قصيدة "الجار" لعباس بيضون

تدوين- نصوص

عباس بيضون شاعر وروائي وصحافي لبناني، ولد في مدينة صور عام 1945م. درس في الجامعة اللبنانية، وأمضى حياته متنقلاً ما بين بيروت، باريس، وبرلين. وهو المسؤول عن الصفحة الثقافية لصحيفة السفير اللبنانية، صدرت له مجموعة من الروايات منها: مرايا فرانكنشتاين (2010)[5]، وخريف البراءة (2016) التي حازت على جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب بدورته الحادية عشر، إضافة إلى نحو 9 دواوين شعرية، منها بطاقة لشخصين (2009) والموت يأخذ مقاساتنا (2008) الذي حاز على جائزة المتوسط في فئة الشعر، فيما تُرجمت قصائده إلى اللغة الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية والألمانية.

وقد اخترنا في تدوين قصيدته "الجار":

هذا الجسد يمكن ان يكون قريبي
وانا فقط في زيارته
كلما مرض ازداد بعدا
اقول ليمرض وحده
اقول ان بيتي ليس أمَا لهذا الشقاق
انا لا اتهم السقف ولا ارتاب بفراشي
الغالب ان لصا دخل من المدخنة
الغالب ان اسمي هو الذي تسمَم
ان عاما جاءني من الخلف
هناك من اعارني حياة كاملة
وهو الان نظرتي الى الجهات
والطعم الجديد للعابي
ثمة ذكرى عن الصدر وذكرى عن العين
وهناك اجزاء اخفَ سقطت من النسيان
كتابات بعد الصدر وبعد العين
وسوسات عقب مرور الروح
ثمة تراب كثير من اعمار انتهت قبل الاوان
كانت صلاة ولم تعد جسدا
قصيدة ولم يعد لها فم
يبتعد الملاك عن الشاعر لكن من بقي ليعذب النور
من بقي لتكون له دمعة في الفراغ
هذا الجسد يمكن ان يكون جاري
انه يذرف كلمات اجنبيَة
انه حجرة فيً وعين ثانية
ولن يكون له قلب سوى الذي التقطَته من الريح
سوى ما يعود اليَ من المطر
سوى النقش الذي خرج من العينين
سيكون اخيرا ذلك الجسد الذي حملوه بعيدا
لقد خدم كطائر اليف
لكنه لم يفهم لماذا ظلَ وحده
وكيف ورث الدم كل هذه الاحجية
لم يفهم كيف تترك الكواكب اعقابا فيه
كيف يبقى من الشمس جلد سميك وبقعة قاتلة