الأحد  16 تشرين الثاني 2025

لندن تحتفي بالكلمة الفلسطينية في الدورة الرابعة عشرة لجوائز كتاب فلسطين 2025

2025-11-16 03:45:50 AM
لندن تحتفي بالكلمة الفلسطينية في الدورة الرابعة عشرة لجوائز كتاب فلسطين 2025
جوائز كتاب فلسطين 2025

تدوين-تغطيات

شهدت العاصمة البريطانية لندن، مساء الجمعة، إقامة الدورة الرابعة عشرة من جوائز كتاب فلسطين التي ينظمها مركز ميدل إيست مونيتور (MEMO)، في احتفال مؤثر حمل طابعا أدبيا وثقافيا يعكس رسوخ هذا الحدث كإحدى أبرز الفعاليات المخصصة للاحتفاء بالرواية الفلسطينية عالميا. وقد جمع الحفل نخبة من الكتّاب والباحثين والناشرين والفنانين والنشطاء، في تجمع ثقافي يؤكد الإصرار على صون التاريخ الفلسطيني وتعزيز حضوره، وكشف البنى التي تستهدف طمس روايته.

وقد جاءت دورة هذا العام استثنائية من حيث حجم المشاركة، إذ تخطى عدد الكتب المتقدمة أكثر من ثمانين إصدارا، في رقم قياسي غير مسبوق. وخلال الأمسية أُعلن عن الفائزين بجوائز عام 2025، حيث حصل د. ناصر أبو رحمة على جائزة الكتاب الأكاديمي، ونال حازم جمجوم جائزة الترجمة، بينما ذهبت جائزة الإبداع الأدبي إلى يوسف الجمل، وفاز محمد طربوش بجائزة التاريخ الشفوي، فيما حازت سارة عزيزة جائزة المذكرات. ونال الكاتب بانكاج ميشرا جائزة غزة للتأثير العالمي، بينما فاز محمد الكرد وعمّار العقاد بجائزة "التيار المضاد"، أما جائزة الإنجاز مدى الحياة فكانت من نصيب المؤرخ البارز البروفيسور وليد الخالدي.

المؤرخ البروفيسور وليد الخالدي

وانطلقت فعاليات الجائزة قبل الحفل الرسمي بيوم واحد، عبر لقاء خاص مع الكتاب المدرجين في القائمة القصيرة، استضافته غاليري P21 في لندن، وشهد حضورا كاملا تفاعل خلاله الجمهور مع أصحاب الأعمال المرشحة.

أما حفل الجمعة الرئيسي فقد أقيم في قلب لندن، وتولت تقديمه الشاعرة والناشطة البريطانية-الفلسطينية ليان محمد. وفي كلمتها الافتتاحية، قالت إن "العالم لم يعد كما كان بعد غزة"، قبل أن تتلو دعاء على روح الأكاديمي الراحل د. رفعت العرير وجميع الفلسطينيين الذين استشهدوا في الإبادة الإسرائيلية. وأضافت: "يخترعون طرقا كثيرة ليمحونا… ونجد طرقا أكثر لنعيش".

وألقى د. داود عبد الله، مدير ميدل إيست مونيتور، كلمة الترحيب، معبرا عن امتنانه للكتّاب والناشرين والقضاة والمتطوعين الذين أسهموا في إنجاح الحدث. وأكد أن الكتب المشاركة هذا العام تحمل خيطا موحدا يتمثل في "سرد القصة المركزية لفلسطين: الإصرار الذي لا ينكسر على مقاومة الإخضاع". وذكر بأن تدمير الاحتلال للمستشفيات والمدارس وحياة المدنيين ليس جديدا، بل عابر لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن "هذه لحظة حالكة من الألم والإجرام، لكن الكتاب فيها قدموا الضوء… وفي عيون الفلسطينيين، كلهم فائزون".

وجاءت الكلمة الرئيسة للحفل على لسان الجراح البريطاني -الفلسطيني المعروف د. غسان أبو ستة، الذي قدم قراءة مؤلمة لوضع غزة، ودعا إلى التفكير في كيفية منع محو الفلسطينيين ومقاومة استمرار الإبادة. وشرح أن الإبادة "مشروع بدائي" يقوم على التجويع والأوبئة والتطهير العرقي، لافتا إلى أن "معظم سكان غزة نزحوا تسع مرات"، في إشارة إلى حجم التهجير القسري.

د. غسان أبو ستة

وأكد أبو ستة أن الإنكار عنصر جوهري في استمرار الإبادة، وأنه يتغذى على العنصرية والتطرف وتجريد الضحايا من إنسانيتهم، موضحا أن محو الوجود الفلسطيني يتطلب نزع "قابلية الحزن" عن الأطفال الفلسطينيين كي يصبح قتلهم أمرا مقبولا في الخطاب السائد. وأضاف: "هذا ما يسمح للإبادة أن تحدث".

وأشار إلى أن ما جرى في غزة لم يصدم العالم فقط بل كشفه أيضا، قائلا: "غزة أضاءت طبقات القوة المتغلغلة في كل مستويات المجتمع، وكشفت إلى أي مدى يمكن أن تذهب هذه القوة للحفاظ على هيمنتها ومحو من تعتبرهم 'سكانا فائضين’". واعتبر أن ما يحدث ليس استثناء، بل يمثل مرحلة جديدة من المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، حيث تجاوزت الحركة الصهيونية مرحلة إدارة القضية الفلسطينية لتسعى إلى محوها بالكامل.

ووزع الجوائز خلال الأمسية عدد من القضاة والضيوف، من بينهم د. أشجان عجور، والبروفيسورة بيني غرين، ود. عفاف جبيري، وفراس أبو هلال. واختتم الحفل بعرض مرئي خاص تكريما للبروفيسور وليد الخالدي، بمناسبة منحه جائزة الإنجاز مدى الحياة تقديرا لإسهاماته البحثية العميقة ودوره الممتد في حماية الرواية الفلسطينية.