السبت  21 كانون الأول 2024

قصيدة لبيير ألفيري "دفاع عن الشعر"- ترجمة رولا سرحان

2023-08-28 10:20:47 AM
قصيدة لبيير ألفيري

تدوين- نصوص

ليس بالهين أبدا ترجمة نص شعري لبيير ألفيري؛ فنصه عادة مركب وسريع الإيقاع، تتداخل فيه الكلمات والأفكار، ويجد المترجم نفسه حائرا أمام إلصاق العبارة بالجملة السابقة أم بالجملة اللاحقة. يقول إليفيري في إحدى حواراته "الكتابة الشعرية زمن شديد الكثافة ويبتلع كل شيء مثل ثقب أسود، والبحث عن الجملة هو المعادل الحر والمتطلب لـ"التفكير". سنجده مثل والده، جاك دريدا، يلعب على دوال الكلمات، ليس بصيغة اللهو وإنما بصيغة التفكير في الكيفية التي يمكن من خلالها كسر حدود الكلمات والجمل والمعاني كي ينبت أمامنا معنى جديد. فرغم تخلي بيير ألفيري عن كنية والده، واستخدامه لكنية جدته لأمه، سنجده وفياً لمنمنمات دقيقة جداً في فلسفة والده، وفي انتماءاته لنصرة قضايا المهمشين، ونصرة القضية الفلسطينية.

رحل بيير ألفيري في 16 آب، ولم يأت الإعلام العربي على ذكره، ولا حتى المهتمون بالشعر، رغم أنه كان كاتباً متميزا مثلما كان شاعرا مدهشاً، فأعماله في الرواية والسينما والفلسفة والفنون البصرية لا تقل أهمية عن أعماله الشعرية.

وفيما يلي قصيدته "دفاعٌ عن الشعر"، من ديوانه "ليل ونهار" المترجم إلى الإنجليزية عام 2012.

 

يحدث ذلك

هنا

ما بين الإحساس الغامر والشعور الكامن

الذي يتخللك

ليزعج تلك اللعبة القديمة لكل من الروح

والمشاهد الطبيعية

لذا، وإذا ما كنت أريد التحسن، فأنا حقا بحاجة إليك.

ما البهجة في رؤيتك تمشي فوق

الحيز الخاص بي، وتتبادل معي

بضع كلمات تافهة أثناء مرورك على

تماثيل الأقزام في الحديقة.

أصبحت الشخصيات البشرية صامتة

ففي الجزء المُشيَّد من المجال

وعلى التخوم كان هناك رجل مسن بالكاد يحوز

على انتباه أي أحد وقد قطع بسكين سويسرية

نهاية موزة عليها باركود.

أجل، من الإحساس الأول

سيعلن الجانب المرئي عن اللون

وعن رمز اليوم: الطبيعة

وعن ارتباطه بما خفي. ويحدث ذلك

هنا، وليس فيما "لا- يقال"

وإنما من بين وجهات النظر التي تحدث في هذه اللحظة

عن المنطقة كلها المتناهية في دقتها

وعما يسترونه والذي هو ما يجب أن يقال.

تدعم رافعة هيدروليكية صالة العرض

وأتكئ عليها، وأختبر مقاومتها

في كل سطر. وكل سطر يقيس

المسافة بين الديكور،

والتدوين المنصوب وظله

المخزون الذي تضعه في الكتابة –

بين الإحساس الحاد والشعور الكامن،

الذي يتخللهما. ولكن هذه النسبة المتقلبة التي تحكم

تدفقي غير الصحي، وتضبطه، وتجعله يستمر

 تجمدت في الأماكن المعتادة. منطقة كاملة

غزتها الصحراء ولياليها الباردة

والرياح- المجنونة- التي- لا- يصغي- إليها- أحد- ويتوقع- أن- يفلت- منها.

نفس الترتيب: أنظار الأشخاص الاعتياديين الذين يتجنبون بعضهم البعض

مفضلين إعادة تغيير الكلمات في ملفهم الشخصي

على الجدران وفوق الأرضيات المصقولة باللون الداكن بسبب أحلام اليقظة

ولأجل أحلام اليقظة، يتم التدرب على السكتشات ألف مرة

أمام جمهور من الكراسي. وتتخللك

 لتزعج تلك اللعبة القديمة لكل من الروح

والمشاهد الطبيعية. الهواء الذي تزيحه أثناء المشي

سيعيد نفخ شخصيات أوراق اللعب التي تنتمي إلى هنا.

- وهو ما يترك لنا الكثير من الصور،

أليس كذلك؟ عماذا كانت الدراما التليفزيونية التي عرضت ليلة أمس؟

لم أفهم حتى ما إذا كانت دراما وثائقية أم شيئاً آخر.

 – نعم، كل شيء أصبح مشوشًا هذا الصباح

أو بالأحرى، متلاصقاً، وجهة نظر تضرب أخرى

وجرعات غير متساوية من الشمس، والمارة، والسيارات، والأسمنت

ولا شيء يربطها إلا التشبيه الذي يختفي منطقه

داخل الرؤيا التالية. - آمل على الأقل

عند خياطتها معًا أنك ستفهم بشكل واضح أكثر

ما يخبئونه في رأسك الصغير المسكين.

- في كلمتين أسمي ذلك عاطفيا

لذا فأنا حقًا بحاجة إليك

إن كنت أريد الانتقال من مقارنة إلى أخرى ساذجة

 وساخرة في هذا الضوء الـ لا مباشر،

في هذا "الواقع" الذي يقتبس نفسه ويبتعد. فخلفه، وبعيدا عنه،

تحوطه الواقعية والخيال في دراما وثائقية مميتة. - هذا كل شئ؟

– هذا كل شيء، لقد قلت الكثير، إنه خطؤك.

والآن دعونا نغير الشرفة،

ولنبحث عن الصمت ولكن في الخارج.