الحدث- أدب
تنشر الحدث فيما يلي نصين لأديب محمد بنميلود. وبنميلود كاتب مغربي من مواليد الرباط المغرب 1977، مقيم حاليا في بلجيكا. يكتب الشعر والقصة والرواية والسيناريو. صدرت له رواية بعنوان، الحي الخطير، سنة 2017 عن دار الساقي اللبنانية في بيروت.
(1)
موت العجزة أقل إيلاما..
لا يموتون إلا بعد أن يتحولوا إلى أشجار..
موت هادئ.. طبيعي واعتيادي..
ننتظره أكثر مما ننتظر خلودهم..
العجزة برزخ بين الحياة والموت..
إنهم موتى أحياء..
أحياء موتى..
ترى الموت في عيونهم التي غاصت في محاجرها..
في تغضنات وجوههم العميقة..
في صرير أبوابهم..
في رعشات الأيدي النحيلة وفي كحاتهم في آخر الليل التي من عالم آخر..
رغم ذلك ما زالوا أحياء.. يأكلون..
يشربون ويتمشون ببطء شديد بين غرفة النوم والحمام وبين الحمام والنافذة..
رغم ذلك ما زالوا يخافون من اللصوص..
من القتلة..
ومن العقارب..
أكثر من خوفهم من الموت..
يبدأهم الموت وهم أحياء بالتدريج ودون ألم..
دون أخطاء درامية ودون مباغتة..
ثم.. يذهبون.. أخيرا..
خفيفين.. رشيقين..
العظام لصق الجلد..
الروح لصق الغيوم..
لن تجد الديدان ما تأكله..
لن يجد الموت ما يميته..
في منديل عتيق ومطوي.. تبقى أرواحهم حية..
في تميمة..
في رائحة الحشائش.. وأعشاب التمريض الجافة..
(2)
تصبحين على خير أيّتها الكواكب المُظلمة البردانة، سأغطّيك، بأهدابي..
تصبحين على خير يا أمواج المحيط الأَطْلَسِيّ، تَصلين أخيرًا، مشبعة بتعب القارّات، من جُزُر ليس فيها كنوز، كي تضطجعي على السّاحل، كجثّة الصيّاد الغريق..
تصبح على خير يا جبل إِنِيغْمَارْ الموحش، بقلنسوة الثّلج السّوداء، وشامات جميلة من مغارات وأساطير، وندباتِ أخاديد عميقة، كالعشّار النّادم..
تصبحين على خير أيّتها الصحاري الرحّالة، تسبقين البدو والقوافل التّائهة، إلى السّراب، وكلّ صباح، من هودج الهواء، تفردين قدميك الجميلتين للشّمس، كعروس الطّوارق بعد الحنّاء..