تدوين- ذاكرات
في شهر أغسطس من عام 2025، تحل الذكرى العاشرة لرحيل الكاتبة الفلسطينية نجوى قعوار فرح (مواليد 1923)، التي تُعد من رواد القصة القصيرة في الخمسينيات من القرن الماضي. ساهمت قعوار فرح في الحركة الأدبية الفلسطينية لسنوات طويلة، قبل أن تستقر مع عائلتها في القدس، ورام الله، وبيروت، ثم في كندا. وقد تركت خلفها إرثًا أدبيًا متنوعًا يشمل القصة القصيرة، المسرح، الشعر، والسيرة الذاتية، نُشر في فلسطين، وبيروت، والأردن.
رحلة أدبية في مواجهة التحديات
تنوعت إصدارات قعوار فرح بين عدة أنواع أدبية، وكان أولها مجموعة قصصية بعنوان "عابرو السبيل" (1954)، وآخرها كتاب "وكان صباح وكان مساء - أمالي الذكريات" (2013). كما أصدرت أعمالًا أخرى مثل "دروب المصابيح" (1956)، و**"مذكرات رحلة"** (1957)، وكتبت في المسرح أيضًا "سر شهرزاد" (1958) و**"ملك المجد"** (1961). وللأطفال، ألفت "سلسلة قصص للأشبال" (1963-1965)، كما ترجمت لها كتابات ورسومات للأطفال إلى الإنجليزية بعنوان "إلى فلسطين مع الحب".
بعد انقطاع عن النشر دام نحو 30 عامًا، عادت بمجموعة قصصية بعنوان "انتفاضة العصافير" (1991)، وروايتها الوحيدة "سكان الطابق العلوي" (1996). وفي كتابها الأخير، تتذكر قعوار فرح رحلتها من الناصرة إلى القدس، وتصف حضورها لحفل موسيقي في مجمع "المسكوبية"، الذي تحول لاحقًا إلى سجن بعد الاحتلال.
مشروع "الحجارة الحية" ودورها في التوعية
لم يقتصر دور نجوى قعوار فرح على الكتابة، فقد عملت بصمت مع زوجها القس رفيق فرح، من أجل توضيح تاريخ القضية الفلسطينية للمسيحيين في بريطانيا وكندا. أطلقت مشروع "الحجارة الحية" أثناء إقامتها في لندن، بالتعاون مع رجال دين مسيحيين بريطانيين، بهدف تنظيم رحلات حج إلى فلسطين وتقديم المساعدة للمقدسات. وقد استلهمت اسم المشروع من عبارتها: "في فلسطين الحجارة لا تزال حية، وستستقبلكم".
تثقيف المجتمع في مواجهة الصهيونية
منذ شبابها، كانت قعوار فرح صوتًا مؤثرًا. ففي منتصف الأربعينيات، ألقت محاضرة في "النادي الأرثوذوكسي" بحيفا، حذرت فيها من الأخطار التي تواجه المجتمع الفلسطيني بسبب إهمال اللغة العربية والتاريخ والثقافة. وقالت في محاضرتها: "في جهادكم لفلسطين عليكم تثقيف أنفسكم. إن كنتم جهلاء ستفقدون فلسطين. وخروجكم سيكون أكثر تراجيدية من طردكم من الأندلس".
وُلدت نجوى قعوار فرح في الناصرة عام 1923، وتفوقت في دراستها حتى اختيرت للدراسة في دار المعلمين بالقدس. بدأت نشاطها الأدبي في إذاعات القدس ولندن، بالإضافة إلى مشاركتها في الأندية الثقافية. كان لها حضور قوي في الصحف، وجمّع أصدقاؤها قصصها المتناثرة في كتاب بعنوان "صاحبتها الجامحة وراء الحدود هناك". واصلت نشاطها الأدبي والإعلامي بعد انتقالها إلى الأردن في الستينيات، حيث كتبت مقالات في السياسة والمجتمع، وقدمت برامج إذاعية للأطفال، وألفت مسرحيات دينية، مما جعلها شخصية محورية في المشهد الثقافي الفلسطيني.