تدوين- آراء ومدونات
تشير مقدمات دولة المؤبدات والإبادة الشاملة إلى الأفعال الدموية الإرهابية على مدار عقود احتلال فلسطين المحتلة، في غزة البحروالميناء والفلسطينيين نحو الحرية والحياة، أنطلقت المقاومة من غزة نحو المستعمرات والمدن الفلسطينية التي يسكنها الاحتلال وشعبه المهجر بهوية استعمارية من أوروبا، وتهجير اليهودية من بلدان أفريقية استوطن فيها الغرب ونهب الثروات وبناء قواعده العسكرية إلى فلسطين، فيصبح فعل الدين واللغة على طريق التزيف والتصهين، جاء فعل المقاومة الفلسطينية مع بدايات صباح السابع من أكتوبر للعام الحالي استكمالاً عادلاً للكفاح في التحرير والسعي نحو استعادة فلسطين المحتلة، وغزة حتى الضفة الغربية، وغزة لا تنام إلا على أحلام يحرسها الأمل وسط نيران القصف الصهيوني المستمر على مدار اللحظة بكل الأسلحة الدولية التي مدّ بها الغرب والإمبريالية الشرسة الأمريكية كيان هذا المستعمر، ما يعيد إلى التاريخ سؤال في عنق الغرب، كيف تخلصت أوروبا من المشكلة اليهودية بنقلهم إلى فلسطين وزرعته جسماً استعمارياً في المنطقة العربية وإعطائه دولة فصارت فلسطين إسرائيل في الرسمية الغربية بصناعة القانون الاستعماري الذي يهدم الدول ويحتلها؟
في ذلك تأملات سياسية تصبح مع الأجيال درس التاريخ والجغرافيا، ودروس الرواية والشعر والمسرح، لكن لا تصبح حقيقة عن فلسطين التي تعيش من السجون حتى البراري والبحر والمدن عمليات القتل المتعمد يومياً والتهجير والسجون المدمرة للفدائي الفلسطيني والفدائيات، وسفاح الطفولة يطلق في سجونه معتقلات للطفل الفلسطيني، تعيش غزة كما نعيش على قلق التخلص وأفق الحرية القادمة، الشهداء في طريقهم من حيث جاءوا إلى الأرض وترابها في لحظات يدخل المكان حيز الزمان فتصبح الأرض الفلسطينية النازفة عاصمة الشهداء وتصبح فلسطين عاصمة فلسطين حتى تصل إلى القدس بطوق دماء الشهداء وسنوات الأسرى وأجيال نشئت في الهجرة وداخل الشتات لا تنسى العودة نحو البلاد المهجرة، فالأحلام تأتي من العودة ولا تغادر إلى كابوس الشتات.
أدخل الاحتلال غزة حروب كثيرة، ودخلت المقاومة الفلسطينية الحرب والتحرير فعلاً مناضلاً دون الرجوع إلى الوراء، فالكفاح بداية الحرية، ومجازر الاحتلال لا تنتهي من صبرا وشاتيلا وقانا في لبنان إلى غزة التي تعيش الاَن حرباً طويلة شاملة الإبادة الصهيونية بمشروعاً كونيالي يسعى إلى التهجير القسري، الشهداء في غزة يعودون كل لحظة مابين القصف المستمر دون توقف والاغتيالات المباشرة للمقاومة وأطفال الحرية الفلسطينية.
لا تحتاج الكتابة إلى البلاغة كما ليس للفعل حاجة للكلام والانتظار، في غزة المشهد من النكبة الأولى والتهجير الأول، إلى نكبة التطبيع الحديثة التي تأكل غزة بالطائرات الحربية الصهيونية ومحاولات التهجير والشهداء طريق مفتوح نحو الأرض، وصلت المقاومة الفلسطينية حتى عسقلان المحتلة في جغرافيا العائد فاتح بلاده كاتباً زمناً " لا تكتب التاريخ شعراً" فيكتبه الفلسطيني برواية العودة الطويلة، وأسطورة المعجزة النضالية ، يكتب محمود درويش في يوميات الحزن العادي نصّ لافت الانتباه مع الحدث الفلسطيني "هكذا ينام العالم، وهكذا يصحوهو مدجج بالسلاح، وأنا مدجج بالقيود، القوي متحضر، والضعيف بربري،وليس التاريخ قاضياً، التاريخ موظف، ماذا كان الهنود الحمر سيقولون لو هزموا غزاتهم؟ والذين يتباهون بالحضارة والتمدن غالباً ما يكونون القتلة… القتلة.
