تدوين- يحدث الآن
أصدرت محكمة ولاية هامبورغ الألمانية حكمها برفض الدعوى التي رفعتها الكاتبة الفلسطينية، المقيمة في برلين، عدنية شبلي لـ"منع نشر مقالة نقدية" كتبها صحافي في جريدة "تاتس" الألمانية، ومحاسبته على الاتهامات الواردة فيها ضدها وضد روايتها "تفصيل ثانوي"، التي صدرت في عام 2022 عن دار بيرينبيرغ، في ترجمة غونتر أورت.
وكانت "تاتس" قد نشرت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مقالاً بعنوان "ظلال على معرض الكتاب"، وحمل المقال عنواناً فرعياً هو"هل يُمكن منح جائزة لرواية تصور إسرائيل آلة للقتل؟ على معرض الكتاب في فرانكفورت أن يُجيب على هذا السؤال". وكان هذا المقال، واحداً من مقالات وتصريحات عدة، دعت معرض فرانكفورت الدولي للكتاب لإلغاء احتفال تسليم جائزة أدبية لشبلي خلال أيام المعرض، ودعت مانحي الجائزة لسحب الجائزة من عدنية.
معاداة السامية
يمكن وصف المقال الذي كتبه الناقد كارستن أوت (1972)، الذي ينشر مقالات أدبية ونقدية منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ويقدم برنامجاً إذاعياً نقدياً في راديو بادن بادن، بأنه مقال ناري، لم يتناول فقط رواية "تفصيل ثانوي" لعدنية شبلي، بل شن هجوماً على صاحبة الرواية نفسها، رابطاً بينها وبين مشهد "احتفال العرب بقتل المدنيين الإسرائيليين، وتقديمهم البقلاوة للمارة في حي نيو كولن"، وهو حي من أحياء برلين تقطنه نسبة كبيرة من المهاجرين العرب. وتضمن المقال هجوماً على المعرض الأشهر في أوروبا، والهيئات الثقافية، التي "تمنح جوائز لتلك الأعمال التي تُصور إسرائيل آلة للقتل". ويضيف المقال أن لجنة تحكيم جائزة "ليبراتور" لعام 2023 لم تُقدم "سوى نصف الحقيقة" في بيان الجائزة، عندما رأت أن "رواية "تفصيل ثانوي" هو عمل فني مؤلف بدقة، ويحكي عن تأثير الحدود والصراعات العنيفة على الناس العاديين".
وبعد أن يشرح للقراء ماهية "تفصيل ثانوي"، يكتب أوت أن العمل "يُظهر جميع الإسرائيليين على أنهم مغتصبون وقتلة مجهولون". في حين يُظهر الفلسطينيين على أنهم "ضحايا على يد محتلين مسعورين ومستعدين لإطلاق النار في كل وقت، وعلى أي كان". وأن العنف الذي يحدث ضد المدنيين الإسرائيليين يُنظر إليه على أنه "وسيلة مشروعة في النضال التحرري ضد المحتلين". ثم ينهي هجومه بالقول "هذا هو الأساس الأيديولوجي واللاإنساني للكتاب". وذكر بقراءة الصحافي أولريش نولر (1966)، الذي يرى أن "تفصيل ثانوي" رواية "تخدم روايات معادية لإسرائيل ومعادية للسامية".
ويخرج أوت من نقد الرواية إلى نقد مواقف شبلي نفسها، على أنها من "مؤيدي حركة المقاطعة" لإسرائيل، وقد وقعت على عريضة بذلك في عام 2007، وفيها تم "تشبيه إسرائيل بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا". وهو السبب الذي دعا الروائية الفلسطينية لإقامة الدعوى ضده.
طبعة ثانية
وعلى رغم وضوح النقد الشخصي والنقد الاتهامي السياسي اللذين وجههما أوت لشبلي، إلا أن محكمة ولاية هامبورغ بررت قرارها بالرفض في 21 نوفمبر بحجة أنه "تعبير عن الرأي المسموح به"، وبأن "النقد الأدبي مسموح به، ولو كان نقداً قاسياً"، وبأن المحكمة لم تعثر على أي قرائن تثبت منازعة عدنية شبلي.
واللافت أن أوت، وكذلك "التاتس"، كانت تعرف عدنية شبلي على أنها "كاتبة إسرائيلية من أصول فلسطينية"، ناسيين أنها لو كانت كاتبة إسرائيلية بالفعل، وليست من عرب 1948 الذين يحملون وثائق إسرائيلية بحكم الأمر الواقع، لما تجرأ صحافي أو صحيفة على انتقاد "تفصيل ثانوي" بهذه القسوة، ولا على وصف العمل بأنه معاد للسامية. وبمجرد نشر خبر رفض الدعوى، احتفلت "التاتس" بهذا القرار، ورأته "انتصاراً"، فكتبت في خبر لها: "المحكمة تحمي النقد الأدبي، شبلي تفشل في مواجهة تاتس". ولكن، ومنذ وقت إعلان إلغاء حفلة تكريم عدنية شبلي خلال معرض فرانكفورت 2023، زادت مبيعات الرواية في شكل متواتر، ونفدت الطبعة الأولى، وطبعت الدار الألمانية طبعة ثانية من الرواية لتكون متاحة للقراء.