الإثنين  15 أيلول 2025

رسالة ألبرت أينشتاين إلى نيويورك تايمز: فاشية مناحيم بيغن

2025-09-15 08:31:18 AM
رسالة ألبرت أينشتاين إلى نيويورك تايمز: فاشية مناحيم بيغن
آينشتاين

تدوين-  ترجمة: سعيد بوخليط

إلى ناشر نيويورك تايمز
 نيويورك، 2 ديسمبر 1948

من بين الظواهر السياسية الأكثر رعباً خلال الفترة الراهنة، ظهور ''حزب الحرية'' (حيروت) داخل دولة إسرائيل الناشئة حديثاً.
 حزب سياسي مرتبط تنظيمياً على نحو وثيق الصلة بالأحزاب النازية والفاشية، فيما يتعلق بمناهجه، فلسفته السياسية، وكذا دعوته الاجتماعية.
 حزب أسسه أفراد وأتباع منظمة الإرغون الإرهابية، ذات التوجه اليميني المتطرف والقومي داخل فلسطين.

الزيارة الحالية لمناحيم بيغن، زعيم هذا الحزب، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حكمتها بالتأكيد حسابات قصد تقديم انطباع مفاده دعم أمريكي لهذا الحزب خلال الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وتعضيد العلاقات السياسية مع العناصر الصهيونية المحافظة في الولايات المتحدة الأمريكية.

أعلنت عدة أسماء أمريكية عُرفت بنزعتها القومية عن إدراج أسمائها ضمن لائحة المحتفلين بهذه الزيارة. بالتالي، لا يعقل أن يقبل معارضو الفاشية على امتداد العالم، ويعلمون جيداً ماضي وكذا أفق مناحيم بيغن، إضافة أسمائهم بهدف دعم الحركة التي يمثلها.

ينبغي على الجمهور الأمريكي الاطلاع على ماضي وأهداف مناحيم بيغن وحركته، قبل حدوث أضرار غير قابلة للترميم حين إسراعهم إلى تقديم مساهمات مادية، واحتشاد تظاهرات عمومية تدعم مناحيم بيغن، ثم بث انطباع داخل فلسطين مفاده أن جزءاً كبيراً ضمن ساكنة أمريكا يساند عناصر فاشية في إسرائيل.

تخفي البيانات العامة لحزب مناحيم بيغن حقيقته الجوهرية. أدبيات تناشد اليوم الحرية، الديمقراطية، مناهضة الإمبريالية، بينما حتى عهد قريب فقد مدحت صراحة نظرية الدولة الفاشية.

تفضح أفعال هذا الحزب الإرهابي طبيعته الخالصة، وبوسعنا استشراف مشاريعه المستقبلية بناء على معطيات تصرفاته السابقة. لذلك، يجسد هجومه على قرية عربية اسمها دير ياسين، مثالاً فاضحاً عن سلوك من هذا القبيل.

لم تشارك في الحرب هذه القرية المتواجدة بعيداً عن المسالك الرئيسة ومحاطة بقرى يهودية، كما تصدت لبعض المجموعات العربية التي توخّت استثمار المكان قاعدة للانطلاق.

يوم 9 أبريل، هاجمت عصابة من الإرهابيين، حسب نيويورك تايمز، قرية دير ياسين الهادئة، التي لم تكن موضوعاً عسكرياً خلال الحرب، وفتكت بأغلبية الساكنة تقريباً مائتي وأربعين شخصاً، بين رجال ونساء وأطفال، ثم أبقوا على بعضهم أحياء قصد الاستعراض بهم كأسرى في شوارع "أورشليم".

واقعة أثارت الرعب في صفوف الجماعة اليهودية، لذلك بادرت الوكالة اليهودية إلى إرسال برقية اعتذار إلى الملك عبد الله حاكم إمارة شرق الأردن، لكن الإرهابيين، بعيداً عن الإحساس بالعار من سلوكياتهم، أظهروا على العكس افتخاراً بهذه الجريمة، وأعلنوا عنه بسخاء واضح، كما وجهوا دعوة إلى مختلف المراسلين الأجانب الحاضرين في إسرائيل قصد انتقالهم صوب عين المكان لمعاينة كومة الجثث وكذا الخسائر.

