السبت  27 نيسان 2024

الديوان التاسع للشاعر فراس حج محمد.. أبرز محطات القضية الفلسطينية "في أعالي المعركة"

2023-12-01 12:27:26 AM
الديوان التاسع للشاعر فراس حج محمد.. أبرز محطات القضية الفلسطينية

تدوين- إصدارات 

صدر مؤخرا في مدينة نابلس عن دار الفاروق للثقافة والنشر للكاتب فراس حج محمد ديوان جديد بعنوان "في أعالي المعركة". يقع الديوان في حوالي (200) صفحة من القطع المتوسط، تصدّر غلافه لوحة للفنان الفلسطيني سليمان منصور، وصممت الغلاف الفنانة ميسم فراس.

هذا الديوان، وهو التاسع الذي يصدر للشاعر حج محمد، تنوعت فيه القصائد ما بين الكلاسيكية والشعر الحر، وجاء بعضها باللهجة العامية الفلسطينية، واشتمل على مقطع واحد باللغة الإنجليزية.

يتألف الديوان من (76) قصيدة، موزعة على ستة أقسام، أطلق على كل واحد منها اسم باب، فجاء باب الموت أول الأبواب، واشتمل على (13) نصاً، وباب الحرب على (8) نصوص، وباب السيف على (11) نصاً، وباب الشهداء على (18) نصاً، وباب السماء على (8) نصوص، وكان آخر الأبواب باب النصر، واشتمل على (18) نصاً.

يهدي الشاعر ديوانه "إلى المقاومين الذين قالوا: نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت"، ويهدي الشاعر قصيدة "أنت والأرض مرساي فلتعدي المراكب"، وهي واحدة من قصائد باب النصر "إلى أميرة الوجد: شروق". مذكرا بديوانه الغزليّ الأول "ديوان أميرة الوجد".

تناولت هذه النصوص كما يظهر من ترتيبها تاريخية القضية الفلسطينية، حيث الحديث عن النكبة ومفرداتها المتعددة من شتات وتهجير ولاجئين، وخيام، وغيرها في قصائد الباب الأول، وأما مفردات الحرب وويلاتها وما فيها من مآسٍ فسيطرت على قصائد باب الحرب. في حين تظهر في قصائد باب السيف مفردات مقاومة الاحتلال ومظاهر تلك المقاومة.

وتوقف الديوان في باب الشهداء عند ظاهرة الاستشهاد، وتمجيدها في مجموعة من النصوص، قبل أن يرثي الشاعر مجموعة من الشهداء الذين قضوا نحبهم دفاعا عن فلسطين، فرثى الشاعر كلا من القادة: أحمد ياسين، ود. العزيز الرنتيسي، والمقاومين: لبيب عازم، ورعد حازم. ومن الشهداء الأطفال يتحدث الشاعر عن محمد الدرة، وحمزة نصار. وعن شهداء الشعب، الثنائي رائد جرادات ودانيا ارشيد شهيدان أعلن عن خطوبتهما بعد أن استشهدا، كما تناول أحد النصوص الإعلامية الفلسطينية مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، والشاب التركي الشهيد فرقان دوغان الذي استشهد على متن سفينة مرمرة عام 2010.

وضم باب السماء قصائد تتحدث عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، ليختم الديوان بمجموعة من قصائد تحتفل بالنصر على طريقتها الشعرية، آملة في تحرير فلسطين، وبذلك يصل الشاعر في هذه القصائد إلى المحطة الأخيرة من عمر القضية الفلسطينية حيث الراهن والمأمول في المستقبل. وحضرت مدينة غزة ومقاومتها في كثير من النصوص، وخاصة في باب السيف وباب الشهداء وباب النصر، عدا حضورها في باب الحرب.

