السبت  21 كانون الأول 2024

نحن وإخواننا في شرق الأردن في البلوى سواء

2023-08-06 12:50:26 PM
نحن وإخواننا في شرق الأردن في البلوى سواء

تدوين-ذاكرات

نشرت جريدة فلسطين الصادرة في يافا في عددها 44 الصادر في 3 آب من العام 1928 في افتتاحيتها مقالة بعنوان "نحن وإخواننا في شرق الأردن في البلوى سواء" تتحدث فيه عن مؤتمر عمان الذي عقد في 25 تموز من نفس العام فيما يخص فلسطين.

وفيما يلي نص المقالة:

يرى القراء بعد هذا المقال مقررات المؤتمر الذي عقده زعماء شرقي الاردن في عمان يوم ٢٥ تموز الماضي كما أذاعها مكتب الصحافة الشرقية في مصر، ويرون منها أن إخواننا الأردنيين لم يهملوا أمرنا، وأنهم قرروا فيما قرروه "اعتبار تصريح بالفور الخاص بالوطن القومي لليهود في فلسطين مناقضاً لوعود بريطانيا العظمى الرسمية للعرب ولمبادئ الحقوق الدولية".
وإخواننا في شرق الأردن يدركون تمام الإدراك أن وضعيتهم السياسة لا تختلف في شيء عن وضعية فلسطين، وأن استثناء منطقتهم من وعد بلفور لم ينجها من اليد الصهيونية التي امتدت إليها عن طريق روتمبرغ ومشاريعه، والتي ستمتد إليها حتى تأخذ بخناقها، عن طريق امتياز البحر الميت.
لقد عمل الانكليز منذ سقوط العرش الفيصلي واقتطاع منطقة شرقي الأردن من جسم الدولة العربية على قطع كل علاقة لها بسوريا، وإذا كان المستر "فلبي" قد أخفق قليلاً في هذا العمل فقد نجح فيه الكولونيل "کوکس" كل النجاح، وها هي شرقي الأردن، ولما تمض على الكولونيل فيها أربع سنوات، قد أصبحت تسير على النظم الفلسطينية في الإدارة والتعليم والصحة العامة والمالية والقضاء والمكوس والشرطة، بل أن النقد الأردني هو النقد الفلسطيني ذاته. وأن الجيش النظامي واحد في البلدين وهو تلك القوة التي يطلقون عليها اسم "قوة حدود شرقي الأردن".

ولقد كان هذا كله طبيعياً ما دام البلدان المتجاوران خاضعين لانتداب واحد وما دام المندوب السامي لفلسطين هو نفسه المندوب السامي لشرق الأردن، بل ما دامت حكومة فلسطين، رغم كل إنكار، هي التي تدير حكومة شرقي الأردن باعتبارها لواء من ألوية فلسطين كما تثبت ذلك التقارير التي تقدمها الحكومة المنتدبة سنوياً لعصبة الأمم.
وإذا كان وعد بلفور لم يطبق إلى الآن بصورة رسمية على شرقي الأردن، فإنه طبق على صور أخرى، فلقد رأى الأهالي هناك كيف استخدم الكولونيل كوكس عمال اليهود في بناء قصره المجاور لقصر "رغدان" الذي يسكنه سمو الأمير عبد الله، وعلموا أن المال الذي انفق على أولئك اليهود كان من مال الحكومة، أي من الضرائب التي دفعوها لتنفق على مصالحهم العامة.

أمّا أراضي شرقي الأردن فلم يحجم اليهود عن مشتراها حتى الآن إلا لأن الأمن العام كان مزعزعاً في تلك الإمارة في السنين الماضية، ولا يمنعهم اليوم عن ذلك إلا أنهم لا يجدون من يزرعها، خصوصاً وأن ما اشتروه من أراضي فلسطين قد بقي معظمه دون زرع لقلة الفلاحين من اليهود أما إذا جاء اليوم الذي يحتاج فيه اليهود إلى أراضي شرقي الأردن فإنهم لن يعدموا الوسائل للحصول عليها، وهم يعلمون مثلنا أن بيع الأراضي في شرقي الأردن مباح للأجانب بعد الحصول على رخصة من الحكومة، ويمكن لليهود "كأجانب" تابعين لحكوماتهم الأصلية أن يشتروا ما يريدون من أراضي إمارة شرق الأردن رغم استثنائها من وعد بلفور.

والحق أننا وإخواننا في شرقي الاردن - سواء في البلوى، وأننا لذلك يجب أن نتعاون تعاوناً وثيقاً على النجاة والخلاص.