السبت  21 كانون الأول 2024

طوفان الأقصى وتفكيك المستوطنات: إخلاء المستوطنات المحاذية لقطاع غزة- فيروز سلامة

2024-06-11 09:05:46 AM
طوفان الأقصى وتفكيك المستوطنات: إخلاء المستوطنات المحاذية لقطاع غزة- فيروز سلامة
بطائرات شراعية ودراجات بدأت القسام عملية "طوفان الأقصى"

تدوين- ثقافات 

تقديم

في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تمكن مقاومين كتائب عز الدين القسام من اختراق السياج الأمني/ المنطقة العازلة ما بين حدود قطاع غزة والمستوطنات الصهيونية المحاذية للقطاع، ومن أجل فهم التوزيع الاستيطاني للمستوطنات المحاذية بالقطاع يتوجب العودة بالزمن إلى عام 2005  وهو العام الذي تم به دحر المستوطنين وتفكيك المستوطنات التي كانت مقامة داخل قطاع غزة؛ ومن ثم إعادة انتشارها وتوزيعها بمحاذاة محيط القطاع وخلق مساحة عازلة/ وهي المنطقة الأمنية التي استطاع المقاومين اختراق سياجها وإعادة السيطرة على الأراضي المسلوبة مؤقتاً بعملية نوعية شكلت فعلاً فارقاً في نوعية وتكتيك المقاومة الفلسطينية.

خلال شهر آب وأيلول من عام 2005 تم بدأ عملية اخلاء المستوطنات الموجودة من داخل قطاع غزة وقد تم تعريف ذلك صهيونياً عبر الإعلام " بخطة فك الارتباط" وذلك لتجاوز محاولات تقديم صورة انتصار للمقاومة الفلسطينية الموجودة في الشريط الساحلي الجنوبي من فلسطين " قطاع غزة"، بالإضافة إلى عدم رغبة الاعلام الصهيوني بربط الانسحاب الصهيوني بهزيمة جديدة وتحديداً بعد تحرير المقاومة الإسلامية في لبنان أراضي الجنوب خلال عام 2000. ولذلك تم الترتيب لخطة انسحاب بقالب "خطة انسحاب أحادية الجانب"، وقابل هذه الخطة بذات الفترة الزمنية عمليات مقاومة ومواجهة فلسطينية التي كانت مرافقة للانتفاضة الفلسطينية الثانية/ انتفاضة الأقصى.

وقد سبق الانسحاب الصهيوني مواجهة عسكرية تمثلت بعدة عمليات فدائية نوعية في المنطقة الجنوبية من فلسطين؛ أي في نطاق المستوطنات الموجودة داخل وفي محيط القطاع ومنها: عملية السهم الثاقب الأمنية والتي تم تنفيذها في المنطقة الواقعة ما بين معبر "كارني" ومغتصبة "ناحل عوز" شرق مدينة غزة بتاريخ 7-12-2004. وعلمية ريم رياشي الاستشهادية في "معبر" حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة بتاريخ 14-1-2004. ثم كل من عملية زلزلة الحصون الجهادية في حاجز المنطار "كارني" شرق مدينة غزة بتاريخ 13-1-2005، وعملية عبد الرحمن قيسية الاستشهادية في محطة الحافلات المركزية بمدينة بئر السبع المحتلة بتاريخ 28-8-2005.

إن تقديم سياق المواجهة الفلسطينية ما قبل الانسحاب والتفكيك الصهيوني للمستوطنات يرتبط بتوضيح السياق العملياتي للمقاومة الفلسطينية والتحولات السياسية التي عملت على تشكيل " ما يسمى مستوطنات غلاف غزة" المحاذية للقطاع التي سوف تحاول هذه المادة تقديم لمحة سريعة عنها لفهم التحولات التي حدثت لهذه المستوطنات بعد السابع من تشرين الأول من هذا العام  وتحرير / إعادة سيطرة  للأراضي الفلسطينية المسلوبة من قبل المقاومة الفلسطينية وما تبعها من قيام الحكومة الصهيونية من إعادة اخلاء هذه المستوطنات، إلا أن هذا الاخلاء لا يمكن وصفه بإخلاء أحادي الجانب كما حدث خلال عام 2005 ولم تستطع الحكومة الصهيونية هذه المرة  محاولة تغطية قرار اخلاء المستوطنين، بل أجبرت قوة فعل المقاومة الفلسطينية الحكومة على الاخلاء القسري للمستوطنين خوفاً من استمرار عمليات المقاومة الفلسطينية بالتقدم والخطف والاشتباك من نقطة صفر، وتحديداً في ظل هدف  المقاومة القيام بعمليات خطف للمستوطنين من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية.