ومن قصائد الديوان، قصيدة "ألف وصية للورد" وجاءت في أول باب "الشهداء":

ما بين كلِّ رصاصةٍ وجسدْ

يصنعُ الوردُ مسافته الأخيرةَ

يرتوي

ويُطيلُ هذا السردُ عمرَهْ

***

ما بين كلّ هديل حمامتينِ

قرقعةٌ عبثيةٌ مجبولةٌ بغبار طلع النائحاتْ

ضياءٌ مطلقٌ، ورحابةٌ، وسناً، ولحنُ أغنيةٍ على وترٍ شجيّْ

لهذا الوردِ في هذي الوجوه المسفراتِ

روايةٌ بيضاءُ في الإيقاعِ تعلو بانهمارِ "المرحمةْ"

تحِنّ لدقّة القلبِ الدقيقةِ

والرؤى مثل انبلاج نبيٍّ حاملٍ رؤيا السماءِ "الممطرةْ"

في وصايا عشرةْ:

الوردُ للونِ، واللونُ للهِ، واللهُ يسري في "الرياحِ العاتيةْ"

والريحُ رائحة وغادية مثل الظلالِ مزنّرةْ

والظلّ خطّ الشمسِ تكتبه جسرَ العبورِ "محرّرةْ"

والأرض سطرٌ في الحياةِ الشاهدةْ

والشهدُ يشهدُ أنّ روحَ الوردِ زيتونُ الجبالِ وطعمُ لبِّ الثمرةْ

والطعمُ هذا الطعمْ

لذّة مقصورة لتذوبَ في نهر الصفاءِ "مغامِرةْ"

والنهرُ يتلو الحكمةَ الجُلّى على الخلائقِ "جامعةْ"

والضوءُ متّصلُ الغناءِ، يشعُّ أنغاماً يُعرّفُ في "السماءِ السابعةْ"

ألفٌ من الآلاف هائمة تُعَمّدُ نفسها برحيق وردةْ

واللذّة الكبرى انتباهُ الروح في عليائها

تُروى بنورِ سنائها

ترضى بحبّ حبيبها فتعيدُ للأحياءِ وجْدَهْ

***

ما بيننا شيءٌ تبقّى؛ سرونا الممتدّ فينا

مثل مدّ سحابةٍ رجراجةٍ تهمي

ليكتبَ سرَّه الوعدُ الإلهيُّ العميقُ في دمنا

فجرَ ارتفاع صوت المئذنةْ

ويلقي الساجدون على الرمالِ آخرةَ التعاليم المهيبةِ

تشربُ زهرة من عطرنا كأساً تَنفّسُ في الصباحِ تدفُّقَهْ

***

ما بيننا لغة مفهومة من كلّ ما يحوي الترابُ

من الحقيقة والخيالِ يحومُ حولَهْ

لغة لها شكل امتداد اللحم في شريان طفلةْ

ما بين معناها المخبّأ في الغيومِ وبيننا

أحلامُ سنبلةٍ تهدهدُ خيلَهْ

وتفيض سبعاً ثمّ سبعاً، سبعمائة ضعفِ جَوْلةْ

تُسرّحُ في اشتعالِ النارِ ظِلّهْ

ما بين كلّ رصاصتينِ جديدتينِ قادمتينِ من "غول البلادْ"

يستعيد الوردُ شكلَهْ

ما بين كلّ رصاصةٍ وخليّة ومسافةٍ، وحشٌ بدائيٌّ

تفرّدَ بانتقاءِ الوردِ، تنبت ألفُ وردةْ

ما بين كلّ وصيّة ووصيّة للوردْ

تشتدّ أنفاسُ الرحيقِ بكلّ صولَةْ

لا شيء ينفع غير هذا الوردِ في دمنا

حنينٌ "كامل الأوصافِ" نعزفه ليظلّ مرويّاً

كنرجسةٍ، قرنفلةٍ، وفُلّةْ

صلّى الإلهُ على الحقولِ مباركاً أمواجها في كلّ جُملَةْ.