الإثنين  23 كانون الأول 2024

المؤتمر الموسيقي الأول في فلسطين.. محاولات للابتعاد عن الموسيقى التجارية وحاجة لتفعيل وتطوير الأطر القانونية

2023-10-03 08:30:57 AM
المؤتمر الموسيقي الأول في فلسطين.. محاولات للابتعاد عن الموسيقى التجارية وحاجة لتفعيل وتطوير الأطر القانونية

تدوين- تغطيات 

"تتويجا للموسيقى التي تعطي روحا للكون، وأجنحة للعقل وحياة لكل شيء"؛ انطلقت فعاليات المؤتمر الموسيقي الأول في فلسطين الذي عقد بتنظيم من مؤسسة جفرا للإنتاج بالشراكة مع جامعتي بيرزيت ودار الكلمة، بلدية رام الله، معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، جمعية الكمنجاتي، ساسيم، مؤسسة دروسوس، بنك فلسطين، ومجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية. فلا تجديد دون موسيقى تفتح آلام الجسد على مباهجها وألوانها المعاصرة، فتعددية الموسيقى تعطي حرية للعقل، للروح، للجسد، وتسمح لنا أن نكتب بلا قيد، وأن نبدع بلا خوف من كسر القواعد التقليدية، فالموسيقى لا تكذب، لأنها؛ تبني ولا تهدم، توحد ولا تفرق" وفقا لما ورد في كلمة عريفة المؤتمر نورا عبد الهادي.

وبحسب عبد الهادي، جاء المؤتمر؛ ليعبر عن طموح العاملين في قطاع الموسيقى في بناء تجربة استثنائية تحاكي خصوصية موسيقانا التي تتميز بالتنوع الغني وتحقق ما لم يحققه الآخرون لفلسطين.

وافتتح المؤتمر الذي استمر ليومين متتاليين، بكلمة للجنة المنظمة لمؤتمر الموسيقى الفلسطيني، ألقاها مدير البرامج والأنشطة في معهد ادوارد سعيد للموسيقى محمد مراغة، وقال فيها: "لقد تطورت صناعة الموسيقى في فلسطين خلال العقود الأربعة الماضية بشكل ملحوظ، واستطاعت الوصول إلى العالم؛ من خلال نجاحات العديد من الفنانين والفرق الفلسطينية؛ هذا التطور لم يأت من فراغ؛ حيث إن جهود العديد من الفاعلين الموسيقيين أفرادا وفرقا ومؤسسات ومعاهد وجامعات، على أصعدة مختلفة راكمت الجهود على مدار السنوات السابقة وصولا إلى مشهد غني ومتنوع.

وعرج مراغة في كلمته على التحديات التي تواجه القطاع الموسيقي في فلسطين بالرغم من النجاحات، أهمها الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الغاشمة والإحلالية، وكل الإجرام الذي يمارسه بشكل يومي، إضافة إلى تحديات تتعلق بالحماية القانونية والاقتصادية للموسيقيين والعاملين في صناعة الموسيقى.

وبحسب مراغة، جاءت مبادرة مؤتمر الموسيقى الأول، والتي تهدف إلى أن تكون المساحة المشتركة الآمنة لجميع أصحاب المصلحة، وتوحيد جهودهم وتعزيز الحوار بينهم وتلبية الاحتياجات الملحة التي تواجههم، مع التركيز بشكل خاص على الأطر القانونية والابتكار الرقمي والمشاركة المجتمعية والتعليم الموسيقي. حيث يسعى المؤتمر لضمان استدامة طويلة الأمد لصناعة الموسيقى في فلسطين ككل.

بدورها، ألقت مدير الوكالة الفرنسية للتنمية فيرونا سكوفا كلمة قالت فيها: "إن أهمية عقد هذا المؤتمر الذي طال انتظاره من قبل الموسيقيين وكافة العاملين في هذا القطاع في فلسطين، تنبع من كونه الأول من نوعه، كما أنه مهم لفرنسا أيضا لأنه جزء من مشروع تموله الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم تنظيم وتنمية الموسيقى الفلسطينية".

