الأحد  22 كانون الأول 2024

الحصاد الثقافي الفلسطيني في 2022: مكتبة سمير منصور تنهض من تحت الركام وعودة معرض الكتاب الدولي

2022-12-29 11:21:57 AM
الحصاد الثقافي الفلسطيني في 2022: مكتبة سمير منصور تنهض من تحت الركام وعودة معرض الكتاب الدولي
مكتبة سمير منصور

الحدث الثقافي

شهدت الحياة الثقافية في فلسطين خلال عام 2022، مجموعة من الأنشطة المتنوعة، كان أبرزها معرض فلسطين الدولي للكتاب، وإعادة افتتاح مكتبة سمير منصور في قطاع غزة بعد أن دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة.

كما شهد العام الحالي تتويجا لإبداعات فلسطينية، ولمبدعين فلسطينيين محليا وعالميا، بالإضافة لمشاركات فلسطينية في محافل عالمية.

ويستعرض هذا التقرير أبرز الأحداث الثقافية التي جرت على مدار 12 شهرا.

معرض الكتاب

بعد انقطاع دام لأربع سنوات بسبب جائحة كورونا، وعلى مدار 11 يوما، استقطب معرض فلسطين الدولي الثاني عشر للكتاب، آلاف الزوار، في مكان تنظيمه بالمكتبة الوطنية في رام الله.

وافتتح المعرض الذي كانت تونس ضيفة الشرف فيه لهذه الدورة، بتاريخ 14 أيلول 2022، واستمر حتى 24 من الشهر ذاته بمشاركة 350 دار نشر وتوكيل، ومؤسسات، بالإضافة لمجموعة كبيرة من البلدان.

كما شارك في فعاليات المعرض قرابة 150 أديبا وكاتبا فلسطينيا وعربيا في مجموعة من الندوات الثقافية والفكرية، والفعاليات التابعة لفضاء الأطفال.

وفي حينها، قال وزير الثقافة الفلسطيني، عاطف أبو سيف، في لقاء خاص مع صحيفة الحدث، إن معرض فلسطين الدولي للكتاب، جاء بعد أربع سنوات من الانقطاع بسبب جائحة كورونا وفي ظل التصعيد الإسرائيلي والتضييقات والحصار المفروض على أبناء شعبنا في قطاع غزة.

وأضاف أبو سيف، أن المعرض يشكل نافذة ثقافية تفتح من فلسطين إلى العالم، ننشر من خلالها الثقافة والكتاب الفلسطيني وأيضا نأتي بالكتاب والثقافة العربية والعالمية إلى فلسطين.

وتابع وزير الثقافة: "هناك مشاركات عربية كبيرة من أكثر من دولة، وهذا المعرض هو أكبر حدث ثقافي منذ الانتفاضة الثانية، يشهد تجمع المثقفين العرب والكتاب والناشرين مع نظرائهم الفلسطينيين".

وأكد الوزير أبو سيف، على أن هذا ليس مجرد معرض كتاب إنما حدث ثقافي وفعالية ثقافية كبرى شاملة، مركزها الكتاب، نسعى من خلالها لتشجيع طباعة الكتاب، ونشره، وتأليفه.

وجرى إطلاق العديد من الكتب والروايات على هامش المعرض، بالإضافة لتقليد الروائي والأديب عبد الله تايه وسام الثقافة والعلوم والفنون ومستوى الإبداع، وذلك تقديرا لدوره الطليعي في إثراء الإبداع الثقافي الفلسطيني وتثمينا لإنتاجه الأدبي الذي يجسد معاناة شعبنا ويوثق الرواية الوطنية ويدافع عن حقوق شعبنا، كما قال وزير الثقافة.

مكتبة سمير منصور

كانت مكتبة سمير منصور التي تعد الأكبر في قطاع غزة، ضمن بنك الأهداف في الحرب الأخيرة على غزة، إلا أن منصور ورفاقه أعادوا افتتاح المكتبة، ونهضت مجددا "كالعنقاء" من تحت الركام كما جاء في مطبوعات الافتتاح الذي جرى في شباط الماضي.

