الأحد  22 كانون الأول 2024

أحمد قريع.. بين أوسلو وخطط فلسطينية إسرائيلية لم تنفذ

2023-02-23 10:02:59 AM
أحمد قريع.. بين أوسلو وخطط فلسطينية إسرائيلية لم تنفذ
أحمد قريع والرئيس الراحل ياسر عرفات

شخصيات وأحداث

توفي ليلة أمس الأربعاء، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، أحمد قريع "أبو العلاء" عن عمر ناهز 85 عاما في مستشفى بمدينة رام الله.

وقريع، مولود عام 1937 في بلدة أبو ديس جنوب شرقي مدينة القدس، وأصبح نائبا عن المحافظة في كانون الثاني عام 1996، كما شغل في العام ذاته، منصب رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني وأعيد انتخابه لهذا المنصب ثلاث مرات متتالية.

"مهندس أوسلو"

انتسب قريع لحركة فتح عام 1968، وكان عضوا في كل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح، وتقلد العديد من المناصب من بينها وزير الاقتصاد.

ويعتبر قريع، المهندس الرئيس لاتفاقات أوسلو عام 1993، حيث ترأس الوفد الفلسطيني خلال المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية في أوسلو.

وفي مقابلة جرت معه عام 2018 قال الراحل عن اتفاق أوسلو إنه "جيد للطرفين لو تم الالتزام بأمانة بتطبيقه، وكان من الممكن أن يوفر سلاما حقيقيا بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

يشار إلى أن قريع أصدر كتابا بعنوان "السلام المعلق"، سرد فيه 'الرواية الفلسطينية الكاملة للمفاوضات من أوسلو إلى خريطة الطريق'، حيث تناول القسم الأول منه 'مفاوضات أوسلو 1993'، أما القسم الثاني فتناول 'مفاوضات كامب ديفيد: طابا واستكهولم 1995 ـ 2000'.

وكان قريع مكلفا من قبل الرئيس ياسر عرفات بإدارة المفاوضات المهمة مع "إسرائيل"، إذ شغل منصب المنسق العام للوفود الفلسطينية للمفاوضات متعددة الأطراف، كما ترأس الوفد الفلسطيني في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي التي أدت إلى التوقيع على اتفاق باريس الاقتصادي في باريس عام 1994، بالإضافة لترأسه الفريق الفلسطيني في المفاوضات التي أدت إلى التوقيع على اتفاقية المرحلة الانتقالية عام 1995، كما ترأس الوفد الفلسطيني في لجنة التوجيه لتنفيذ هذه الاتفاقية.

وترأس الوفد الفلسطيني في مباحثات الحل النهائي مع الإسرائيليين خلال مفاوضات استوكهولم وشارك في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000. وترأس فريق المفاوضات الفلسطيني في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في طابا عام 2001، كما ترأس فريق المفاوضات الفلسطيني في مفاوضات الوضع النهائي التي انطلقت بعد مؤتمر أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط عام 2007.

13 عشر جلسة مع نتنياهو

عام 1998، وقعت الولايات المتحدة على مذكرة عرفت بـ"واي ريفر"، نتجت عن 13 جلسة متتالية بين قريع ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ونصت على الانسحاب من أراض فلسطينية إضافية، إلا أن إسرائيل أعادت احتلال معظم الأراضي التي انسحبت منها بموجب المذكرة.

كما أن قريع كان من أوائل المسؤولين الفلسطينيين الذين التقوا أرئيل شارون، بعد تشكيل حكومته الأولى عام 2001، كما أجرى مباحثات مع زعيم حزب العمل شمعون بيريز، عندما كان وزيرا للخارجية في حكومة شارون، وكان يتوقع أن ينتج عنها خطة "أبو علاء بيريز" التي تهدف إلى انسحاب إسرائيل من المناطق التي أعادت احتلالها منذ بداية الانتفاضة الثانية، لكنها لم تنفذ.

مؤسسة صامد: أداة اقتصادية للثورة الفلسطينية كما رآها قريع

أسس قريع، مؤسسة صامد "جمعية أعمال شهداء فلسطين" عام 1974، وهي مؤسسة اقتصادية تولت مهمة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية اقتصاديا في الدول العربية، كما شاركت في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية.

بدأت فكرتها الأساسية لرعاية أبناء الشهداء، تعلميهم، ثم تطورت لتشمل الاقتصاد الوطني الفلسطيني.

وفي ورقة صادرة عام 2017 عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات للكاتب صقر أبو فخر بعنوان "قراءة في التجربة الاقتصادية الفلسطينية مؤسسة صامد مثالا" جاء أن المؤسسة كان لها هدفان، الأول تأمين حياة كريمة لأبناء الشهداء من خلال تأهيلهم وإكسابهم خبرات في بعض المهن، والثاني تشغيل أكبر عدد ممكن من أبناء الشهداء ومن فلسطينيي المخيمات، بالإضافة لرفع المستوى المعيشي  والثقافي لأسر الشهداء، ونشر التراث الفلسطيني.

يقول أبو فخر إن المؤسسة هدفت للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، في الحاجات الممكنة للمقاومة الفلسطينية واحتياجات سكان المخيم، وانتدبت نفسها لهذا الهدف، إلا أنه لم يكن واقعيا، كما أنها لم تتمكن من مواجهة الأوضاع السياسية المتفجرة في لبنان، وظاهرة هجرة الشبان إلى ألمانيا وغيرها من الأحداث التي عكرت سيرها.

إلا أن قريع ظل يرى المؤسسة كباعثة للاقتصاد الوطني الفلسطيني، وحتى بعد تدمير معظم منشآتها في لبنان وإفلاس بعض المشروعات الخارجية ظل يردد شعارات مثل "بعد الاقتصاد الوطني الفلسطيني"، "خلق نواة القطاع العام الفلسطيني".

وفي خطاب له أمام المؤتمر الثالث للمؤسسة في عمان عام 1985، قال "إن مؤسسة صامد هي الأداة الاقتصادية للثورة الفلسطينية ونواة قطاعها العام وهي تسعى لتكون (قطاعا عاما) في الشتات، وبناء نواة اقتصاد وطني فلسطيني وإن صامد هي نواة القطاع العام الفلسطيني في المهجر ونواة الاقتصاد الوطني الفلسطيني".

وبحسب أبو فخر "المشكلة الأساسية في المؤسسة أنها كانت ثلاثية العناصر الارتكازية: إنتاجية، تأهيلية، اجتماعية، كما أنها عملت في مجالات مشتتة، ولم تنجح في إقامة إطار تكاملي بين تلك المجالات، مشيرا إلى أن هذه المجالات المتعددة تعجز عن تنسيقها وجمعها مجموعات استثمارية دولية".

يشار إلى أن لقريع مؤلفات عديدة بينها: كتاب بعنوان 'الديمقراطية والتجربة البرلمانية الفلسطينية"، الذي تحدث فيه عن تجربته في رئاسة أول مجلس تشريعي فلسطيني، وكتاب حول "صامد: التجربة الإنتاجية للثورة الفلسطينية" التي أدارها لعدة عقود من الزمن، وكتاب على "حافة الهاوية: مقاربات في الصراع والتنمية والأزمة الفلسطينيّة"، بالإضافة لنشره العديد من الأبحاث الاقتصادية.