الخميس  25 أيلول 2025

"أن يأتي الليل دونك".. رواية جديدة لوليد الشرفا تُحاكم الواقع الفلسطيني بلغة الحب والأسطورة

2025-09-24 03:07:26 AM
الإصدار الخامس لوليد الشرفا

تدوين-إصدارات 

صدرت حديثا عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان وبيروت، الرواية الجديدة للأكاديمي والروائي الفلسطيني د. وليد الشرفا، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، بعنوان "أن يأتي الليل دونك"، لتكون الإصدار الخامس في مسيرته الإبداعية، بعد رباعيته المعروفة "رباعية الشواهد"، التي وثقت تحولات القضية الفلسطينية من النكبة إلى النكسة وما تلاها، برؤية سردية متفردة.

في هذه الرواية، يُواصل الشرفا تجديد أدواته السردية، عبر نص يجعل من الحب مركزا للحكاية، ومن التراجيديا إطارا للمعنى. تسير الرواية على تخوم الواقع والأسطورة، وتدور أحداثها في مدينة نابلس خلال مرحلة ما بعد الانقسام الفلسطيني، لتكشف أزمات الداخل: ارتباك الهوية، صراع الشرعيات، تشظي الوطن، وفساد الواقع النضالي.

بعيدا عن الأيديولوجيا واليقينيات التاريخية، تنفتح الرواية على أسئلة الفلسطيني المعاصر، من خلال لوحات أدبية تتراوح بين الحلم والكابوس، والدفء والخذلان، والبطولة والفقد.

تبدأ الرواية من دفء الحب حول موقد يطل على مدينة نابلس، قبل أن تنقلب الأحلام إلى برد ثلاجة الموتى، بعد استشهاد عماد، الشخصية المركزية في الرواية، واحتجاز جثمانه. تظهر شخصية لماء، خطيبته، في الواجهة، لتجسد المقاومة بالصبر والوفاء، ولتبقى شاهدة على الحب والخذلان.

تتنقل الرواية بين مشاهد الاغتيال، الاشتباك، والتحولات النضالية، لتُبرز هشاشة الحاضر الفلسطيني، وتُضيء مأساة الانقسام من زوايا إنسانية وشعرية.

"أن يأتي الليل دونك" هي الرواية الثالثة التي يتخذ فيها الشرفا من نابلس مكانا رئيسا، بعد "وارث الشواهد" و"ليتني كنت أعمى". غير أن هذه الرواية تأتي بشاعرية أكثر كثافة، وارتباط أعمق بالمكان، الذي يتحول إلى كيان حي ينبض بالحكايات والكوابيس والوصايا والأساطير.

وفي ذروتها، يلتقي الجندي الذي يهدم بيت عماد بذاكرة الأمومة والموت، في مشهد ختامي عميق يفتح على محاكمة مزدوجة: للقوة والبطش من جهة، وللهزيمة والخذلان من جهة أخرى، ليقول لنا إن القوة ليست دائما الحكم الفصل.

بهذا العمل، يواصل د. وليد الشرفا مشروعه السردي المتفرّد، حيث تتداخل الأغاني والهواجس والأساطير والاستدراكات لتنتج بنية سردية مركبة، تنبع من حساسيته الفنية ومعرفته الأكاديمية. وتشكل "أن يأتي الليل دونك" إضافة نوعية في مسار السرد الفلسطيني الحديث، وانعطافة جديدة في تجربة روائية لا تكرر أحدا، ولا تنفصل عن جذورها.