تدوين- يحدث الآن
أقدم المسرحي المغربي أحمد جواد، في يوم المسرح العالمي الذي صادف 27 آذار، على إحراق نفسه أمام مدخل وزارة الثقافة المغربية في العاصمة الرباط، احتجاجا على رفض مسرحيته "باب الحب" وعدم دعمها، سبق ذلك إضرابه عن الطعام، وتهديده بأذية نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي رسالة نشرها أحمد جواد عبر صفحته على "فيسبوك" كتب فيها:"هل في بلد ما أو عاصمة ما، يجد فنان مسرحي وناشط ثقافي خدم بكل تفانٍ مؤسسة وطنية اسمها المسرح الوطني محمد الخامس، ويجد نفسه متسولا قوته وقوت عياله، فيما توزّع وزارتكم الدعم بكل أنواعه؟".
وتساءل جواد: "هل يعقل ألا أحظى بتكريم من المؤسسة التي خدمتها لـ 26 سنة من دون كلل؟ وهل تعلم، ويجب أن تعلم لأنكم ترأسون المجلس الإداري لهذه المؤسسة، أن بها جمعية للأعمال الاجتماعية كرمت كل من تقاعد وأنا لم أحظَ لحد الساعة بهذه الالتفاتة من جمعية كنت أحد أعضائها المؤسسين".
من جهتها، قالت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية تعقيبا على الحدث إنها "أخذت علما بالحادث المؤسف"، الذي وقع صباح يوم الإثنين.
وأضافت الوزارة في بيان أن "الأمر يتعلق بموظف متعاقد في مسرح محمد الخامس بالرباط، أحيل إلى التقاعد في تشرين الأول/أكتوبر سنة 2021، يتمتع بجميع حقوقه المكفولة له بحكم القانون، ويشتغل في الوقت نفسه في الفن المسرحي".
وأردف البيان أن "الشخص المذكور سبق أن تقدم بطلب شراء عروض مسرحية، وقد تمت الموافقة على طلبه، حيث قامت الوزارة بشراء عرضين مسرحيين سنة 2022، وسبق أن قُدِّمت هذه العروض في كل من مدينتي مشرع بلقصيري وسلا".
وختمت الوزارة بأنها تتابع الحالة الصحية للفنان أحمد جواد، حيث أوفدت مسؤول في قطاع الثقافة لتتبع حالته في المستشفى.
التحق أحمد جواد بعالم المسرح منذ السبعينيات، ونشط في بداياته ضمن مسرح الهواة، وهي الحركة التي انتعشت خلال السبعينيات، وامتدت إلى سنوات الثمانينيات. وقدم أعماله الأولى في مسرح مدينة الجديدة، الذي صار يحمل لاحقا اسم مسرح محمد عفيفي، أحد رموز المسرح في المغرب.
اتسمت أعمال جواد المسرحية بالطابع النقدي للوضع الاجتماعي، وكانت تحمل أبعادا سياسية، تتناغم مع الخطاب الثقافي السائد في تلك المرحلة.
ونظم جواد سلسلة من الأمسيات واللقاءات الثقافية في نادي العائلة وكان من أبرز الناشطين في مجال الفنون في المغرب، كما عمل في مسرح محمد الخامس الوطني بالرباط ، المغرب، وكان مشاركا متكررا في مختلف المنتديات الفنية والثقافية.
حظيت الحادثة بتفاعل واسع في أوساط الفنانين المغاربة، وأبدى العديد منهم دعمهم وتضامنهم مع الفنان أحمد جواد.
وحول الحادثة كتب الفنان المغربي علي أجرار:"في اليوم العالمي للمسرح الفنان أحمد جواد يحرق نفسه احتجاجا على تهميشه من طرف الوزارة الوصية".
وتابع: "كلنا أحمد جواد، كلنا نحتاج فقط الجرأة للتعبيير عن مدى تدمرنا من سوء الوضع الذي يعيشه الفنان في ظل احتكار اللوبيات لجل الأعمال، فنان يعيش في النعيم وآخرون يعيشون كابوس الفقر والاقصاء والحݣرة".
بدوره قال الكاتب المغربي مصطفى حداد: "صراحة إنني حزين جدا لما وقع للفنان المسرحي أحمد، أقدَم على إشعال النار في جسده على أبواب أحد مقرات وزارة الثقافة احتجاجا على ظلم لحقه ولم يجد آذانا تستمع إليه... هذا لعمري أمر خطير.
وأردف: "لا بد أن حيفا إداريا كبيرا لحقه فكدّر عيشه وأفسد مزاجه خصوصا بعد إحالته على التقاعد. أتمنى له الشفاء العاجل من الحروق التي أصابت جسده، وأدعو المسؤولين المعنيين إلى النظر بجد في تظلمه وتسوية وضعيته".
وجاء في نص نشره الكاتب المغربي هشام موكادور عبر صفحته على فيسبوك بعنوان: "أحمد جواد.. فضيحتنا...محرقة الضمير فينا":
"في هذه الساعة من سواد الليل، قذفت ذاتي خارج كوخي، جازفت بالشرود الذهني العالق فوق عربة الأقدام، مشيت في شارع يأخذني إلى شارع، من شارع "المقاومة" إلى شارع "محمد الخامس". أحب شارع المقاومة كأنه يختزل ما أنا عليه، يختزل الروح المتمردة بداخلي، حالة الرفض التي أبت أن تغادرني.. أكره شارع "محمد الخامس" ليس لبهرجته الرخيصة، تصادم الأجساد بالأجساد وبالسيارات، ولكن لأن دلالته كمبرادورية أكره الكمبرادور.
في نفس الشارع أمشي، عزلت نفسي عن ضجيج العالم، سماعات الپلوتوت أفضل أختراع أنتجته التكنولوجية لمن يعشقون العزلة وسط زحام المهرجان البشري. محمل باحساس غريب، شبيه بالحزن الجميل -الشعراء يعرفون ماذا تعني هذه الحالة عندما ترتبط بمخاض الوصول إلى إيقاع القصيدة، شعراء النثر لا يدركون هذا للأسف- نفس الحزن أوقع بي لحظة نظم قصيدة "مكلومة"، نفسه جاء مع قصيدة "لوعة الفراق"، نفسه عند رحيل صديقي الغالي "خميس"، نفسه لحظة داع خبر انتحار صديقي الشاعر عبد القادر الحوفي، ونفسه عندما طعنني صديق في الظهر بخنجر الغدر.. والآن، من يستطيع تغيير إيقاع وقع الأقدام في شارع يعج بنفسي بدمعة تؤرقني .. بمشهد احتراق الصديق أحمد جواد، أتمنى أن يعفيني هذا الزخم من قصيدة تؤرخ المشهد التراجيدي لجسد يحترق في الشارع العام، لأن الوطن بئيس، لأن النظام خسيس، لأن المثقف في بلدي يشنق نفسه، أو تشنقه الفاقة والإهمال.
الشارع الرئيسي كمبرادوري، بصقت عليه. وانعطفت لزقاق المهمشين، والفقراء، وأهل الله. انعطفت إلى مقهى بئيس.. لأكتب هذا السّجال الداخلي.