تدوين- إصدارات
تحتل الذاكرة مكاناً أساسيا في الفلسفة وتلعب دوراً مركزياً ليس فقط في تاريخ الفلسفة ولكن أيضاً في فلسفة العقل والإبستمولوجيا والأخلاق. ومع ذلك، لم تنبثق فلسفة الذاكرة بوصفها مجالاً للدراسة والبحث في حد ذاتها إلا مؤخراً. ونظراً لهذا الاهتمام سيصدر قريباً عن دار ابن النديم للنشر والتوزيع ودار الروافد الثقافية- ناشرون كتاب "مرجع روتلدج في فلسفة الذاكرة Routledge Handbook of Philosophy of Memory ". وهو كتاب ضخم يقع في ١٠٧٧ صفحة ومقسّم على تسعة أقسام يكافئ كل منها كتابا بمفرده.
فصول وتقسيمات الكتاب
يعتبر مرجع روتلدج في فلسفة الذاكرة مصدراً مرجعياً ممتازاً فيما يخص السجالات والمشكلات والموضوعات الرئيسية في هذا المجال المثير، وهو تشكيلة فلسفية منوعة هي الأولى من نوعها. كتب فصوله الثمانية والأربعين فريق دولي من المساهمين المتخصصين وجُعلت هذه الفصول تحت تسعة أقسام: طبيعة الذاكرة، ميتافزيقا الذاكرة، الذاكرة والعقل والمعنى، الذاكرة والذات، الذاكرة والزمن، البعد الاجتماعي للذاكرة، إبستمولوجيا الذاكرة، الذاكرة والأخلاق، تاريخ فلسفة الذاكرة.
ضمن هذه الأقسام، حظيت الموضوعات والمشكلات المركزية بدراسة مستفيضة، من أبرز ما انطوت عليه: الصدق والوعي والخيال والانفعال والمعرفة الذاتية والسرد والهوية الشخصية والزمن والذاكرة الجماعية والاجتماعية والنزعة الداخلانية والنزعة الخارجانية وأخلاقيات الذاكرة. أما القسم الأخير فتقصى أبرز الشخصيات في تاريخ فلسفة الذاكرة، من بينهم أرسطو وأوغسطين وفرويد وبرغسون وفيتغنشتاين وهايدغر، بالإضافة إلى منظورات عن الذاكرة في الفلسفة الهندية والصينية.
يمثل هذا الكتاب قراءة أساسية لا يستغني عنها الطلاب والباحثون في الفلسفة، لا سيما فلسفة العقل وعلم النفس، وسيكون هذا المرجع أيضا محل اهتمام أولئك العاملين في المجالات ذات الصلة، مثل علم النفس والأنثروبولوجيا.
بعدان أساسيان في الكتاب
ويقول المترجم د. مصطفى سمير عبد الرحيم، والذي أعلن عن الصدور القريب للكتاب، إن الكتاب يعتبر مهماً لأنه: "جمع بين أهم بُعدين في دراسة فلسفة الذاكرة هما التاريخي والمعاصر. فقد خُصصت ثمانية أقسام منه لمعالجة السجال المعاصر حول الذاكرة في الفلسفة وعلاقتها بالصدق والخيال والإدراك والوعي والانفعال والزمن والسرد والذات والمجتمع. وخُصص القسم التاسع - الأخير- لمعالجة أبرز المساهمات التاريخية لكبار الفلاسفة قديماً وحديثًا في مجال فلسفة الذاكرة."
ويضيف: "يمكننا القول، بإيجاز، إنّ هذا الكتاب ليس مجرد 48 فصلا مختارة بعناية بل إنه زيادة على ذلك يتسم بشمولية تجعلك محيطًا بأقوال أهم المساهمين في فلسفة الذاكرة قديما وحديثا ويوفر عليك كثيرًا من الوقت الذي- لولا هذا الكتاب – ستحتاجه لمطالعة كتب الفلاسفة القدامى والمعاصرين لمعرفة أرائهم في الذاكرة لاسيما وأنّ موضوع الذاكرة لم يحضر في مؤلفاتهم إلا بشكل متناثر هنا وهناك."
وعن صعوبات العمل يقول سمير: "لم تخلُ ترجمة هذا السفر الضخم من صعوبة لكنها تركت تساؤلا عندي هل بقي هناك جديد ليقال عن الذاكرة؟ – سؤال دفعني إلى مطالعة ما صدر بعد هذا الكتاب للمحررين والمؤلفين نفسهم ووجدت الأمر كله إنما يدور حول محاولات هناك وهناك للإجابة على الأسئلة نفسها التي تطرحها المساهمات الواردة في هذا الكتاب كمسألة التفريق بين الذاكرة والخيال وهل ينبغي وجود آثار سببية تفسّر الذاكرة أم لا وغير ذلك، ما يجعل هذا الكتاب يمثّل نقلة نوعية في بابه لا يستغني عنه المهتم. إنه، باختصار مجموعة كتب لا كتاب واحد."