تدوين- إصدارات
صدر حديثًا عن دار ميريت للنشر بالقاهرة بالتعاون مع "دار راية للنشر" أول عملين للكاتبة الفلسطينية "نيروز قرموط" يصدران لأول مرة بالعربية بعد أن جابا العالم بعدة ترجمات.
"بورتريهات" نابضة بتناقضات الحياة اليومية
وتتناول المجموعة القصصية "عباءة البحر وقصص الجديلة" المؤلفة من 15 قصة قصيرة، القضية الفلسطينية من منظور إنساني، حيث رسمت صورة حيّة تفصيلية للمعاناة اليومية داخل فلسطين ومخيمات اللاجئين.
وفي لقاء إعلامي قالت قرموط إن "عباءة البحر، كانت بدايتي في الكتابة الأدبية بعد أن احترفت كتابة المقالات السياسية والاجتماعية والأدبية".
ولاقت القصة صدى جميل؛ لأنها تتحدث عن غزة بحقيقتها وبساطتها عمقها الذي لا تستطيع أن تراه أو ترصده القنوات الفضائية، ذلك من خلال محاولة الحديث عن الإنسان الفلسطيني في غزة، وما الذي يعانيه ويشعره، وما هي الضغوطات الواقعة عليه، وكيف يستطيع أن يمرر كل هذا ضمن حياة طبيعية يستطيع هو أن يعيشها، وفقا للكاتبة.
وكانت الكاتبة قد فازت بجائزة "القلم البريطاني" عام 2017 عن هذا العمل، كما تصدرت النسخة الإنجليزية منه قائمة الكتب الأكبر مبيعا في "مهرجان إدنبرة الدّولي للكتاب" في اسكتلندا عام 2019، كعمل أدبي يقدّم "منظور محلي لقصة عالمية ينسج الشخصي مع السياسي" بحسب المهرجان.
من أجواء الكتاب
تثقل الرياح برطوبة بحر عتيق، تشتم منها روائح بطعمات مختلفة من ذرة وبطاطا مشوية على جمرات فحم نارية، ياه ما أجمله من منظر تتصاعد فيه الابخرة من عربات تبيع الفستق والبذر الساخن، عربات مزينة بأضواء ككرنفالات الاحتفال، وإن مل اللسان من سخونة تحرقه، تنتظره أكشاك مزرشكة تبيع المثلجات ممزوجة الالوان والنكهات، و ما ألذ طعم البوظة عندما تسير بمحاذاة الشاطئ ليداعب الهواء جسدك و تنعش النكهة روحك.
خيام ومظلات تتسلق حبالها ألواح الخشب ويكسو سطحها جريد النخل ليبعث بنسمات باردة على وجوه المحبين، والحالمين بيوم يسرقهم من عناء الزمن وإرهاق الحياة، تتسلل الأشعة ما بين الجريد، الذي يحف بتمايله أجراسا تطرطق آذان السامعين، لترسم خيوطا براقة تحيك الجالسين بالأمل.
متوالية قصصية أبطالها النساء والمهمشون
أما المتوالية القصصية "عبور" فلديها رسالة واضحة تريد أن تعلنها للعالم لربما استيقظ ضميره: إن الحرب تتغذى على أجساد النساء. لذلك خصصت الكاتبة القصص الثلاث بداخلها لتروي قصة النساء والمهمشين بين ركام الحرب، القصص مليئة بالرمزيات الفلسفية وتدمج بين الخيال والتوثيق.
وعن هذا العمل قالت الكاتبة إنه متوالية من ثلاث قصص (نوفيلات) تدمج بين الخيالي والتوثيقي والفلسفي وأدب الرحلة، تشكل معًا حالة ارتحال ومخاض وعبور، تصل الودّ بين صحراء وبحر وتحقن الألم بين مدينتين - هما غزة والقاهرة - وتنصت لارتطام الواقع بالخيال.
وفي المتوالية قصة بعنوان: "كيف تستعيد النساء أجسادهن بعد الحرب"، وعنها كتبت قرموط " ولن أخفي سرًا، بأن قصّة "كيف تستعيد النساء أجسادهنّ بعد الحرب" هي الأقرب إلى قلبي والتي شعرت أنها تكتبني بقدر ما أكتبها، فهي مؤلّفة على وقع الرقص على الروح والحياة وأنين الموت، وتمايل أجساد حرّة تقاتل من أجل متعتها في حق تقرير المصير".
أما عن قصة ألفريدو روج" الواقعة بين دفتي هذا الكتاب كتبت المؤلفة "هي قصة غزة بين حرب وسلام، وبين اضطراب وهدوء وانتفاضات. بينما تقارب "النرد" موضوعة العودة ورمزية نهر النيل".
من أجواء الكتاب
"هل يقتلني بعض الحزن أو ينعش في صدري حياة بعيدة. في فجر تلك الأعياد الباردة عندما غمست قدمي الصغيرتين في سجاد دمشقي سميك، كنت أختفي تحت ضوء القمر الباهت، أسفل نافذة عريضة يلفّ زجاجَها إطار حديدي ثقيل مطليّ باللون الأبيض. يبدأ ذلك الشعور بالتسلل، خوف الفقدان، لأدعو السماء بقلب طفل بريء «الله إنْ كنت هناك، إن كنت حقيقة، أمِتني أنا ولا تأخذ مني عائلتي». ثم أتردّد «لا لا، أريد أن أعيش ولكن لا تأخذ أحدًا من عائلتي أو عصافيري»، حتى يأخذني الشعور الذي يعيد التوازن إلى صدري. لكنها أمي، هل فعلًا هي أمي، لماذا تلك القسوة، هل وجدتني كما في الحكايات بإحدى حاويات القمامة؟ لكني أحبُّها، يؤلمني عندما تمرض، أو أرى ضعفًا صغيرًا يسكن اللغز في حدقات عينيها."
نيروز قرموط
كاتبة فلسطينية، ولدت في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، لعائلة تعمل في الحقل السياسي فوالدها أحد مناضلي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، ووالدتها مناضلةٌ من حركة "فتح"، وعادت بتصريح زيارة إلى غزة عام 1994، لتعيش فترة من الزمن في مخيم "جباليا" للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، ثم تنتقل للسكن في أكثر من منطقة، حتى وصل بها المطاف للسكن مع عائلتها في أحد أبراج منطقة تل الهوا بمدينة غزة.