تدوين- يحدث الآن
قبل أيام قليلة، أطل الفنان الفلسطيني عبر مقطع فيديو مصور، لمناشدة الجهات المعنية بإخراجه من قطاع غزة لتلقي العلاج اللازم، بعد تفاقم حالته الصحية. اكتفى الفنان الراحل بالقول: "أطالب بنفسي، بدي أتنفس، مخنوق بدي أتنفس"، قبل أن يتمكن منه السعال الحاد ويمنعه من استكمال منشادته العاجلة.
ولأن أحدا لم يلتفت إلى حالته الصحية، استشهد الغبن صباح أمس الأحد، بعد صراع طويل مع المرض.
ونعت وزارة الثقافة الفلسطينية الفنان التشكيلي فتحي غبن الذي توفي في قطاع غزة عن عمر ناهز 77 عاما بعد معاناة مع المرض.
وقالت الوزارة إن "رحيل غبن يشكل خسارة للفن الفلسطيني الذي شهد على يده انتقالات مهمة اتجاه تجسيد الحياة الفلسطينية، واللجوء الفلسطيني، والمخيم، وتقاليد الحياة في البلاد التي نذر حياته لتخليدها في فنه".
وتلقّى غبن في الأيّام الأخيرة العلاج في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، على أمل الخروج من القطاع لتلقّي العلاج في الخارج، إلّا أنّ الاحتلال لم يسمح له بذلك، على الرغم من استكمال كلّ الإجراءات المطلوبة.
وأضافت وزارة الثقافة في بيان أن "غبن الذي كان يعاني من مشاكل حادة في الصدر والرئتين كان بحاجة للسفر إلى الخارج لاستكمال علاجه، بسبب نقص الأدوية والأكسجين في غزة، لكن سلطات الاحتلال لم تسمح له بمغادرة القطاع".
وكانت عائلة الفنان قد ناشدت عبر مقطع فيديو مصور، الجهات المعنية للعمل على إخراجه من قطاع غزة لتلقي العلاج اللازم.
وأوضحت العائلة أن الراحل كان يعاني من أزمة صحية حادة في الرئتين، فاقمتها رائحة الفسفور والدخان التي ملأت غزة بفعل حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال على القطاع.
كما أوضحت العائلة أن أعمال الفنان ما زالت مجهولة المصير عقب تعرض منزله للقصف وتحوله إلى ركام.
ولد فتحي غبن في قرية هربيا شمال قطاع غزة عام 1947، وحملته أمه خلال النكبة، ونزحت قهرا إلى غزة، حيث عاش حياته في مخيم جباليا. احترف الفن مبكرا، ونذر حياته له.
وعمل غبن مستشارا في وزارة الثقافة، ومنحه الرئيس محمود عباس وسام الثقافة والعلوم والفنون (مستوى الإبداع) في عام 2015، وحاز العديد من الأوسمة الدولية خلال مسيرته الفنية الغنية بالعطاء.
وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف "كانت فلسطين دائما حاضرة بكل تفاصيلها في أعمال غبن الذي حمل معه حياة القرية الفلسطينية والمخيم واللجوء إلى العالم عبر ريشته البارعة".
وأردف "عاش حياة المخيم بكل تفاصيلها، ورسمها بدقة متناهية وخلّد حياة القرية الفلسطينية التي أرادت النكبة أن تمحوها، مستذكرا قريته هربيا التي ولد فيها فرسم الحقل والبيدر والعرس والحصاد والميلاد، ورسم البيوت والوجوه والطرقات".
وأضاف أن "فتحي الذي عاش سنته الأولى بعد أن تنفس الحياة في خيمة على رمال شمال غزة في مخيم جباليا قُدّر له أن يرحل بسبب منع الاحتلال سفره إلى مصر".
وتابع أبو سيف قائلا "عاش فتحي حياته في خيمة، ومات في خيمة" واستدرك "إن الخيمة ليست قدر الفلسطيني، لكنها تعني أن الاحتلال أيضا سيزول مثلما ستزول الخيمة".
وفقد المشهد الثقافي في قطاع غزة العديد من المبدعين في مجالات مختلفة قتلوا في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فيما دُمرت عشرات المراكز الثقافية والمتاحف والمكتبات.
واستشهد نحو 44 كاتبا وفنانا وناشطا في حقل الثقافة خلال الأشهر الأربعة الأولى للحرب بجانب تضرر 32 مؤسسة ومركزا ومسرحا إما بشكل جزئي أو كامل، بحسب تقرير سابق لوزارة الثقافة الفلسطينية.