية.

وحول الصعوبات التي واجهتها الكاتبة أثناء إعداد الرواية، قالت العامري إنها اعتادت في كافة كتابتها على التواجد كشخصية رئيسية في الرواية، إلا أنها بدأت التخلص من نفسها في آخر روايتين كتبتهما، الأمر الذي صعب عليها مهمة الكتابة، لأنها تحكي قصة حقيقة تفصيلية عن أشخاص لا تعرفهم، وتحاول الدخول في عواطفهم، للخروج بأفضل ما يمكن، سيما وأن فكرة الرواية بالأساس كانت لتوثيق حكاية والدها الذي عاد لزيارة منزله المسلوب، ورحلتها إلى يافا بعدما قررت مواجهة حقيقة الخسارة، إلا أنها تحولت للحديث عن شخصيتين مختلفتين.

وعام 2004 نشرت سعاد العامري أول رواية لها بعنوان "شارون وحماتي" وقد ترجمت إلى عشرين لغة، وحصلت على العديد من الجوائز الأدبية ثم تلتها عدة كتب أخرى منها "مراد مراد"، و"غولدا نامت هنا"، و"دمشقي"، ولها أيضا مؤلفات عدة عن العمارة في فلسطين وغيرها.

وللعامري رؤية خاصة حول الأدب الفلسطيني وما يجب أن يكون عليه، فهي ترى أننا فلسطينيا لم ننجح في أنسنة رواياتنا والوصول إلى الإنسان بطريقة عالمية.

تقول العامري: "نحن كفلسطينيين لم نعالج خساراتنا الشخصية، بل نكتب دائما عن العموميات، ونخجل من الكتابة عن قصصنا الخاصة، في حين أن "اليهود" يصنعون قصصا من أبسط الأمور كفقدان لوحة أو آلة بيانو أو غيرها، على عكسنا نحن الذين فقدنا المكان وكل ما يحتويه من تفاصيل وذكريات، موضحة أنه عندما نبدأ بالكتابة عن قصصنا الشخصية سنصل إلى الإنسان بطريقة عالمية لأن القصص لن تعود مقتصرة على فلسطين فقط، بل تصبح القضية الأساس هي الفقدان.

وتردف: "لا بد من القضايا السياسية في الروايات، سيما وأن لها الأثر على مجريات الأحداث بين الشخصيات والأماكن، لكنني في رواية "بدلة إنكليزية وبقرة يهودية" رغبت في أن يتتبع الناس قصة غرام الطفلين، والقضايا السياسية تأتي في الرواية كخلفية.  

وحول هذا قالت تانيا ناصر في مداخلتها "إننا في المجتمعات العربية ليس جزءا من هويتنا أن نركز على الأمور الشخصية، بل نصب تركيزنا على الواقع السياسي المرير الذي نعايشه كمجتمعات، فيصبح الفرد وحياته الشخصية مطموسة بين المجموعة، الأمر الذي يجب إعادة النظر فيه عند الكتابة".