أبانت واقعة دير ياسين عن خاصية حزب الحرية (حيروت) وكذا نهجه. حدث داخل الجماعة اليهودية التبشير بخليط من القومية المتطرفة، التصوف الديني، وكذا الاستعلاء العرقي.

كما الشأن مع أحزاب فاشية أخرى، فقد وُظف ذلك الخليط قصد تكسير الإضرابات وتشجيعهم على تقويض النقابات الحرة، مثلما اقترح ميثاقهم نقابات تعاونية حسب النموذج الفاشي الإيطالي.

طيلة السنوات الأخيرة من موجات العنف المتواصلة ضد الإنجليز، دشنت منظمة ''إيتزل'' (الإرغون) وكذا ''شتيرن''، سلطة الإرهاب ضمن صفوف الجماعة اليهودية في فلسطين. لذلك أسرعوا إلى قتل أساتذة لمجرد إفصاحهم عن آراء معاكسة، وأيضاً بادروا نحو تصفية مجموعة من الآباء لأنهم رفضوا التحاق أبنائهم بصفوف التنظيمين.

وظفوا أساليب رجال العصابات، والقهر، وتكسير النوافذ، وانتشار السرقات على نطاق واسع، وتعميم الرعب بين السكان، كما فرضوا ضريبة ثقيلة.

لم تشترك عناصر حزب الحرية في مهام بنّاءة داخل فلسطين، والاضطلاع بمسؤولية أرض أو مستوطنة، وأضعفوا فقط نشاط الدفاع اليهودي، كما أن محاولاتهم على مستوى الهجرة معلومة للغاية، لكنها ركّزت بالدرجة الأولى وانصبّت أهدافها على الإتيان أساساً بمواطنين فاشيين.

التناقضات بين ادعاءات ''ذهبية'' يدلي بها حالياً مناحيم بيغن وحزبه قياساً إلى مجمل ما فعلوه سابقاً في فلسطين، يقدم رؤية عن حزب سياسي غير مألوف. هكذا، تبدو سمة حزب فاشي يستند على الإرهاب (ضد اليهود، العرب، وكذا البريطانيين)، وكذا استثمار وسيلة تصريحات مضللة، بينما يكمن الهدف في "دولة زعيمة".

بناء على الملاحظات السابقة، يستدعي الوضع حتماً إماطة اللثام داخل هذا البلد عن خبايا دوافع مناحيم بيغن وتنظيمه.

أيضاً، الأكثر مأساوية رفض القيادة العليا للصهيونية الأمريكية تنظيم حملة ضد ما يقوم به مناحيم بيغن، بل وضرورة إبراز المنزلقات التي تنتظر إسرائيل نتيجة دعم مشروع بيغن.

استحضر إذن الموقعون على هذه الرسالة مختلف حيثيات ذلك، سعياً منهم لإحاطة العموم ببعض المعطيات المثيرة حول مناحيم بيغن وحزبه، مع توجيه نداء إلى المعنيين كي يتوقفوا عن دعم آخر صيحات الفاشية.

 

هامش:
 المرجع: Revue De Presse ; Qumsiyeh : 04 Mars 2008.

يعتبر حزب حيروت مقدمة لحزب الليكود، وفق مرجعية إيديولوجية تنهل من فكر فلاديمير جابوتسكي.

مناحيم بيغن، إرهابي مُلاحَق أصبح فيما بعد وزيراً أول لحكومة إسرائيل، عبر بوابة حزب الليكود، قتل خلال سنوات الثمانينات عشرات آلاف المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين. جاء بعده أرييل شارون وبنيامين نتنياهو، قصد مواصلة مهمة ذبح المدنيين.