اليوم الأول- الجلسة الأولى

وعقب الكلمات الافتتاحية، انطلقت الجلسة الأولى بحوارية جاءت بعنوان " صناعة الموسيقى في فلسطين – واقع ورؤى مستقبلية"، أدارها المدير التنفيذي لجفرا للإنتاج سامر جرادات، وشارك فيها المدير العام لمعهد إدوارد سعيد للموسيقى، سهيل خوري الذي أسس مجموعة من المؤسسات الفنية والثقافية في فلسطين، وقال فيها: "إن صناعة الموسيقى في فلسطين موجودة منذ القدم، وارتبطت بوجود إذاعتي القدس والشرق الأدنى اللتان تأسستا بين ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، ما يعني أن الموسيقيين الحاليين يراكمون على جهود ونتائج من سبقوهم.

وأكد خوري أن الصناعة الموسيقية في فلسطين ليست صناعة تجارية أو استهلاكية، رغم تعثرها أحيانا، بسبب محاولة البعض أخذها بهذا الاتجاه، كالمسابقات العربية وصناعة النجومية، إلا أن فلسطين في الغالب ليست هناك، كما أنها ليست نسخة عن غيرها، وهذا ما يميزها.

وبحسب خوري، فإن الموسيقى التجارية في كثير من الأحيان تغيب شخصية المغني، لأنها؛ تسير في عجلة إنتاج واحدة وتتخذ شكلا واحدا.

كما شارك في الحوارية الموسيقي سمير جبران وهو مؤسس فرقة الثلاثي جبران قبل عشرين عاما، التي ارتبط اسمها بالشاعر الراحل محمود درويش، وهي أول فرقة في تاريخ الموسيقى الشرقية تضم ثلاثة عازفي عود.

وحول الهوية الموسيقية الفلسطينية قال جبران إن "موضوع تقنين الموسيقى وربطها بالهوية، يعود فقط إلى الفلكلور، الذي له قوانين من أهمها مرور سنوات عديدة لتصبح هذه القطعة الموسيقية مستمرة مع الأجيال إلى اليوم، عدا عن ذلك كلنا في العقود الأخيرة نسعى لأن نكون جزءا من منظومة الهوية الفلسطينية، لربما تصبح موسيقانا فولكلورا بعد خمسين سنة، وبهذا نصبح ناجحين في ترسيخ مفهوم الموسيقى الفلسطينية".

وعرج جبران على الفرق بين الموسيقي الفلسطيني والموسيقي من فلسطين، انطلاقا من حديث دار بينه وبينه محمود درويش، الذي نصحه بأن يفرق بين المفهومين، موضحا أن الموسيقي الفلسطيني هو الذي تضغط عليه السياسة في كل عمل، والموسيقي من فلسطين هو الذي يعي ذلك الضغط ويحاول إبداعيا أن يتأقلم مع الضغط حتى يتنصل منه.

ويرى جبران أن فلسطين لا تصنع النجوم بالمعنى التجاري، ولا تصنع محتوى عليه إضاءة ساطعة، إلا أن الموسيقيين في فلسطين يشعون على البعيد كاللؤلؤة، وقد يحترقون وهم بداخلها.

اليوم الأول- الجلسة الثانية

انطلقت الجلسة الثانية بحوارية بعنوان "الأطر القانونية في فلسطين – البنية التحتية القانونية الحالية وأولويات التطوير" أدارها مدير البرامج والعروض الموسيقية في معهد إدوارد سعيد للموسيقى، محمد مراغة، وجاءت لتضيء على مبادرات محلية من أجل المناصرة والتأثير على صناع القرار لدعم حقوق الإبداعية للفنانين وأيضا الفوائد المالية لهم، كما استعرضت مبادرات دولية كالدور الذي تلعبه "ساسيم" في دعم الصناعات الموسيقية في مختلف الدول، وحللت إمكانيات الشراكة ما بين جفرا للإنتاج و"ساسيم" والوكالة الفرنسية للتنمية في تطوير وتعزيز الأطر القانونية في فلسطين.

وشارك في الجلسة رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس الذي أضاء على الدور الذي تلعبه بلدية رام الله في إحياء القطاع الثقافي في المدينة، بقوله: "بلدية رام الله خرجت عن نمطية العمل في الهيئات المحلية في بعدها الخدماتي الروتيني؛ في أنها أخذت خطوة على أساس وطني قومي، وبدأت تعمل على موضوع الثقافة كلغة عالمية نخاطب فيها العالم، ليرى ما الذي يستطيع الفلسطينيون القيام به؛ من خلال سياسة ثقافية واضحة بنيت لبنة لبنة على مدى السنوات الماضية، وتكللت أخيرا بفعاليات تتجاوز عدد أشهر السنة".

