الخميس  21 تشرين الثاني 2024

قصيدتان للشاعر إيهاب بسيسو

2023-09-19 11:40:12 AM
قصيدتان للشاعر إيهاب بسيسو

تدوين-نصوص

اخترنا لكم في تدوين قصيدتان للشاعر إيهاب بسيسو من ديوانه الجديد "حكايات للغائبين" الصادر عن دار خطوط وظلال للنشر.

وإيهاب بسيسو من مواليد غزة، أكاديمي، وشاعر ومهندس معماري ووزير سابق للثقافة، ويشغل حالياً منصب نائب لرئيس جامعة دار الكلمة للاتصال والعلاقات الدولية.

اخترنا من ديوانه الجديد قصيدتان بعنوان "صباح" و "ما قاله الجسد للظل".

صباح...
فِي الصَّبَاحِ ...
أكتب....
أَتحَايَلُ عَلَى الصَّمتِ المُبَكِّرِ
بِقَليل من صوتِي الخَفِي...


أُحَرِّرُ خُمُولَ الجَسَدِ
من انتظارِ المُنَبِّه...


أُعِدُّ قَهوَتِي عَلَى مَهْلٍ
في انتِظَارِ أَوَّلِ عَصَافِيرِ الدُّورِي
متأملاً صَبرَ الجَارَةِ – الصَّنوبَرَة...


وقَد أَهمِسُ لِقَصِيدَةٍ مُرتَبِكَةٍ
تُطِلُّ مِن ثَنَايَا الضَبَابِ:
هَلْ مِن مِيعَادٍ بَيْنَنَا اليَوم؟


في الصَّبَاحِ
أكتب.
أُنظَّفُ خَلايَايَ المُنهَكَةَ
مِن رَوَاسِبٍ أَرَقٍ عَابِرٍ...

 

وَقَد أُعِيدُ تَرمِيمَ صُورَةٍ مُهمَلَةٍ
لِنَّهَارِ بِلا قَذَائِف؛
علني أستَرِدُّ بعضاً

مِن مَلامِحي الغَائِبَة ....


في الصباح
أكتب ....

أُعَاتِبُ اللَّيْلَ عَلَى نَومٍ مُتَقطَّعِ ...
وقد أَسْمَعُ صَدَايَ
فِي سُرعةِ الوَقتِ المُسافِرِ
بين استعارتين ....


وقَد أَمَنَحُ المَجَازَ فُرصَةً إِضَافِيَّةً
كَي يَقول لي من أنا ...
بَينَ شُحُوبِ المَنفَى العَنِيدِ

والسياج


في الصباح
أَكتُبُ ....
أَقولُ لِلنَّهَارِ المُتَرَدِّدِ وَرَاءَ غَيمةٍ
أَنَا قَبلَك هُنَا ...
أَنجِزَتُ مَهَامِي عِندَ تُخومِ الوَردِ
وتَحرَّرتُ قَليلاً
مِن ظُنُونِي الرَّمَادِيَّة ....

 

فَتَعالَ بلا حِيرَة
وكُن وَدُوداً،
ولَا تُسرِف فِي المُفاجَأَة ...


في الصباح
أكتُبُ ....
أُتمِّمُ حُضُوراً عَفوِيا
بَينَ الوَقتِ/ المِمْحَاةِ
وبَقَايَا الصُّوَرِ الغَائِبَةِ ...


وقد أكتب...
كَي أَرَانِي أَكثَرَ وُضُوحاً في المرآة....
وأَعرِفَنِي أَكثَر.

 

مَا قَالَه الجَسَدُ لِلظِّل.


هَل رَأَيْتَ جَسَداً يَخْرِجُ مِن ظِل؟
هَذَا مَا حَدَثَ ذَاتَ لَيل...
حِينَ قَالَ الظَّلُ للجَسَد:


أَنَا مُنذُ اللَّيلَةَ أَنتَ ..
سَأَحمِلُ اسْمَكَ إِلَى فَضَاءِ الحِكَايَاتِ
وأنوبُ عَنكَ في البَحثِ عن غَدٍ
بِلا رَصَاص أو منفى....


كَانَ الجَسَدُ هَا مِداً بِلا حِرَاكِ
فِي مَهَبٌ ضَحِيحٍ غامِضٍ ....
يُحَدِّق في الفراغ مِثلَ جُثةٍ مُشَوَّهة...


فِيمَا كَانَ الظُّلُ ....
يَنهَضُ مِن بَقَايَا ضُوءٍ فِي العَينَين....
كَطفل أَربَكَه صَوتُ مُشَيِّعِيِين

وبَرَدٌ غَامِضْ فِي ثَلَاجَةِ مَوتَى....

هناك.
بَينَ وَجَهَين تَبَادَلا صُوَرَ الذَّاكِرَةِ
والحكايات...

قال الجَسَدُ لِلظَّل :
حِينَ تُصبِحُ أَنَا فِي التَّبَادُلِ الصَّرِيح ...
لا تُهمِل مَلامِحَ المَكَانِ
وضَرُورَة اللُّغَةِ ..
وأُلْفَةَ عَصَافِيرِ الدُّورِيِّ
علَى أَفرع الأَشْجَارِ فِي المَسَاء....


كَانَ الوَقتُ عَلَى أُهْبَةِ مَطَر ....
خَارِجَ مَقهَى خَالٍ مِنَ الزَّبَائِنِ
وَمِن وَجهِ امْرَأَةٍ فِي لَوحَةٍ
مُعلَّقَةٍ فَوقَ جِدَار...


وَكَانَ الجَسَدُ يُحَدِّقُ فِي انسِحَابِ الظَّلِ
كَأَنَّهَا لَحظَةُ وَدَاعِ أَخِيرَة:
تَذَكَّر وَجَعَا مِن مَسَافَاتٍ
وبلاداً مُشمِسَةٌ
بَينَ الفولاذ والضَّبَاب....


هُنَاكَ فِي الوُضوحِ البَدِيلِ
المُتَّسِعِ لِلتَّأْوِيلِ وَالاسْتِعَارَة....


صَارَ الجَسَدُ ظَلاَ ...
صَارَ الظُّلُ جَسَداً....

هناك ....
وعِندَ التِقَاءِ الجَنَارَةِ بِالكِنَايَاتِ
المُشرَعَةِ عَلَى الأَبَد....


عَفَا الظُّلُ - الجَسَد ...
استَيْقَظَ الجَسَدُ - الظُّل.