الحدث الفلسطيني- أرشيفنا
في عام 1939، في شباط، عقد مؤتمر لندن، الذي دعت إليه الحكومة البريطانية للتخطيط لحكم فلسطين في المستقبل.
امتد المؤتمر على مدار عشرة أيام من 7 -17 شباط 1939، على شكل سلسلة من الاجتماعات التي عقدها وزير المستعمرات البريطاني، مالكوم ماكدونالد، مع وفد عربي وآخر يهودي لمناقشة كيفية حكم فلسطين. غير أن المؤتمر الذي وصل إلى طريق مسدود بعد خمسة أسابيع، أعلنت عندها بريطانيا عن مقترحات نشرت في وقت لاحق بوصفها الكتاب الأبيض لعام 1993.
وكانت الأنظمة العربية الخمس المدعوة هي ممالك مصر، والعراق، والسعودية، واليمن، وإمارة شرق الأردن وكلها تحت تأثير الانتداب البريطاني. وقد كان لكل من مصر والعراق والسعودية دور فعال في إنهاء إضراب عام 1936.
وترأس الوفد العربي الفلسطيني جمال الحسيني وتألف من عوني عبد الهادي، وحسين الخالدي، وألفريد روش، وموسى العلمي. ورافقهما جورج أنطونيوس وفؤاد سابا اللذان كانا للعمل كسكرتيرين.[19] كان المندوب المصري كل من ماهر ماهر والعراق ممثلا برئيس وزرائه نوري السعيد.[20] كان السعوديون ممثلين بالأمير فيصل والأمير خالد، ملوك السعودية في المستقبل.
قدم جمال الحسيني في 9 فبراير الموقف العربي المتمثل في:
وترأس وفد الوكالة اليهودية حاييم وايزمان، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، ولكنه كان ديفيد بن جوريون، زعيم الوكالة اليهودية، الذي هيمن على صنع القرار.
لخص وايزمان وقف الوكالة اليهودية إلى التالي:
وأعرب الوفد عن استعداده لقبول تقسيم البلد، على النحو الذي أوصت به لجنة بيل، ولكنه على استعداد للاحتجاج. وقد أقنع زعيما اليهود الرئيسيين، تشاييم وايزمان وبن غوريون، المؤتمر الصهيوني بالموافقة على توصيات بيل الملتبسة كأساس لمزيد من المفاوضات.
نتائج المؤتمر
قبل يومين من نهاية المؤتمر بدأ جيش هتلر احتلاله لتشيكوسلوفاكيا.
وكانت المقترحات النهائية للأمين العام، التي نشرت في 17 مايو 1939، كما يلي:
هناك حدود للهجرة اليهودية على مدى السنوات الخمس التالية التي سيتم بعدها تحديد عدد منها بالاتفاق مع العرب الفلسطينيين، وفرض قيود على ما يمكن ليهود البلاد شراء أراضيهم منه.
إدخال الفلسطينيين، يهودا وعربا، تدريجيا في وظائف إدارية عليا.
بعد فترة من عشر سنوات، سينقل البريطانيون جميع السلطات إلى حكومة تمثيلية.
وكانت هذه المقترحات مشروطة بإنهاء العنف في فلسطين. وإذا لم يتم التوصل بعد عشر سنوات إلى اتفاق بشأن شكل الحكومة فإن بريطانيا ستعيد النظر في الوضع.
وقد سمعنا مما جرى إلى الآن، ما يجعلنا نوقن أن حق العرب سينتصر في النهاية، بإذن الله تعالى على باطل الصهيونيين
وبعد مغادرة الوفود لندن، بذل البريطانيون محاولة أخرى للحصول على موافقة عربية باقتراح تسريع نقل السلطة، والمشروط بوضع حد للعنف، وإشراك عصبة الأمم إذا لم تكن الظروف المناسبة للاستقلال بعد 10 سنوات في شهر مايو، أعلن وفد اللجنة الوطنية العليا رفضه للكتاب الأبيض، مع قيام أمين الحسيني بفرض القرار على أغلبية المندوبين الذين يؤيدون قبوله.
