الأربعاء  18 كانون الأول 2024

جمعية الثقافة العربية تُطلق مشروع "في رواية الإبادة"

2024-12-17 12:36:19 AM
جمعية الثقافة العربية تُطلق مشروع

تدوين- تغطيات

أطلقت جمعيّة الثقافة العربيّة، الثلاثاء، 10 كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، مشروعها الجديد "في رواية الإبادة" بحواريّة حملت عنوان "إبادة المدينة: غزّة بين خريطتين"، وذلك عن طريق منصّة زوم وبحضور أكثر من 100 مشارك.

وحسب بيان الجمعية، فقد استهدفت الندوة صانعي الثقافة، الباحثين الأكاديميّين في مجالات العلوم الاجتماعيّة والعمارة، وعموم الجمهور المهتمّ بموضوع توثيق الإبادة ومنع نسيانها، وذلك ضمن جهود الجمعيّة المتنوّعة منذ بداية الإبادة لتعزيز الرواية الفلسطينيّة حول سياسات الإبادة وتوثيقها للأجيال القادمة.

ويهدف المشروع، والّذي سيمتدّ حتّى شهر تمّوز/ يوليو من العام القادم، إلى "استكشاف كيفيّة سرد التجارب المؤلمة الّتي عايشها أهل غزّة في حرب الإبادة الّتي يتعرّضون لها بطريقة تحفظ الذاكرة، وتحاول تحقيق العدالة، وتساهم في التعافي المجتمعيّ، وهو عبارة عن سلسلة متداخلة من الندوات يقدّمها باحثون ومختصّون في مجالات ومساقات عدّة تتعلّق بمآلات وآثار جريمة الإبادة، ليختتم بإصدار كتاب للمقالات البحثيّة ضمن المواضيع الّتي ستناقشها الندوات والنقاشات حولها".

افتتح الندوة المدير العامّ للجمعيّة، مصطفى ريناوي، بكلمة رحّب فيها بالحضور والمتحدّثين، ومن ثمّ قدّم عرضًا لأهداف المشروع وتطلّعاته، حيث شدّد على أنّ "التوثيق ولاحقًا السرد يمثّل جزءًا أساسيًّا من حماية الحقيقة والانتصار لها، كما يمثّل تناقل الرواية مرفأ معرفيًّا وإدراكيًّا للأجيال القادمة، وتعريفيًّا لمدى المجزرة والإبادة وتأثيرها علينا، وهو يمثّل أيضًا بالنسبة للجمعيّة طريقًا متواضعًا ولكنّه مهمّ لمناصرة أبناء شعبنا في غزّة، ومن خلال كتابة وتحليل ما جرى من إبادة للإنسان وللبيت وللأثر والإرث وللنفس، في محاولة لنقل وتوثيق وجع أبناء غزّة والانتهاكات الجسيمة الّتي يتعرّضون لها من خلال المعرفة والكتابة الأخلاقيّة المتحرّرة من أسقف الأكاديميّة المرتبطة بسحق الشعوب والمتعلّقة بالتوازنات السياسيّة وضغط المال".

ومن ثمّ قدّمت د. همّت زعبي، الباحثة في العلوم الاجتماعيّة الحضريّة، تحليلًا معمّقًا لسياسات الإلغاء الإسرائيليّة، موضّحة كيف تسعى هذه السياسات إلى "تفكيك النسيج الاجتماعيّ الفلسطينيّ وتدمير مفهوم العائلة كوحدة أساسيّة في المجتمع الفلسطينيّ من خلال الهدم الحضريّ". وربطت زعبي بين هذه السياسات وأهدافها الاستراتيجيّة في القضاء على الهويّة الفلسطينيّة بشكل منهجيّ، وذلك من خلال تفكيك الروابط الاجتماعيّة والمكانيّة.

وقدّم الباحث والكاتب الأكاديميّ الفلسطينيّ عبد اللّه البياري مداخلة حول "الهدم باعتباره ليس فقط عمليّة مادّيّة، وإنّما احتلال للّغة المعماريّة نفسها، ممّا يؤثّر على اللغة الثقافيّة والرمزيّة للفلسطينيّين". وأكّد البياريّ أنّ "رؤية الهدم وإعادة بنائه بخطاب استعماريّ يعيد تشكيل المكان من منظور القوّة والهيمنة، في محاولة لتقويض الذاكرة الفلسطينيّة وسلبها أدواتها التعبيريّة".

وتميّزت الندوة، الّتي أدارها معتصم زيدان، مركّز وحدة التثقيف والإعلام في الجمعيّة، بطرحها متعدّد الأبعاد، حيث قدّم الباحثان مدخلًا مهمًّا لتبنّي مفهوم "الخريطتين"، الأولى تتمثّل بالبناء الفلسطينيّ والثانية تتمثّل بالهدم الإسرائيليّ، محاولين تأطير السياسات الإسرائيليّة كأداة لإبادة الحيّز المكانيّ الفلسطينيّ". كذلك تمّ تسليط الضوء على كيفيّة استخدام التخطيط العمرانيّ كأداة استعماريّة لتدمير المدن الفلسطينيّة وإعادة تشكيلها بما يخدم أهداف الاحتلال. كما تخلّلت الحواريّة أمثلة حيّة من قطاع غزّة، حيث انعكست سياسات البناء والهدم بشكل متزامن ومدمّر على حياة السكّان.

وشهدت الحواريّة تفاعلًا غنيًّا من الحضور، إذ طرحت أسئلة متنوّعة ركّزت على أهمّيّة التوثيق كأداة مقاومة، وعلى دور الثقافة في إعادة بناء الرواية الفلسطينيّة المستقلّة. ناقش المشاركون أيضًا استراتيجيّات تعزيز الوعي بهذه القضايا على المستويات المحلّيّة والدوليّة.

وأكّدت جمعيّة الثقافة العربيّة أنّها من خلال هذه الحواريّة خاصّة ومشروع "في رواية الإبادة" عامّة تعلن "التزامها بتوثيق هذا الجانب الحيويّ من التاريخ الفلسطينيّ، والعمل على تعزيز فهم عميق لممارسات الإبادة، والإبادة الحضريّة وأثرها". ودعت الجمعيّة المشاركين وعامّة الجمهور في البلاد والمهجر إلى "المشاركة في الندوات والحواريّات القادمة في هذا المشروع، والّذي يهدف في نهاية المطاف إلى توثيق الذاكرة الغزيّة والفلسطينيّة وتعزيز صمودها".