تدوين- نصوص
يعتبر طه محمد علي من أهم الشعراء الفلسطينيين، إذ تميزت موضوعاته بالحنين إلى قريته صفورية التي ولد فيها، وطفولته، كما تناولت حياة الفلسطينيين و"المهجرين في وطنهم" وهم فلسطينيو الداخل المحتل اللاجئين، الذين لا يسمح لهم بالعودة إلى قراهم المهجرة، التي غالبا ما يسكنون في قرى أو مدن قريبة منها.
ولد طه محمد علي في قرية صفورية في العام 1931. وفي نكبة العام 1948 نزح مع عائلته إلى لبنان، وبعد شهور عاد مع العائلة إلى وطنه لكن الاحتلال لم يسمح لهم بالعودة إلى صفورية التي تم تهجير جميع سكانها، فاستقر طه محمد علي في مدينة الناصرة المجاورة لقريته وعاش فيها حتى وفاته.
وكان قد ورد اسمه قبل بضع سنوات على لائحة "أهم شعراء القرن العشرين".
منذ أن نهبناه
من المستشفى
إلى أن دفناه
في كرم مسعود
و "راء" لثغته
تلمع في رئتي
كاحتراق نصل
***
"الشوال" ثقيل
حطّوه
لنستريح!
دعونا نرى الرأس!
والليل؟
نتحسس الحنجرة..!
أين الذقن والدم!؟
إربطوا الشوال
فوق الغرغرة
إرفع!
لو كبسنا الوجه بالملح
قبل الدفن
أكان يفيد؟!
لو سمعنا اللثغة
تصعد من الشوال
ونحن نغطيه بالقش
ونهيل عليه ألواح الصبر
لكانت تلك لثغته اليتيمة
التي نسمعها منه
دون أن نضحك!
يلعن....!
تبكي على لثغة عماد..؟!
هل هذا وقته
17/9/1988
سألتني...
وكنا من ضحى النبع
مرةً...
عائدين
"ماذا تكره..
و(من) تحب؟ّ!"
فأجبتك
من خلف أهداب الفجاءة
ودمي
يسرع ويسرع
كظل سحابة الزرزور:
"أكره الرحيل..
أحب النبع والدرب
وأعبد الضحى!"
فضحكت..
فأزهر لوز
وشدت في الأيك أسراب العندال!
سؤال!:
عمره الآن عقودٌ أربعة
يا للجواب من السؤال
وجواب:
عمره عمر رحيلك
يا للسؤال من الجواب
واليوم:
يا للمحال!
ها نحن في مطار محايد
على شفا صدفة
نلتقي!
ويحي....!
نلتقي...!
وها أنت
تعيدين السؤال
يا للمحال من المحال!
عرفتك!
ولم تعرفيني.
"أهذا أنت؟!"
ولم تصدقي.
وفجأة..
انفجرت تسألين:
"إن كنت أنت أنت
فماذا تكره
ومن تحب؟!"
فأجبتك
ودمي
يغادر الشرفة..
يسرع يسرع
كظل سحابة الزرزور:
"أكره الرحيل..
أحب النبع والدرب
وأعبد الضحى"
فبكيت
فأطرقت ورد.
وتعثرت بحرير حرقتها حمائم!