من قلب قطاع غزة إلى محيط القطاع: إعادة توزيع المستوطنات الصهيونية بمحاذاة قطاع غزة.

رغم استطاعة المقاومة الفلسطينية من دحر المستوطنين المتواجدين داخل قطاع غزة خلال عام 2005، والإعلان الصهيوني عن الانسحاب إلا أن  الهدف الاستعماري للمنظومة الصهيونية هو السيطرة على أرض فلسطين والتوسع فيها وفي ظل وجود هذا الهدف المركزي لم يتم اخلاء الشريط الساحلي الجنوبي من فلسطين من البناء الاستيطاني، فقد تم الانسحاب من قلب قطاع غزة ولكن رافق ذلك توزيع وإعادة انتشار للمستوطنات ضمن محيط القطاع، وهي التي تطلق عليها التسمية العربية " مستوطنات غلاف غزة" وصهيونياً " " יישובי עוטף עזה" ( وעוטף تأتي بمعنى غلاف/ التفاف/ محيط). 

وتنقسم المستوطنات المحاذية لقطاع غزة ضمن ثلاث مجالس إقليمية تتوزع وتنتشر داخلها المستوطنات في هذه المنطقة، وهذه المجالس موزعة كالتالي:  "مجلس أشكول" ويمتد على مساحة 380 كم مربع، الثاني فهو "مجلس أشكلون" ويقع على 175 كم مربع ، والثالث "مجلس شاعر هنيغف" ويمتد لمساحة 180 كم مربع.

وفيما يلي قائمة توزيع المستوطنات وفق المجالس الإقليمية: [1]

שם יישוב

שם מועצה אזורית

שלומית

אשכול

פרי גן

אשכול

כרם שלום

אשכול

תלמי יוסף

אשכול

יבול

אשכול

דקל

אשכול

אבשלום

אשכול

יתד

אשכול

שדי אברהם

אשכול

סופה

אשכול

חולית

אשכול

ניר יצחק

אשכול

מבטחים

אשכול

עמיעוז

אשכול

ישע

אשכול

עין הבשור

אשכול

ניר עוז

אשכול

מגן

אשכול

נירים

אשכול

כיסופים

אשכול

עין השלושה

אשכול

רעים

אשכול

בארי

אשכול

נתיב העשרה

חוף אשקלון

גברעם

חוף אשקלון

זיקים

חוף אשקלון

כרמייה

חוף אשקלון

יד מרדכי

חוף אשקלון

שוקדה

שדות נגב

כפר מימון

שדות נגב

תושייה

שדות נגב

עלומים

שדות נגב

זמרת

שדות נגב

תקומה

שדות נגב

שובה

שדות נגב

סעד

שדות נגב

נחל עוז

שער הנגב

כפר עזה

שער הנגב

מפלסים

שער הנגב

יכיני

שער הנגב

גבים

שער הנגב

אור הנר

שער הנגב

ניר עם

שער הנגב

ארז

שער הנגב

איבים

שער הנגב

חוות השקמים

 

שדרות

 

 

ورغم إعادة الانتشار والبناء الاستيطاني هذا إلا أنه ضمن معركة طوفان الأقصى التي ما زالت مستمرة لليوم الثلاثين على التوالي، ومنذ الأيام الأولى لبداية الحرب وبدء قوات العدو الصهيوني المواجهة مع المقاومة الفلسطينية التي استمرت بدورها في الاشتباك براً وجواً من خلال الصواريخ بدأت عمليات اخلاء المستوطنين من هذه المستوطنات واخراجهم من شمال قطاع غزة نحو جنوبه؛ بسبب تمركز نقاط الاشتباك في منطقة شمال غزة، وقد أدت عمليات الاخلاء القسرية هذه إلى إفراغ عدة مستوطنات بشكل كامل منها " سيديروت". وعليه فمن إعادة انتشار للمستوطنات والمستوطنين فيها خلال عام 2005 لإعادة السيطرة على الأراضي الفلسطينية والاستيطان فيها إلى إعادة اخلاء قسري مرة أخرى وانتشار خارج محيط المستوطنات الواقعة تحت مرمى صواريخ المقاومة ونقاط الاشتباك خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو ما عمل على تشتيت مجموعات كبيرة من المستوطنين وتفكيك أحد أهم عناصر السيطرة الاستعمارية وهو " الأرض"؛ وهو ما دفع أحد أعضاء المستوطنات الصهيوني للتعبير عن عمليات الاخلاء هذه بــــــ " في النهاية، ما يحتاجه الانسان هو المسكن والعمل والمجتمع، وهذه هي مرتكزات الحياة، ولكن في الوقت الحالي لا يوجد لدينا سوى المجتمع ولقد اهتزت المرتكزات الأخرى."[2]. وفي مقاربة هذا التعبير؛ فهو بالنسبة للمستوطن مرتكزات الحياة للإنسان العادي ولكن ما تعبر عنه هذه المرتكزات في السياق الاستعماري لفلسطين هي مرتكزات المستعمِر " مسكن وعمل ومجتمع" وهي مثلث البنية الاستعمارية في فلسطين؛ ومع اخلاء المستوطنات بفعل المقاومة بعد السابع من أكتوبر-2023 فقد أدى ذلك إلى تفتيت مثلث رفاهية وحياة المستعمِر الصهيوني المعاد توزيعهم بمحاذاة قطاع غزة بخسارتهم للأرض التي تم سلبها من الفلسطينيين وتهجيرهم مقابل " تأمين مسكن للمستوطنين على الأرض"، وخسارتهم المرتبطة بالعمل وما ينتجه لهم في هذه المستوطنات.

