السبت  17 أيار 2025

شعر| هذا الموت لا يشبه موتا آخر

2025-05-17 09:09:45 AM
شعر| هذا الموت لا يشبه موتا آخر

تدوين- نصوص

فيما يلي نص للشاعر الجزائري عبد المنعم عامر


يا الله، هذا الموتُ لا يشبهُ أيَّ موتٍ آخر.
ليس في فراشٍ وثيرٍ قربَ نافذةٍ ممطرة،
كما يموتُ عجوزٌ نرويجي.
ولا عن مرضٍ عضال،
كما يموتُ الأفارقةُ على أعتابِ المستشفيات.
ولا فجأةً، كما تموتُ الأرانبُ والطيور،
ولا ببطءٍ، كما تحتضرُ الأشجار.
ليسَ موتًا وديعًا،
تحتَ ظلالِ البلادِ وفي زحمةِ المشيّعين،
ولا على ركبةِ الحبيبة،
ولا في صدرِ الأمِّ وعيونِ الأصدقاء.
موتٌ لا يكسرُ ظهرَ الأب،
ولا يتركُ فرصةً للعزاء.
ليس فيه فرصةٌ لكفنٍ أنيق،
أو لقبرٍ موحشٍ ومرتّب.
يا رب، نحن أبناءُ غرّةَ المتبقّين،
لا نطالبُ بالحياة، ولا بفتحِ الحدود، ولا بالخبزِ والماءِ،
كما دعوناكَ قبلَ شهرٍ من الآن.
نطالبُ بموتٍ متكامل،
تكونُ فيه الرقبةُ مع الصدر،
والكتفانِ مع الظهر،
والساقانِ مع القدَمين.
لا نريدُ أن نُفزعَ أهلَ الجنّةِ الطيّبين!
ولي دعوةٌ خاصّة، خصّني بها عن غيري من الموتى:
أريدُ أن تبقى عينايَ شاخصتين،
وفمي ضاحكًا،
لعلَّ صحفيًا بارعًا يلتقطُ نهايتي،
فتكونَ الابتسامةُ الساخرةُ رمزًا لهذه الإبادة،
وتكونَ عينايَ الشاخصتان
دليلًا على أنني لم أبكِ لأجلِ الحياةِ أمامَ قاتلي