السبت  23 تشرين الثاني 2024

نصوص للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد

2023-03-28 02:46:50 PM
نصوص للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد
فروغ فرخزاد

تدوين- نصوص​

 تعتبر الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد، من أهم  الشاعرات الإيرانيات في الأدب الحديث. ، حُظر شعرها من التداول بعد عقدٍ كاملٍ من قيام الثورة الإسلامية الإيرانية. أصدرت أول ديوان لها في عام 1955 بعنوان الأسير. وقد  أثارت فروغ الجدل والانتباه حولها كمطلقة تحمل أفكار نسوية جدلية.

نشرت ديوانين آخرين بعنوان الجدار والثورة  سنة 1962. وفي العام التالي 1963 نشرت ديوان «ميلاد جديد» والذي كان علامةً فارقة في تاريخ الشعر الإيراني الحديث. في 13 فبراير 1967 توفيت فروغ اثر حادث سيارة في عمر الثانية والثلاثين. ونُشر لها بعد وفاتها قصيدة بعنوان «لنؤمن ببداية موسم البرد» وتعد أقوى القصائد في الشعر الفارسي الحديث، والتي ننشر منها بعض المقاطع إلى جانب قصيدتين أخريين هما "الفتاة والربيع" و"الخاتم".

 

لنؤمن ببداية موسم البرد

من أين آتية أنا
من أين آتية أنا
مضمخة هكذا برائحة الليل
مازال تراب مثواها طرياً
أقصد مزار اليدين الخضراوين الشابتين..
كم كنتَ عطوفاً يا صاحبي، يا صاحبي الأوحد

كم كنتَ حينما كنتَ تكذب
حينما كنت تغلق أحداق المرايا
وحينما تقتطف الثريات
من السيقان النحاسية

وكنتَ تصطحبني في الظلمة المستبدة الى مرتع الحب
ليستقر ذاك البخار الدائخ المكمّل للهيب الظمأ
علي أحراش النوم.

وتلك النجوم الورقية
كانت تطوف حول اللانهايات
لماذا قالوا للصوت، كلاماً
لماذا استضافوا النظر في بيت اللقاء
لماذا اقتادوا الحنان لحجب ضفائر البكارة؟


انظر!
كيف صلبتْ، هنا، علي أعمدة الوهم
روح من نطقت بالكلام
وعزفت بالنظر
وتخلّصت بالرأفة من شغب الموت
وكيف بقي علي خدّها إثر أغصان كفك، الخمسة
الشبيهة بأحرف الحقيقة الخمسة.

ما الصمت.. ما الصمت.. ما الصمت يا صاحبي الأوحد؟
ما الصمت إلا أحاديث لم تقل
عاجزة أنا عن الكلام.. لكن لغة العصافير
لغة حياة الجُمل السارية لاحتفاء الطبيعة
لغة العصافير تعني: الربيع.. الأوراق.. الربيع
لغة العصافير تعني: النسيم.. الذي.. النسيم
لغة العصافير تموت في المصانع.

مَن هذه.. مَن هذه السائرة علي مسير الأبدية
صوب لحظة توحدٍ
من هذه التي تُملي ساعتها الأبدية
بمنطق الرياضيات ذي التفرقة والتفريق
من هذه التي لا تعتبر صياح الديكة
بداية قلب النهار
إنما بدء رائحة الإفطار
من هذه المتوجة بالعشق
المتفسخة بين فساتين العرائس؟
لم تسطع الشمس، إذن، في آن واحد
علي قُطبي اليأس.

لقد فرغتَ من نداء البلاط الأزرق
ولكثر ما مفعمة به أنا
تراهم يصلون علي صوتي.

جثث سعيدة
جثث ضجرة
جثث صامتة متأصلة
جثث لطيفة، أنيقة، حسنة المأكل.


في محطات الأوقات المقررة
في المدار القلق للأنوار المؤقتة
وشهوة شراء فواكه العبث الفاسدة..
آه يا للأناس القلقين من الحوادث في التقاطعات
وهذا صوت صافرات الوقوف
في اللحظة التي يجب، يجب، يجب
رجلٌ يدهس تحت عجلات الزمن
رجل، كان يمر من جنب الأشجار المبتلة..

من أين آتية أنا؟
قلتُ لأمي: لقد انتهي قلتُ: يحدث دوماً قبيل أن تفكري
علينا ان نرسل التعازي للصحف.

سلاما يا غربة العزلة.

أسلمُكَ الغرفة
لان السحب الداكنة هي دائماً رسلُ آيات الطهارة الطرية
وفي استشهاد شمعةٍ،
ثمة سرّ منوّرٍ، تعرفه جيداً أطول وآخر شعلة.
لنؤمن!

لنؤمن ببداية فصل البرد
لنؤمن بخرائب بساتين التخيّل
بالمناجل المقلوبة العاطلة
وبالبذور الحبيسة.

انظر، يا له من ثلج يهطل..
الحقيقة ربما، تلك اليدان اللتان دفنتا
تحت الهطول المتواصل للثلج
وفي سنة قادمة أخرى
حين يضطجع الربيع مع السماء وراء النافذة
سيفوران في جسدها
ستخضوضر النافورات الخضر للسيقان الرشيقة
يا صاحبي.. يا صاحبي الأوحد.

لنؤمن ببداية فصل البرد.

 

الفتاة والربيع

الفتاة جلست وحيدة قرب النافذة وقالت

فتاة الربيع غنّي أحسدك

أحسد عطرك وأغنياتك ونشوتك

على غصن شجرة زهرة صغيرة تفتح بلطف عينيها

الماء يغسل حافات بيوت الطين

يغسل تلك الأجنحة الرقيقة المتعبة

الشمس ضحكت

ومن أمواج ضحكتها

أثمر النهار بسحر دفئها

أتت موجة من الرياح قرب أذنيها برقة

أخبرتها سرا وذهبت

ضحك البستاني

وأخيرا أتى الربيع

أعطت زهور تلك الشجرة التي زرعتها

الفتاة سمعت كل هذا

قالت.. ما نفع الربيع؟

كم ربيعا فات وأنا دون ربيع؟

الشمس ظامئة بقلب السماء

جالسة بكوة في الدم

يرحل النهار

والليل خلسة غريبة

وتلك الفتاة لا تزال جالسة بحزن قرب النافذة.

 

الخاتم

الفتاة مبتسمة تتساءل

ما سر هذا الخاتم الذهبي

الذي يخنق إصبعي؟

ما سر هذا الخاتم الذي يعكس كل هذه الفرحة

والدهشة على وجهه؟!

الرجل بحيرة قال..

إنه خاتم السعادة... إنه خاتم الحياة!

الجميع بدأ بالتهاني

الفتاة قالت.. يا للحسرة

ما زلت أشك في معناه

مضت أعوام وفي ليلة

إمرأة حزينة نظرت إلى الخاتم

رأت صورة لأيام مضت وهي تنتظر الوفاء من زوجها

ذهبت الأيام سدى

المرأة ضجرت وبأنين قالت

الويل لي.. ذلك الخاتم الذي عكس على وجهه الفرحة والدهشة

كان خاتما للعبودية.