الشهداء في غزة يعودون كل لحظة مابين القصف المستمر دون توقف والاغتيالات المباشرة للمقاومة وأطفال الحرية الفلسطينية
أنظروا هذاالثلاثي: الأول [أمريكا] أباد شعبا في الماضي، ويبيد اليوم شعباً وتربة في جنوب شرق آسيا، ويفجر علامة تحضره الكبرى –القنبلةالذرية– في شوارع العالم، يطالبني بالخروج من حلبة الإنسانية، ومن الكرة الأرضية لأنني إرهابي. والثاني [أوروبا] ليس من الحكمة أن نذكره بماضيه.لقد أحرق عشرات الملايين من البشر باسم الحضارة والتمدن، والآن يتعانق القاتل والضحية وينجبان وليداً جديداً هو الثالث. فماذا ينتج عن زواج الإرهاب إلا الإرهاب! وجاء الثالث [إسرائيل] المدجج بالتوراة والسلاح، واقتلعني من جبالي وسهولي ودحرجني من الحضارة إلى الحضيض. هذا الثلاثي يطالبني بالخروج من الكرة الأرضية لأنني إرهابي. وماذا كان العالم يفعل؟ في ساعة متأخرة من الليل، يذهب الى غرفة النوم وينام" والتأملات في النصّ تتصل بتأملات الفعل ودوره في ترسيخ الرواية الفعلية القائمة لحقيقة الاحتلال والوجود الفلسطيني في الفهم لا مفهمة تلقن العقل صناعة حداثة الروايات الغربية والصهيونية التي تقيد الوضوح والحق رغم إفلات صاحب الحق من سياج الصهيونية إلى حرية السماء والأرض ودرس التاريخ ووضوح الجغرافيا فيه من قبل ومن بعد.
إن الموت الإسرائيلي المستخدم في غزة على أهل المدينة والقطاع يكتب عنوان الوحش الصهيوني قادماً باحثاً عن الدم الفلسطيني والعربي مدعوماً بالأسلحة وفرق الإرهاب الداعمة لتفتيت المدن وتهجيرها، وقد صار الحدث في غزة الحرة بالصوت والصورة رغم محاولات دولة الاحتلال فصل الإتصالات وشبكات الأنترنت عن سكان أهل قطاع غزة كجزء من سياسات الاستعمار بفصل المدينة عن العالم، وعلى ذلك يواجه الصحفيين بشكل خاص الموت الصهويني وصعوبات قاسية في توصيل الرسالة الإعلامية لما يحدث داخل قطاع غزة وقد استشهد في سبيل ذلك العديد من الصحفيين والمراسلين الدولين لشبكات ووكالات الأنباء. وعلى ذلك غزة لم تزال تضيئ بالشمس والاَمال المسكونة في وجدان أهلها ومن فيها.
الناجي الوحيد
طفلاً يصحو وحيداً واَخر يمضي واَخر لم يزل في بطن أمه شهيداً أو جريحاً، حكايات أخرى تفوق عقل المعجزة في التصور، وتفوق الواقع الذي يؤمن بالطبيعة، والحياة هناك رغم السُبُل إليها تخرج عن الطبيعة على مرأى الكون الذي ينظر كأنه أخرس أعمى، لكن التوجه نحو الحرية والحياة، تعيش كالزيتون والشجر الذي عاشا قائماً في وطن مسلوب إلا من حريته وعزيمته لإستعاده وطنه رغم الفقدان المستمر.
في كل مرّة تدخل غزة الحرب واقفة حتى الفجر تحت نير الاحتلال، والعالم يأخذ خطوة إلى الوراء والفراغ والفرجة على الشاشات والصوت الذي يقتل الوجدان من القسوة، فأين ضمائر الكون من حديث غزة المنفجر حتى على الذكريات؟ كتب إدوارد سعيد سيرته ذائعة الصيت " خارج المكان" وتورط بفقدان الأمكنة، في غزة كل شخص هناك أصبح خارج المكان لا خارج وطنه، فالمكان البيت والميناء والعمل والشوارع والمباني صارت خارج الزمن والمكان تحت وفوق الإبادة الممارسة من الصهيونية القاتلة، وصار قطاع غزة خارج من المكان يبحث عن زمنه الرهيب باسم فلسطين ونضالاتها المعجزة، ولسان غزة وظيفة تاريخة لا تحمل الشعار في صيد الكلام، الفعل شعار؛ الشعار أٌقرب إلى كيف تلقن العمل في سؤال " ما العمل " لا الجلاد يعترف بهزميته في غزة والوحش يتوغل يطارد الهواء باحثاً عن فلسطين في غزة، والضحية لا تدخل في تلك السذاجة إلا الدخول في زمن التحرير والكفاح الأكبر.
يبقى السؤال مفتوح يُعلق جداريات فلسطين يسمع الحكاية من طفل شهيد، واَخر ينتظر أمه الشهيدة، " لحمي على الحطيان لحمك" وحيطان فلسطين حتى الميناء لحم فلسطين في مقاومة الزمن المرّ وجنرالات الدم، في غزة نكرر الأسم حتى لا يسقط في الحصار والحرب، ويلتصق بالذاكرة ومافي البلاد من حجار وذكريات شاهدة وتُشهد الكون على فلسطين، والزمن الفلسطيني يستمر خارجاً من زمن إلى اَخر ويعيد الانتصار ويكتب تاريخه وجغرافيا العائد وينتصر للطفل حتى رأس الناقورة "هنا كان شعبي" وعاش.