تدوين- إصدارات
صدر حديثاً عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت، الكتاب الأول من ثلاثية: "كيف يصبح الدين شراً: نظرة موحدة للعنف في تاريخ الأديان الثلاثة"، وهو بعنوان "اليهود والعنف"، من تأليف منير العكش.
وجاء في مقدمة الكتاب: "في هذا المجلد الأول من ثلاثية "كيف يصبح الدين شراً" يرسم المؤلف صورة تاريخية كاملة للذهنية اليهودية ويذهب إلى أنها ليست ديناً، بل هلوسة أيديولوجية أو "برنامج سياسي" بتعبير الفيلسوف كانط، وأنها صيغت في وقت متأخر على قياس حاجات مجتمعها الصحراوي القاسية وعبرت عن روحه وأسباب عنفه وعبادة ذاته، وعن أحلامها في وراثة بلاد الآخرين واستباحتها.
هذه الأحلام والطموحات هي التي صارت لهذه العشائر ديناً وظيفياً أبرز عباداته العنف المميت، وله مركزية مقدسة اسمها "العهد"، وهدف يقدس الغزو والنهب والإبادة اسمه "الأرض الموعودة"، وفريضة مقدسة اسمها "عبادة الذات"، وخرافة وراثية (جينية) استثنائية اسمها "الاختيار الإلهي"، وبراءة مطلقة من ربها بـ "حق التضحية بالآخر" واستحلال وجوده اسمها "لعنة كنعان"، وطقس عبادة يسمونه التحريم (ذبح وتدمير وحرق)، ظناً منهم أن ربهم يسر برائحة الجثث المشوية وصار لها رب محارب مهووس بالإبادات "يدفع" أمامها ما شاءت من أمم الأرض للتحريم.
النصوص التي نسجت منها الذهنية وتمحورت حول فكرة إسرائيل "الأرض الموعودة" (احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب) تضعنا أمام أيديولوجية إبادة جماعية، لا تتحقق إلا بالعنف المميت. وهي تتجسد اليوم بالحركة الصهيونية اليهودية وغير اليهودية، فما يشهده العالم في غزة اليوم هو عرض طقسي حي تقدمه حكومة المتدينين بالصوت والصورة لهذه الأيديولوجيا الإبادية التحريمية، التي كانت وما زالت عبادة لهم لازمت فكرة "إسرائيل" من يوم ما اعتقدوا أن ربهم أعلن قرانه على "إسرائيل".
ويتميز عمل المؤلف، وهو من أبرز الباحثين العرب في ظاهرة العنف والإبادات الجماعية، بأنه يستعرض كيف تحولت فكرة "إسرائيل" إلى حاضنة وحوش في السياسة والفكر والفلسفة الغربية، ويوثق كل كلمة يكتبها، فالمراجع والإضاءات تشغل المساحة الأكبر من الكتاب.