وضمن مظاهر التحدي والصمود التي سطرها منصور بعد تكبده خسارة بقيمة 700 ألف دولار وما يقارب 100 ألف كتاب، جراء القصف، أوضح صاحب المكتبة  لصحيفة الحدث أن المبنى الجديد جاء على مساحة 1000 متر مربع، بعدد كتب يصل إلى 300 ألف كتاب، أي أضعاف مضاعفة من المساحة السابقة ومن عدد الكتب السابق.

وقال منصور إن المكتبة الحالية تخدم جميع فئات الشعب من الطفل الصغير، حتى الأكاديميين في الجامعات الذين يدرسون الدراسات العليا، منوها أنها مكتبة لكل الشعب، وغيابها خلق نقصا في المشهد الثقافي في قطاع غزة.

وشدد منصور على أن الاحتلال واهم إن ظن أنه قادر على استهداف الثقافة الفلسطينية المتجددة وتحديدا في القطاع. 

مهرجانات

شكلت المهرجانات القسم الأكبر من المشهد الثقافي للعام الحالي، ذلك لأن الفن لطالما كان مكونا أساسيا في تشكيل الهوية والتعبیر النفسي والثقافي والاجتماعي عن ذلك الوجود المتجذر في الأرض، كما لعب أدوارا متعددة في الحفاظ على الموروث الثقافي الجمعي

ومن أبرز المهرجانات التي نظمت لهذا العام، مهرجان أيام فلسطين السينمائية الدولي، الذي تنظمه مؤسسة "فيلم لاب فلسطين".

وكانت فعاليات المهرجان انطلقت في خمس مدن فلسطينية في الأول من تشرين الأول الماضي، بمشاركة نخبة من الأفلام المحلية والعربية والعالمية، الطويلة والقصيرة الحائزة على جوائز عالمية، والتي تعرض لأول مرة في فلسطين، بالإضافة إلى برنامج أفلام خاص بالأطفال والعائلة.

أما مهرجان  فلسطين الدولي بنسخته الحادية والعشرين للعام 2022، فكان شعاره لهذا العام "صرارة بتسند حجر" وقالت مديرة المهرجان إيمان حموري في حينها "إن شعار هذا العام يأتي اتساقا مع شراكاتنا القطاعية الواسعة مع العديد من المؤسسات المجتمعية العاملة على مختلف الأصعدة في تمتين النسيج المجتمعي الفلسطيني، إذ نرى أنفسنا، كمؤسسة، جزءا أصيلا من التشكيلة المجتمعية، ونستقي من نبض المجتمع ما يوجه عملنا".

واستضاف المهرجان الذي يشكل وسيلة ثقافية فنية إبداعية للتواصل مع العالم منذ عام 1993، كوكبة من المغنين والفرق الفنية المحلية والعربية.

وفي القدس، أطلق مركز يبوس الثقافي في القدس، مهرجان القدس 2022، تحت شعار "انهضي يا قدس"، بمشاركة فرق غنائية وموسيقية ومسرحية، مؤلفة من 20 فنانا من مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية، يتناولون في أعمالهم قضايا متعددة، منها الحرية والإنسانية والبيئة والطبيعة.

جوائز ومشاركات عالمية

شهد هذا العام تتويجا للعديد من الإنتاجات الأدبية والفنية بجوائز محلية وعالمية، كان آخرها فوز عرض "الشاطئ الآخر" ممثلا عن دولة فلسطين في مهرجان ليالي مسرح الصحراء الدولية في ولاية أدرار بالجزائر، وحصوله على مجموعة جوائز.

أما عن جوائز دولة فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الانسانية للعام 2022، فوزعت على النحو التالي:

اولًا: جائزة فلسطين التّقديريّة عن مجمل الأعمال منحت للروائي وليد سيف.

ثانيًا: جائزة فلسطين للآداب، منحت للروائي وليد الشرفا عن رواية أرجوحة من عظام، والشاعر والكاتب خالد جمعة عن مجموعته الشعرية قمر غريب فوق صانع النايات.