وفي 17 أبريل، أعلن الهستدروت بدء حملة ضد هذه المقترحات. وفي الشهر الأول بعد اختتام المؤتمر دخل أكثر من 1700 مهاجر يهودى غير شرعى فلسطين. واستمرت الهجمات اليهودية على العرب وممتلكات الحكومة خلال فصل الصيف.
صحيفة الجهاد وتغطية مؤتمر لندن
أفردت صحيفة "الجهاد" الفلسطينية، تغطية خاصة لمؤتمر لندن خلال فترة انعقاده. وكانت في كثير من الأحيان تغطية متفائلة بإمكانية خروج المؤتمر بنتائج إيجابية، وبأنه قد يسفر عنه إنشاء حكومة فلسطينية دستورية تقرر بشأن فلسطين.
فيما يلي نص نشرته صحيفة الجهاد في العدد 18، بتاريخ يوم الأحد 12 شباط 1939.
بإذن الله تعالى سينتصر الحق ولو كره المبطلون
مشروع يقره تشامبرلن ...إذا فشل المؤتمر
أما كون هذا المؤتمر المعقود الآن في لندن من اجل فلسطين، سينتهي إلى عدم التراضي بين الصهيونية-العالمية- الدولية، وبين العالمين العربي والأمسلامي فأمر لا شك فيه.
وأما هل ستنتصر هذه الصهيونية بباطلها على العرب المحقين فهذا هو الأمر الذي نرقب سماعه من مؤتمر لندين، بين آونة وأخرى. وقد سمعنا مما جرى إلى الآن، ما يجعلنا نوقن أن حق العرب سينتصر في النهاية، بإذن الله تعالى على باطل الصهيونيين.
ذلك لأن أقرب الحلول إلى المنطق، وإلى العدل هو ما فهمه مكاتب زميلتنا "الأهرام" الغراء في لندن من محادثات مع أوثق المصادر الإنكليزية من أن انجلترا: "أصبحت شاعرة بفشل المحاولة اليهودية..وشاغرة بحاجتها إلى صداقة العالمين العربي والإسلامي، ولكنها تجاه "الضغط اليهويدي" تحاول أن تقف عند الأسس التالية:
أولاً: إنساء حكومة دستورية في فلسطين.. تقدم هي بنفسها ما تراه من قواعد وقيود للهجرة اليهودية.
ثانياً: السماح- من قبل الحكومة الفلسطينية الدستورية- بهجرة محدودة يتفق عليها في فترة الانتقال.
ثالثاً: لا يتمتع المهاجرون في فترة الانتقال هذه بحقوق المواطنين... بل يكونون كالهيود اللاجئين إلى البلاد الأخرى.
ومن هنا فقط، نفهم أن الحق الفلسطيني، بإذن الله تعالى، سينتصر على الباطل الصهيوني ولو كره المبطلون.
****
والآن دعنا ننتقل إلى آخر ما جاء من الأنباء في الليل، ونشرناه هنا في باب (الساعة الأخيرة) فإنكم يا معشر القراء ستجدون فيه ما يبهج الأفئدة أو ما يدل على صحة ما قيل إن الحق يعلو ولا يعلى عليه.
وفي هذه الأثناء – وقد نشرتها "الديلي ميل" كبرى صحف اللورد روذرمير في عددها الصادر بتاريخ الأمسر- إن تشامبرلن رئيس الوزارة البريطانية، الرئيس الذي استحق عن جدارة واستحقاق لقب "رسول السلام" في هذا العصر، سيتصل شخصياً بالمندوبين العرب واليهود، كما سبق له أن اتصل شخصياً بالهر هتلر، وبالسنيور موسوليني، ثم يبحث مع الفريقين، حل المعضلة الفلسطينية. فإذا آنس من جانب اليهوديةي- العالمية ازوراراً عن الحق، كما هو المنتظر من مندوبيها، فإنه سيخرج على المؤتمرين بمشري "سلمي" أقره، وقرر تطبيقه في حالة فشل المؤتمر، فبماذا يقضي هذا المشروع؟
انه يقضي بإنشاء دولة عربية مستقلة في فلسطين.
-وكفى الله المؤمنين شر القتال.