تدوين- إصدارات
صدر عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن، كتاب “النص القرآني والعلوم اللغوية العربية” لمجموعة من الباحثين في اللسانيات وعلوم اللغة، وأعده للنشر الباحثان مصطفى العادل وهشام ميري من المغرب، وقدم له الأكاديمي فريد امعضشو.
ويعد الكتاب إضافة نوعية في هذا السياق، من خلال إحدى عشرة دراسة علمية منتقاة وفق معايير أكاديمية، قاربت جوانب مختلفة من الموضوع، ولامست قضايا متعددة في العلاقة المشار إليها، باعتماد رؤى ومناظير منهاجية متباينة.
ويضم الكتاب دراسات قام بها عدد من الأكاديميين العرب من بينها “النص القرآني والعلوم اللغوية العربية: حتمية التداخل وآفاق الاستثمار” لمصطفى العادل، و”التداخل والتكامل بين العلوم العربية الإسلامية: النحو وأصول الفقه أنموذجا” لنورالدين وصال، و”مركزية علوم اللسان العربي في التفسير البياني للخطاب القرآني” لعادل البقالي، و”البلاغة العربية واختصاصاتها القرآنية” لمحسن الصالحي، و”تساند مستويات الدرس اللغوي في خطاب التفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) نموذجا” لعمر محضار، و"أثر المذهب العقدي في توجيه المعنى القرآني بناء على القاعدة النحوية عند الزمخشري والرازي وأبو حيان" لعلي بوجبهى.
كما نقرأ في الكتاب دراسات أخرى تقارب الموضوع من زوايا مختلفة مثل "الحكم النحوي والحكم الفقهي في النسق الفكري العربي الإسلامي" لعبدالغني مموح، و"المنهج التأويلي ولغة النص القرآني" لعزيز أوسو، و"الإمالة بين اللغويين والقراء: مقاربة صوتية" لرضوان لمقنط، و"بديع القرآن من خلال كتاب (معترك الأقران) للسيوطي" لعبدالعالي محجوبي، و"مراجعات أبي حيان الأندلسي اللغوية على الزمخشري من خلال (البحر المحيط)" لهشام ميري.
وتمثل هذه الدراسات حصيلة تعاون علمي مشترك بين مؤسسة "باحثون" والجمعية الليبية الدولية لعلوم اللغة العربية، ومركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات بالمغرب. ويقول الأكاديمي هشام امعضشو في تقديمه للكتاب من وحي الدراسات المقدمة فيه “مما لا شك فيه أن التعامل علميا مع النص القرآني، فهما وتفسيرا وتأويلا، أمر غير متيسر لأي كان، بل يقتضي ممن يرومه أن يتسلح بعدة معرفية ولغوية ومنهجية كافية ومتينة، تؤهله لأن يقرأ ذلك النص، ويستوعب معانيه، ويسبر أغواره، ويقف على أسراره".
ويضيف "لما كان النص القرآني منزلا بلسان عربي مبين، فقد استوجب إدراكه وتفسيره التضلع من علوم اللغة العربية، وهذا ما نبه إليه كثير من علمائنا الأجلاء منذ القديم؛ فإمام الحرمين الجويني أكد أن الارتواء من العربية سبيل إلى إدراك كلام رب العالمين، وذريعة إلى فهم مقاصد الشريعة السمحة. وذكر قبله مجاهد أنه 'لا يحل لأحد، يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يتكلم في كتاب ﷲ إذا لم يكن عالما بلغات العرب'. وأورد الزمخشري، في المفصل، أن 'ما من علم من العلوم الإسلامية؛ من فقه وكلام وتفسير وأخبار، إلا وافتقاره إلى العربية بين مكشوف لا يتقنع'".
ونقرأ على الغلاف الأخير لمحمد بن أحمد بن الأزهري (370هـ) من كتابه "تهذيب اللغة": "نزل القرآن الكريم والمخاطبون به قوم عرب أولو بيان فاضـل وفهم بارع أنزله جل ذكره بلسانهم وصيغة كلامهم الذي نشأوا عليه، وجبلوا على النطق به، فتدربوا به، يعرفون وجه خطابه، ويفهمون فنون نظامه، ولا يحتاجون إلى تعلم مشكله وغريب ألفاظه حاجة المولدين الناشئين فيمن لا يعلم لسان العرب حتى يعلمه، ولا يفهم ضروبه وأمثاله وطـرقه وأساليبه حتى يفهمها".