ثالثًا: جائزة فلسطين للدراسات الاجتماعيّة والعلوم الإنسانيّة، لكل من الكاتب والصحفي عمر نزال عن كتاب "كباسيل"، والباحثة نور بدر عن كتابها هندسة الاضطهاد سياسة التحكم بالأجساد الصامتة.

رابعًا: جائزة فلسطين للفنون، منحت للفنان والمخرج المسرحي غنام غنام عن فرع المسرح عن أعماله المسرحية، مسرحية "بأم عيني عام 1948"، والفنان التشكيلي محمد الجالوس عن معارضه الثلاثة الأخيرة 2019 - 2022.

خامسًا: جائزة فلسطين للمبدعين الشباب، منحت للفنانة ريم نبيل مصري عن معارضها التشكيلية 2020 – 2022.

فيما فازت الباحثة الفلسطينية د.أشجان عجور من غزة، بجائزة (الكتاب الفلسطيني العالمية للعام 2022) لفئة الكتب الأكاديمية، والتي تنظمها مؤسسة ميدل إيست (مونيتور) عن كتابها "استعادة الإنسانية في تجربة الإضراب عن الطعام في فلسطين: الذات الثورية وإنهاء استعمار الجسد".

وفي السادس عشر من أيار الجاري حاز المقدسي حسام أبوعيشة على جائزة أفضل ممثل عربي، ضمن الدورة الرابعة لمهرجان قرطاج الدولي لمسرح المونودراما الذي أقيم في العاصمة تونس، وفي حينها قال في لقاء خاص مع صحيفة الحدث إنه حصل على جائزة أفضل ممثل عربي، عن دوره في مسرحية قهوة زعترة، حيث وقع الاختيار على المقدسي أبو عيشة كأفضل فنان عربي، من بين 14 دولة مشاركة في المسابقة الرسمية.

وحصل المدير الفني أحمد طوباسي على جائزة أفضل إخراج والممثل معتصم أبو حسن على جائزة أفضل ممثل، من فريق مسرح الحرية من مخيم جنين عن عرض مسرحية "الفيل"، ممثلا لفلسطين وذلك في مهرجان مسرح الشارع الشبابي في بغداد.

وحصدت الفنانة التشكيلية ميرنا جاسر، لقب أفضل فنانة تشكيلية عربية في العالم عن فئة الفن السريالي 2021 المرتبة الأولى، ولقب أفضل عمل تشكيلي عربي في العالم عن فئة الفن السريالي 2021، وذلك في بطولة كأس العالم للمبدعين العرب، جائزة المجموعة العربية العالمية فرع لندن 2021.

وفي جانب المشاركات العالمية، رشحت دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت صدرت رواية "حكاية جدار" للأسير الفلسطيني ناصر أبو سرور، الصادرة عنها، لجائزة البوكر للرواية العربية لعام 2023.

فيما اختير فيلم "حمى البحر المتوسط" لتمثيل فلسطين رسميا ضمن منافسات الدورة الـ 95 لجائزة الأوسكار عام 2023 عن فئة الأفلام الدولية.

كما انضم الكاتب الفلسطيني رجا شحادة، إلى قائمة المجموعة الثانية من كتّاب RSL الدوليين، في الجمعية الملكية للأدب، وبهذا أصبح أول فلسطيني ينضم للقائمة التي تحوي أسماء أدبية عالمية كبيرة.

رحيل كتاب وفنانين

وإلى جانب الإنجازات الكبيرة التي حققها المثقفون الفلسطينيون، شهد العام الحالي، غياب لعدد من القامات الثقافية، ومن أبرز تلك الغيابات رحيل الروائي والقاص والناقد فاروق وادي، والكاتب فيصل حوراني، والشاعر حنا أبو حنا، والفنانة التشكيلية لطيفة يوسف، والمخرج السينمائي غالب شعث، والروائي والقاص غريب عسقلاني، الفنان التشكيلي الفلسطيني الكويتي طارق الغصين، الممثل الفلسطيني السوري بسام لطفي أبو غزالة.