وتابع: "ارتأت بلدية رام الله والمجلس البلدي أن يكون لدينا سياسية للموسيقي، ومن هنا دخلنا على اليونيسكو وسجلنا رام الله كمدنية تتحدث موسيقى، وتفهمها وتقدرها، بالتعاون مع الأطراف ذات العلاقة".

من جانبه، تحدث الخبير والمستشار القانوني في قضايا الملكية الفكرية في فلسطين رياض العيسة عن السياق التاريخي لقانون حقوق الملكية الفكرية في فلسطين، انطلاقا من العهد العثماني، حيث سرى في فلسطين هذا القانون منذ العام 1910، وانتهى العمل به عام 1924.

ووفقا للعيسة، عام 1924، صدر مرسوم ملكي إبان الحكم البريطاني لفلسطين نص على سريان القانون الملكي البريطاني على فلسطين ومنذ ذلك الحين أصبح هو القانون الساري والمطبق حتى يومنا الحالي، إلا أن تطبيقه العملي غير موجود على أرض الواقع؛ لعدم وجود وعي وثقافة قانونية عند الموسيقي أو المؤلف، بأن يحمي ملكيته، أو يلاحق الشخص المعتدي، الأمر الثاني أن الإمكانيات الرسمية محدودة بسبب عدم وجود مكتبة وطنية فاعلة، تلاحق حقوق المؤلف وهي الجهة المتعارف عليها عالميا المسؤولة عن هذا الموضوع.

أما مدير التنمية الدولية في جمعية المؤلفين والملحنين ومنتجي الموسيقى "ساسيم" حبيب عاشور، فعرج في مداخلته على الدور الذي تلعبه الجمعية في هذا الجانب، وقال إن ساسيم تأسست عام 1851، وهي جمعية خاصة غير ربحية يملكها أعضاؤها والمؤلفون والملحنون وناشرو الموسيقى، وهي تعمل بشفافية واستقلالية تامة. وفي بيئة متزايدة التعقيد، تمثل الإدارة الجماعية الحل الأكثر فعالية لحماية الإبداع وتعزيزه.

اليوم الأول- الجلسة الثالثة

وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان "مشاركة المجتمع والجمهور"، أدارها الموسيقي والمسرحي إيميل عشراوي، وتحدثت فيها مديرة التنمية الثقافية في بلدية رام الله سالي أبو بكر، عن كون الموسيقى شيئا فطريا ومقربا من البشر، وعلى مستوى الممارسات، يجب أن تتوفر بنية تحتية للموسيقيين سواء للإنتاج أو للتفاعل مع الجمهور، وهي لا تنحصر فقط في الأطر الكلاسيكية المتعارف عليها، إنما من المهم أن تتواجد في أماكن ليست تقليدية، إضافة إلى الإنتاج الذي يحتاج إلى منصات كي يتفاعل من خلالها الفنانون والجمهور.

بدورها، تحدثت الناشطة في مجال الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية راغدة أنضوني عن برنامج "الثقافة والفنون.. المشاركة المجتمعية" الذي أعدته الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون SDC، وبحسب أنضوني؛ عمل البرنامج على خلق حراك ثقافي يكون فيه المجتمع شريكا بالفعاليات الثقافية سواء من خلال الإنتاج أو الأفكار، بهدف جعل الجمهور قادرا على احترام الفن ومستعدا له، هذا من خلال الاستماع والبحث مع الناس لفهم مشاكلهم وهمومهم التي تواجههم ثم التعبير عنها بالطريقة التي يرونها مناسبة، أي تسخير الثقافة والفن بحسب رأي الجمهور.

وهذه الاستراتيجية التي اتبعها البرنامج استطاعت أن تعمل على استدامة المشاريع حتى بعد انتهائها في منطقة معينة، كمشروع "البحر إلنا" في قطاع غزة الذي عمل فيه فنانون من كافة القطاعات، بعد دراستهم للمنطقة التي أقيم فيها المشروع، وتوصلهم إلى نتيجة أن رواد البحر ومحيطه لا يهتمون بنظافة المكان، لذا قاموا بالعمل على هذه القضية عبر تدوير المخلفات والأوساخ، وبناء مبنى كبير يضم مسرحا ومكتبة وقاعات، ما يعني أن المكان أصبح فاعلا ونظيفا أيضا، وأصبحت الناس جزءًا من المشروع غير الربحي والذي يتطلب من زواره فقط الحفاظ على النظافة، وجلب المخلفات التي لا يحتاجونها من أجل إعادة تدويرها، وبهذه الطريقة تم خلق حراك ثقافي في المنطقة ما زال قائما حتى اليوم.

