الجمعة  10 تشرين الأول 2025

سؤال الخريف الأبدي: هل يكسر أدونيس "التابو" السويدي وينال نوبل للآداب؟

2025-10-06 08:17:33 AM
سؤال الخريف الأبدي: هل يكسر أدونيس

تدوين- سابيلا النتشة

مرة أخرى، وقبل أيام قليلة من إعلان جائزة نوبل للآداب، يعود اسم الشاعر السوري أدونيس (علي أحمد سعيد إسبر) ليحتل صدارة التكهنات العالمية. هذا السيناريو تكرر سنوياً لسنوات عديدة، ليصبح الشاعر البالغ من العمر 95 عاماً أشبه بظلّ دائم يحوم حول الجائزة دون أن يظفر بها.

يُعدّ أدونيس أحد أبرز رواد الحداثة الشعرية العربية، وصوتاً لمرحلة كاملة سعت إلى إعادة تشكيل القصيدة واللغة العربية من الداخل. فمنذ شبابه، برز الشاعر المولود عام 1930 في شمال سوريا، بتمرد لغوي عميق تجسد في أعماله المبكرة مثل "أغاني مهيار الدمشقي"، حيث تحدّى الوزن والبلاغة القديمة وواجه الموروث الفكري.

على مدى سبعة عقود، جمع أدونيس بين الإنتاج الشعري الغزير والنقد الفكري، ليصدر نصوصاً مؤثرة مثل "الثابت والمتحول"، الذي بات مرجعاً أساسياً في نقد الثقافة العربية. هذا النتاج جعله من أكثر الشعراء العرب ترجمة وحضوراً في الغرب، حيث قُدّمت أعماله بدور نشر كبرى بالفرنسية والإنجليزية والألمانية، وحاز جوائز عالمية مرموقة مثل "غوته" الألمانية و"بي إي إن/نابوكوف" الأميركية، وهي جوائز غالباً ما تُعتبر تمهيداً لاعتراف نوبل.

في مواجهة الأسماء الكبرى: تحدّي اللغة والجغرافيا

في موسم 2025، يواجه الشاعر العربي منافسة شرسة من أسماء تتقدم عليه في قوائم الترجيح الأدبية العالمية. فبينما يراهن أنصار أدونيس على تكريم مستحقّ لتاريخه، تشير التوقعات إلى أسماء لها زخم نقدي حالي، مثل الروائي المجري لاسلو كرازناهوركاي، الحائز على "مان بوكر الدولية"، والشاعرة والأكاديمية الكندية آن كارسن، المعروفة بدمجها بين الكلاسيكيات والتجريب.

إضافة إلى ذلك، يبقى الروائي الياباني هاروكي موراكامي مرشحاً أبدياً، رغم اعتقاد بعض النقاد أن شعبيته المفرطة قد تدفع الأكاديمية إلى تجنبه.

في هذا المشهد المتنوع، يبرز أدونيس بوصفه صوتاً من خارج المركز الأوروبي، حاملاً معه اللغة العربية الغائبة عن سجل الجائزة منذ فوز نجيب محفوظ عام 1988. لكن العربية، رغم ثرائها، تظلّ بعيدة عن المشهد النقدي السويدي، ما يجعل أعضاء الأكاديمية يعتمدون بشكل رئيسي على الترجمات، وهو ما قد يؤثر على تقييمهم للنص الأصلي.

الموقف السياسي الشائك: الهاجس الذي يلاحق الأكاديمية

لا يمكن فصل الحظوظ الأدبية عن السياسة الثقافية ووزن المرشح في المشهد العام. هنا، يواجه أدونيس عقبة إضافية تتعلق بمواقفه من القضايا الإقليمية. فمواقفه من الثورة السورية عام 2011 أثارت انقساماً كبيراً في الأوساط الغربية؛ إذ رأى البعض في نقده للعنف والتديّن رؤية تنويرية، بينما اعتبر آخرون موقفه من النظام نوعاً من "التواطؤ" أو "الغموض".

هذا التناقض يجعل أدونيس شخصية "إشكالية" في زمن أصبحت فيه الأكاديمية السويدية أكثر حساسية للجدل السياسي، خاصة بعد الانتقادات الحادة التي طالتها إثر منح الجائزة للكاتب النمساوي بيتر هاندكه عام 2019، المعروف بمواقفه المؤيدة لسلوبودان ميلوشيفيتش.

منذ تلك الأزمة، تتعامل الأكاديمية بحذر مضاعف تجاه الأسماء التي تحمل حمولات سياسية مثيرة للانقسام. ورغم أن الجائزة تُحسَم على أساس أدبي بحت، فإن التجارب السابقة أظهرت أن الجدل يمكن أن يلقي بظلاله على الاختيارات.

في المحصلة، يرى أغلب المراقبين أن حظوظ أدونيس هذا العام تبدو ضعيفة، ليس تقليلاً من قيمته التاريخية، بل بسبب محدودية الحضور الأكاديمي الحالي للأدب العربي في السويد، وغياب الترجمات الجديدة التي تُسهم في تجديد التلقي النقدي لأعماله في سياق نوبل. وبينما يبقى اسم الشاعر السوري في التكهنات السنوية كـ"رمز تاريخي"، يبدو أن ميزان 2025 يميل نحو أسماء تتمتع بزخم نقدي وحضور أكاديمي متجدد في اللغات الأوروبية. يبقى قرار الأكاديمية هو المجهول الأكبر، لكن المعطيات تشير إلى أن المعركة تدور هذا العام بين الأسماء التي حققت توازناً بين عمق المنجز وحداثة الاعتراف العالمي.