تدوين- راما الحموري
يأخذنا فيلم "فلسطين 36"، الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، في رحلة إلى عام 1936، في زمن يغلي فيه الصراع تحت الانتداب البريطاني. بينما كان اليهود الفارين من أوروبا يؤسسون موطئ قدم لهم في الأراضي العربية، تروي المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر قصة من وجهة نظر فلسطينية لم تُسرد أو تُسمع بما فيه الكفاية، كما تقول.
على الرغم من أن أحداث الفيلم تدور قبل قرابة قرن، إلا أنه يعكس بوضوح الحاضر. فالفيلم يصور صراع الفلسطينيين من أجل حقوقهم، محاصرين بقوة استعمارية قاسية ومستوطنين زاحفين. وقد علّق الممثل البريطاني بيلي هاول على هذا التشابه، مشيرًا إلى أن الفيلم لفت انتباهه بسبب سياقه المعاصر والإبادة الجماعية التي تحدث في غزة حاليًا، مؤكدًا على المسؤولية البريطانية في هذه الفوضى.
رسالة قوية من الماضي إلى الحاضر
تُقدم رسائل الفيلم القوية بوضوح، حيث تقول إحدى الشخصيات: "ربما عليك أن تفكر في أي جانب من التاريخ تريد أن تقف". وعبر 119 دقيقة، يوصل الفيلم ذات الرسالة إلى جمهوره.
وتؤكد الممثلة الفلسطينية هيام عباس على أهمية هذا العمل في إعطاء أسماء وقصص وهوية فردية لشخصيات أصبحوا اليوم مجرد أرقام، قائلة: "أحب أن أقول إن هؤلاء بشر. لهم قصصهم، وأبناؤهم، وأحلامهم، وكل شيء ليعيشوه، لديهم إنسانيتهم". وتضيف أن مهمتها هي تعريف الناس بوجود هؤلاء البشر، وأن الفيلم ليس مجرد رد فعل، بل هو خلفية تاريخية لما يحدث اليوم.
يعكس محتوى الفيلم بشكل مؤلم واقع الحاضر، فبعد مرور ما يقارب عامين على الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، قُتل أكثر من 64 ألف فلسطيني، وتحول جزء كبير من القطاع إلى أنقاض، ويواجه سكانه المجاعة، بحسب مراقبين دوليين.
الحب والإبداع في زمن الظلام
قضت جاسر وفريق عملها عشرة أشهر في التحضير للفيلم، وكانوا على وشك بدء التصوير عندما قلبت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عالمهم رأسًا على عقب. تقول جاسر: "انهار كل شيء وعندها حل الظلام. واشتدت الظلمة، والآن مر عامان وها نحن ذا... لكننا لم نكن نعرف. أعني، كيف سنتمكن من تصوير هذا؟ متى سنتمكن من تصويره؟ هل ما زلنا نصوره؟".
وتضيف أنهم الآن يواجهون تحديًا غير مسبوق، وهو تصوير فيلم في وقت تحدث فيه إبادة جماعية. ورغم أن الأمر قد يبدو "امتيازًا حقيقيًا"، إلا أنه كان مهمًا للفريق، وشعروا بأهميته أكثر من أي وقت مضى.
يُشارك في الفيلم جيريمي أيرونز وصالح بكري، الذي يجسد دور فلسطيني يشعر بأنه يجب عليه المقاومة. ويعتقد بكري أن صناعة الفيلم هي "صورة من صور المقاومة، لكنه نوع من المقاومة الروحية الحية. مليء بالحب. مليء بالإبداع. مليء بعديد من الجوانب القوية جداً للروح البشرية".
وقد حصلت شركة "ووترميلون بيكتشرز" على حقوق توزيع الفيلم في الولايات المتحدة وكندا، ومن المقرر أن يمثل المشاركة الفلسطينية في المنافسة على جوائز الأوسكار هذا العام.