تدوين - نصوص
تأتي قصيدة جوزيبي كونتي، والتي ترجمتها أمل بوشارب، لتعبّر عن تضامن الشاعر مع الشعب الفلسطيني، وتنتقد عمى الغرب وتحديدا أوروبا، تجاه مأساته، مع لمسة أمل ويقين راسخ بتحقيق الحرية والسلام والكرامة. وتتخذ القصيدة المهداة إلى أنس الشريف، مراسل الجزيرة الذي وثّق بصدق وشجاعة معاناة أهل غزة، نبرة رثائية لكنها تتجاوز الرثاء لتتحول إلى ترنيمة تمجيدية لشهادة صحفي شجاع وحر، عبر الاحتفاء بعينيه رمزيا بوصفهما شاهدتان على الحقيقة.
فيما يلي القصيدة
غَزَّةَ،
مَدِينَةَ البَحْرِ وَالشَّهَادَةِ،
مُحَاصَرَةً، مُنْتَهَكَةً،
تَطْعَنُهَا خَنَاجِرُ الكُرْهِ،
وَهَذَيَانُ السُّلْطُة
لَدَى مَنْ لَا يَعْرِفُونَ الرَّحْمَةَ.
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
أَطْرَافًا صَغِيرَةً تُبْتَرُ،
أَطْفَالًا تَحْتَ مِبْضَعِ الجَرَّاحِ بِلَا بَنْجٍ،
يَرْتَجِفُونَ، هَائِمُونَ، مُجَوَّعُونَ،
يَبْحَثُونَ عَنِ الحَلِيبِ وَالخُبْزِ،
شُرُودًا بَيْنَ خِيَامِ اللَّاجِئِينَ الهَشَّةِ،
وَحِيدُونَ فِي مُوَاجَهَةِ المَوْجِ.
لَكِنّ أورُوبَّا العَمْيَاءَ لَم تُبْصِر،
أَهْلُهَا يسكنون الضياع،
وَفِي قَلْبِهَا أُطْفِئَتِ البَصِيرَةُ.
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
كَيْفَ يَنْتَصِرُ شَعْبٌ حَزِينٌ وَأَبِيٌّ لِكَرَامَتِهِ،
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
كَيْفَ يَبْزُغُ فَجْرٌ جَدِيدٌ عَلَى غَزَّةَ،
وَكَيْفَ تُحَلِّقُ الحَمَائِمُ فَوْقَ الدَّبَّابَة،
لِيُولَدَ يَوْمُ الحُرِّيَّةِ.
طُوبَى لِعَيْنَيْكَ، يَا أَنَسَ الشَّرِيفِ،
لِرُوحِكَ الطَّاهِرَةِ،
لِرَاحَتِكَ فِي جَنَّاتِ وَرْدٍ
عِنْدَ رَبٍّ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ.
طُوبَى لِقَلْبِكَ الشُّجَاعِ،
فَمَنْ يُحِبُّ لَا يَمُوتُ،
هُوَ حَيٌّ، يَبْقَى.
لَكِنّ أُورُوبَّا العَمْيَاءَ لَم تُبْصِر،
أَهْلُهَا يَسْكُنُونَ الضّيَاعَ،
وَفِي قَلْبِهَا أُطْفِئَتِ البَصِيرَةُ.
"جوزيبي كونتي"، أغسطس/آب 2025.