وعليه فإن تفتيت تركيبة المثلث الاستيطاني هو أحد أهم التحولات التي نتجت عن معركة طوفان الأقصى وأعادت المستوطن إلى سؤال مربع الاستعمار الأول؛ كيفية إعادة السيطرة على الأرض، وعودتهم كتجمعات استيطانية استعمارية مشتتة ومتفرقة خارج " مستعمراتها" الصغرى التي تم توسيعها والعودة إلى مراكز الاستيطان الكبرى.

ما يشبه الخلاصة: عودة إلى البداية، وإعادة الدخول ومحاولة تحرير الأرض المسلوبة

صباح يوم السابع من تشرين الأولأكتوبر، أعلن محمد الضيف القائد العام للجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام بدء معركة التحرير "طوفان الأقصى" وذلك عقب عبور المقاومين وتسللهم لحدود المستوطنات الصهيونية المحيطة بقطاع غزة جواً وبراً وبحراً؛ مخترقين بذلك السياج الأمني الفاصل بين المستوطنات والقطاع بدءً من حاجز ايرز الحدودي وموقع 16 العسكري، وقاعدة زيكيم ومقر فرقة غزة التابع للجيش الصهيوني في ريعيم، وسيديروت، بئيري، مستوطنة صوفا، موقع كرم أبو سالم، كفار عزة، وأوفاكيم الواقعة على بعد ٣٠ كم من شرق غزة. وقد تزامن ذلك مع قصف المقاومة من داخل القطاع للمستوطنات

المحاذية له، أو ما تسمى بــِ " مستوطنات غلاف غزة" وهي: أسدود، عسقلان، زيكيم، سيديروت، ناحل عوز، كيسوفيم، كريات ملاخي، كريات غات، ومحيط ديمونا.

كانت هذه هي البداية لمعركة الطوفان التي بدأت بتوقيت المقاومة باعتبارها يوم الثورة الكبرى كما أعلن عنها محمد الضيف، والتي ما زالت مستمرة لليوم الثلاثين، وذلك من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية ومواجهة للعدو الصهيوني وجرائمه في كل الساحات الفلسطينية والتوسع الاستيطاني والانتهاكات ومحاولات السيطرة على المسجد الأقصى. لقد شكلت نوعية التكتيك العسكري والمواجهة الفلسطينية لهذه المعركة فعلاً وصدى تجاوز حدود فلسطين التاريخية وامتد ليشمل محيطها في الإقليم العربي وفي كافة دول العالم، لتعود القضية الفلسطينية إلى موقعيتها العربية والعالمية باعتبارها مركز الصراع العالمي لشعب ما زال مستعمراً ويبحث عن حقه بالحرية والتحرير.

______________________________________________________________________

هوامش

[1] تم وضع القائمة باللغة العبرية وفق تسمية المستوطنات وذلك لتجنب أي أخطاء قد تترافق مع عملية ترجمة أسماء المستوطنات وتشابهها مع مستوطنات أخرى في مواقع أخرى.

[2]  "בסוף, מה שבן אדם צריך זה בית, תעסוקה, וקהילה. אלה העוגנים בחיים. בינתיים לנו יש רק את הקהילה, ושני העוגנים האחרים התערערו", אומר חבר הקיבוץ נדב פרץ, מנהל היחידה לניהול סיכונים בבית החולים אסותא שבאשדוד