تدوين- إصدارات
أكثر من ثلاثين لقاء تقريبا، تجاذبت أطرافها موضوعات عدَّة وسياقات نظرية مختلفة، تضمنتها مواعيد هذا الكتاب الحواري، اهتدت بالقارئ وجهة منصة فكرية مكثفة؛ متعددة الجنسيات والهويات والمشارب، في غاية التسامي و الثراء قدر عمق التيمات والمفاهيم الواردة، التأم حول طاولتها بهدف خلق أوراش للتساؤل والسجال وتبادل وجهات النظر، زمرة استثنائية؛ بكل المقاييس، شكل حلقتها : شعراء، علماء، متصوفة، ثوَّار، أدباء، فنانون، اقتصاديون، مؤرخون، لغويون، نقَّاد، إلخ. تحديدا، الأسماء التالية:
أدونيس، أينشتاين، طاغور، تروتسكي، مهدي عامل، نعوم تشومسكي، تزفيتان تودوروف، بوريس سيرولينك، مصطفى صفوان، هشام جعيط، أورهان باموق، محمد يونس، بيتر سلوترديك، جوليا كريستيفا، روني بوفريس، بوب مارلي، مارسيل غوشيه، إيف بونفوا، سمير أمين، نجيب محفوظ، إدوارد سعيد، محمد بنيس، محمد أركون، مالك شبل، ريجيس دوبري، عبد اللطيف اللعبي، أمين معلوف.
هناك، من يدرج مرجعيات حوارات عابرة ،كما الرسائل الشخصية، وكذا المذكرات الحميمة، ضمن خانة الأسانيد التي يصعب الاعتماد عليها موضوعيا، فيما يتعلق بإمكانية استلهام رؤى أصحابها واستنباط مضامين ذهنياتهم، لأنها تتسم أساسا بميزة الشرود الفكري، تنأى عن الالتزام بالصرامة المفهومية والمنهجية؛ مثلما يحدث عند الرافد الآخر المتعلق بالدراسات النظرية، قصد الوقوف على تضمينات الخلاصات الفعلية القابلة للتبلور.
تأويل يظل حكمه نسبيا للغاية، مادام أن رصيدا معرفيا بلغ صاحبه مستوى الإلهام والإيحاء والتأثير والتطوير، يعكس بالتأكيد حالة إنسانية بامتياز،متناغمة قدر شفافيتها المشرقة والوضاءة.
حاول مشروع هذه الحوارات الفسيفسائية، ذات المناحي المعرفية المتعددة، الجلوس قصد الإصغاء إلى هؤلاء، بغية فهم جانب أو جوانب من هذا الوجود، أو على الأقل العالم المحيط بنا، الذي يزداد كل آن تعقيدا واستعصاء.
إذن، جوهر الإشكال ولبّ النقاش، وكذا الخيط الناظم لأحاديث هذه المائدة المستديرة.
التطلع نحو العثور بالنسبة لمصير هذا العالم ضمن سياق مختلف تفاصيله العدمية ومآلاته اللا إنسانية، عن سبل حكيمة تهتدي دائما بما تبقى في جعبة هذه الإنسانية المنكسرة، نحو الأصول الحقيقية لمعاني أن نكون بشرا حقيقيين، المتمثِّلة في قيم المعرفة، الذكاء، المواطنة، الرحمة، الاستحقاق، الخيال، الخير، العدالة، التعدد، الاختلاف، التعايش، التسامح، الخير، الجمال.