السبت  16 آب 2025

"كيف ينهض العرب؟": كتاب يعيد إحياء سؤال النهضة في القرن الواحد والعشرين

2025-08-16 07:22:03 AM

تدوين- ناديا القطب

يعود سؤال النهضة العربية، الذي طرحه المفكر اللبناني عمر فاخوري في مطلع القرن العشرين، ليفرض نفسه بقوة اليوم. فبعد مرور أكثر من مائة عام على صدور كتابه "كيف ينهض العرب؟"، لا يزال العرب يواجهون التحديات ذاتها، وربما ما هو أسوأ منها. هذا الواقع المؤلم دفع بالدكتور عيسى عودة برهومة إلى إصدار طبعة جديدة من الكتاب، الصادر حديثاً عن دار "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، في محاولة لإحياء الفكر النهضوي وإعادة طرح أسئلته الجوهرية.

سؤال فاخوري: لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟

في مقدمة الطبعة الجديدة، يطرح الناقد فيصل دراج سؤالاً محورياً يلخص أزمة العرب المستمرة: "لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟". يرى دراج أن هذا السؤال ينطوي على احتجاج عقلي وغضب، خاصة وأن العرب يواجهون شعوراً بالاحتقار الذاتي وهم يرون أمتهم تخرج من التاريخ، دون أي دور في التقدم العالمي أو الثورات التقنية، أو حتى القدرة على الدفاع عن حقوقها القومية.

ويرى دراج أن فاخوري، في سياقه التاريخي، كان يقرأ آثار الاستبداد العثماني الذي أنتج الجهل والأمية. وفي نفس الوقت، كان يرى الفساد وارتباطه بالثروة والسلطة، حيث كان "الوالي النبيه هو السارق الفطين".

العقل والهوية واللغة: مفتاح النهضة

يؤكد الدكتور عيسى برهومة أن الأسباب التي دفعت فاخوري إلى طرح سؤال النهضة عام 1913 لا تزال قائمة، بل أصبحت أكثر قتامة. ويرى برهومة أن إجابة فاخوري لا تزال صالحة: "ثورة ثقافية". هذه الثورة، بحسب فاخوري، يجب أن تعيد الاعتبار للعقل والهوية العربية، وتؤسس رابطة قومية حقيقية مبنية على التسامح والمواطنة.

كما يشدد فاخوري على أهمية إحياء اللغة العربية، ليس فقط كلغة تخاطب، بل كلغة تفكير وإبداع، مؤكداً أن "الأمة التي لا تحترم لغتها لا تحترم نفسها". وقد افتتح كتابه بقوله: "لا ينهض العرب إلا إذا أصبحت العربية أو المبدأ العربي ديانة لهم"، رغم أن هذا القول قد يُؤخذ عليه في إسقاطه في تقديس "تفوق الجنس العربي".

عمر فاخوري: حلم العودة إلى أمجاد الماضي

ولد عمر فاخوري (1896-1946) في بيروت، وكان كاتباً ومفكراً موسوعي الثقافة. تأثر بشدة بحالة أمته المتهالكة تحت نير الاستعمار العثماني، والتي كانت "لا قوتها مما تزرع، ولا لبسها مما تنسج، ولا فكرها مما تكتب". وقد حلم فاخوري بأن تعود المدن العربية المجيدة مثل بغداد وقرطبة والقاهرة ودمشق إلى سابق عهدها، مدفوعاً بنزعة قومية عارمة.

على الرغم من أن كتاب فاخوري صدر قبل أكثر من قرن، إلا أنه لا يزال وثيق الصلة بواقعنا اليوم، ويقدم إجابات جريئة لمشكلات مستمرة. فهل يمكن للعرب حقاً أن ينهضوا من جديد عبر استلهام دروس الماضي وبناء المستقبل على أسس فكرية متينة؟ هذا هو السؤال الذي يتركنا الكتاب أمامه.