من جانبه، قال المؤلف والباحث وكاتب الأغاني والملحن عيسى بولص "إن الموسيقى هي حالة معنى، أي أن الإنسان الذي يعبر موسيقيا عن شيء ما في ذهنه، يعبر عن هويته كشخص أو كمجموعة ما".

وعرج بولص على فترة السبعينات والثمانينات التي تميزت بالتفكير الموسيقي والفلسفي والسياسي والاجتماعي والثقافي ذي المعنى والمستقل عن المفاهيم التجارية في الإطار الزمني الآني، مضيفا أن الصناعة الموسيقية في إطارها الرأسمالي عمرها أكثر من مئة سنة، إلا أن الموسيقى تعود إلى آلاف السنين وتمارس بشكل مجتمعي، وعند الحديث عن الصناعة الموسيقية يعني أننا نطبق مفاهيم رأس المال وقوانين السوق على منتج ثقافي، مستشهدا بقول ماركس عن الموسيقى "الإنسان يمارس الموسيقى تعبيرا عن هويته". وعندما يتحول هذا المنتج إلى سلعة مع مرور الوقت تتغير مقاييسه، ما يعني أن من يقوم بصناعة هذه السلع يضطر للتقيد بقوانين السوق.

وتحدث بولص عن مصر كمثال بعدما اجتاحتها المفاهيم التجارية، ما أدى إلى انحدار الأداء وانخفاض أعداد خريجي الموسيقى على مستوى التعليم، ثم أصبح هناك تكريس شبه رسمي لمفاهيم السوق فيما يخص الصناعة الثقافية التي تعنى بالموسيقى.

اليوم الثاني

ركزت الجلسة الأولى من اليوم الثاني للمؤتمر على مشهد تعليم الموسيقى في فلسطين ودوره في إعداد العاملين والموسيقيين للانخراط في صناعة الموسيقى باختلاف المهن والمهارات، وسلطت الضوء على الواقع الحالي لتعليم الموسيقى وصناعتها والأدوار المختلفة التي يحتاجها القطاع الإنتاجي لإنتاج موسيقى متميزة، كما قدمت الجلسة نظرة على الأمثلة والتجارب الحالية لتعليم الموسيقى، والطرق التي يمكننا من خلالها سد الفجوة بين احتياجات سوق العمل والفرص التعليمية.

وانطلقت الجلسة الأولى بحوارية بعنوان "تعليم صناعة الموسيقى في فلسطين – أولويات واحتياجات لبناء قطاع موسيقى ناجح ومنتج"، أدارها الفنان جريس بلاطة وهو عازف بيانو وملحن ومؤلف موسيقي وأستاذ جامعي يدرّس في العديد من المعاهد الموسيقية والجامعات الفلسطينية والدولية.

تحدث في الجلسة المدير العام لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى سهيل خوري عن نشأة المعهد على يد خمسة موسيقيين جمعتهم الكاتبة والملحنة ريما ترزي، لعمل دراسة حول واقع الموسيقى في فلسطين عام 1990، وكانت النتيجة معروفة مسبقا، ولكي يتغير الواقع التفت الموسيقيون إلى أهمية افتتاح مدرسة للموسيقى. فبدأ المعهد بأربعين طالبا ومجموعة من الأستاذة الذي انتهج كل واحد منهم منهاجه الخاص، ثم أصبح للمعهد منهج ونظام موحد مستمد من الأنظمة البريطانية والفرنسية، ولاحقا أقر المعهد شهادات أساسية، متوسطة، وعليا.

أما مدير جمعية الكمنجاتي إياد استيتي فتحدث عن بدايات الجمعية التي تأسست على أساس الوصول إلى الأطفال الذين يعيشون في أماكن بعيدة، ليقوموا بصحوة موسيقية تشجعهم على إتقانها وممارستها، كي تصبح الموسيقى وسيلة من وسائل التعبير تساعدهم وتفتح آفاقهم. وتوصلت الجمعية إلى نتيجة أن التعليم الأكاديمي هو جزء أساسي في مرحلة التعلم؛ فعملت مع المدارس، بهدف التوعية والتنشئة الموسيقية.

أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان "الحراك والحماية الفنية" وناقشت الحراك المجتمعي والثقافي من أجل توفير الحماية للفنانين وتوفير حقوقهم، مثل حرية التعبير الفني، وحرية الحركة، وضمان تكافؤ الفرص للفنانين في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. واستعرضت الجلسة نماذج عالمية في توفير الحماية الفنية، مثل منظمات الإدارة الجماعية (CMOs) ودورها في حماية الحقوق الإبداعية والاستدامة المالية ومكاتب تصدير الموسيقى.

وفي هذه الجلسة التي أدارها المستشار الموسيقي بيرناردو كويروز تحدث الموسيقي أحمد عيد عن الواقع السياسي في فلسطين الذي يعيق تطور الموسيقى في البلاد، إضافة لعدم وجود تبادل ثقافي على أرض الواقع بين الموسيقيين في البلاد المجاورة، ما يعني أن الموسيقيين في فلسطين يعتمدون على أنفسهم بالدرجة الأولى لتطوير وخلق مساحة بين الأفراد والمؤسسات في البلاد.

في حين تحدثت الموسيقية ميساء ضو عن الحريات المحدودة بفعل الحواجز الموجودة في المناطق الفلسطينية المقسمة استعماريا، والتي تشمل محدودية مساحات العرض، وكذلك التنقل، والإنتاج.

وجاءت الجلسة الثالثة التي أدارتها الفنانة والأكاديمية مايا الخالدي، بعنوان "صناعة الموسيقى من وجهة نظر الفنانين – مداخلات حول احتياجات الإنتاج والنشر في فلسطين"، والتي تطرقت إلى كيفية تعامل الموسيقيين مع صناعة الموسيقى في فلسطين، واستعرضت هذه الجلسة تجربة الفنانين في إنتاج الموسيقى ونشرها، التحديات التي يواجهونها على مستويات اجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة، والاحتياجات اللازمة لتطوير وتحسين هذه التجربة.

وفيها تحدثت الفنانة الموسيقية "ماكي مكوك" عن المشهد الموسيقي الحالي، بمقارنة مع السنوات السابقة، حيث أصبح اليوم فيه أناس فاعلون أكثر مما مضى، كما ظهرت أنواع موسيقية مختلفة، ما يعني أن الجيل الجديد بدأ يهتم بالإنتاج والراب والدي جي، من كل الأجناس، وهو ما يعطي مؤشرا إيجابيا.

أما الفنان مروان حلبي فتحدث عن المساحات الفلسطينية التي يرى أنها قليلة ومحدودة مقارنة بالمساحات الموجودة في الداخل المحتل والتي يمولها الاحتلال، وهذه الأخيرة، تخلق لدى الفنان الفلسطيني أسئلة حول جمهوره وأماكن عرضه، وهل باستطاعته العيش إذا اكتفى بالعرض في المساحات الفلسطينية التي تقتصر على بيت لحم، رام الله، يافا، وحيفا. مبينا أن الفنان لا يمكنه أن يعيش بهذه المساحات، سيما في ظل غياب الدعم للموسيقي الفلسطيني.

وتحدثت ممثلة مؤسسة "ديليا" في فلسطين مجد حجاج عن واحد من المشاريع التي عملت عليها المؤسسة وهي "جلسات ديليا الموسيقية" التي انطلقت على "يوتيوب"، والهدف منها هو عقد جلسات موسيقية تشمل أغنيتين لكل فنان مشارك، ومقابلة تعريفية يعرج فيها الفنان على التحديات التي تواجه الفنانين الفلسطينيين والتي تتلخص في الإنتاج، والمساحات.

يشار إلى أن فعاليات المؤتمر ستستمر حتى عام 2024، وتشمل سلسلة لقاءات وورشات سيعلن عنها لاحقا، كما سينشر كتاب يتضمن أوراقا بحثية سيتم إنتاجها بهدف؛ توفير فهم أفضل لحالة الصناعة في فلسطين واحتياجاتها وزيادة الإنتاج المعرفي بها.