السبت  28 كانون الأول 2024

يا معشر الكتاب انهضوا من أجل ضمان حرية التفكير والتعددية

قراءة في أسباب ضمور الجبهة الثقافية الوطنية

2016-02-28 03:40:40 PM
يا معشر الكتاب انهضوا من أجل ضمان حرية التفكير والتعددية
صورة تعبيرية عن الكتابة واضمحلالها

 

بقلم دكتور غسان عبدالله

 

لن أكون هنا بمثابة المعلم الذي يريد تلقين الاخرين دروسا ، بل اثرت أن أغضب البعض بدلا من دوام خداع وايهام الاخرين بالواقع الوردي للحالة الثقافية في فلسطين المحتلة عام 1967.

 

ثم لعلّ ما جرى من انهيار لنموذج التفرد والهيمنة في اتحاد المعلمين الفلسطينين الذين دفعنا ثمنا باهظا من أجل تأسيسه منذ بدايات الاحتلال الاسرائيلي لما تبقى من فلسطين عام 1967، قد يكون هذا بمثابة عبرة لمن يريد أن يعتبر، اذا كان فعلا الهدف الاساس هو مواصلة التأسيس لجبهة ثقافية وطنية فاعلة بدلا من تحويل المؤسسات الثقافية الشعبية والمهنية الى منبر أحادي اللون نهجه اقصاء كل من يختلف مع الزمرة القائمة على الهيمنة والغطرسة.

 

كتب أحدهم مقالا اطرائيا في شبكة معا عن  سلسلة االانجازات المهيبة والخارقة  التي أنجزها الاتحاد العام للكتاب الفلسطينين (الذي كان من المفروض ان تتم فيه الانتخابات منذ فترة ولكنه للأسف التحق بالنهج القائم والمتمثل في تأبيد المسؤول اسوة ببقية المؤسسات الموجودة)  تمحورت حول تلك الاصدارات والدواوين الشعرية ألأتي أصدرها .

وأن أقرا التقربر تخيلت ذاك الشخص المتوتر الذي جاءني مرة يطلب المساعدة في الارشاد ، بعد الوقوف على حالته وجدته فقط كمن يجلس على كرسي هزّاز هو يشعر بالحركة ولكنه ، فعلا، لا يتقدم قيد أنملة وهذا هو واقع حال الجبهة الثقافية التي كانت قد أسست لمجمل النهوض الوطني في مراحله المختلفة، اذكر على سبيل المثال لا الحصر، دور الحراك الثقافي الفلسطيني في انضاج الظروف للانتفاضة الفلسطينية الاولى وديمومتها والتفاف الجماهير حولها. واليوم نسأل: أين هو الحراك الثقافي وما دوره في اعادة استنهاض العمل الوطني الموحد والتفكير الجمعي الفلسطيني

 

أذكر حين تم عقد الاجتماع التأٍسيسي الاول لاتحاد الكتاب في 19/5/1985 في نادي الموظفين –القدس وكان لي الشرف أن أكون أحد المبادرين لذلك بعد التنسيق مع مجموعة من الاخوة والاخوات مثل الشاعر المرحوم علي الخليلي والكاتب الملتزم أسعٍد الاسعد والاديبة المقدسية د. حنان عواد والشاعر المقدسي نبيل الجولاني أصّر المرحوم الناقد ألاستاذ محمد البطراوي واتفقنا معه في ذلك على أن يكون الاتحاد مؤسسة شعبية فاعلة وغير مقتصرة على النخبة

 

انطلق الاتحاد وتشكلت هيئته الادارية الاولى  بالتوافق بين الجبهتن  الشعبية والديمقراطية والتنظيم الشيوعي انذاك برئاسة الشاعر الاستاذ خليل توما وطرحت فكرة تسجيل الاتحاد لدى الجهات المختصة أسوى برابطة الصحفين العرب انذاك وتم التسجيل باسم الشاعرين  نبيل الجولاني وخليل توما كونهما يحملان الهوية الزرقاء وتشكلت الهيئة الادارية في حينه من الشاعر نبيل الجولاني وخليل توما والقاص الروائي جمال بنورة وأ. يوسف حامد وأن شخصيا . وكان جليا مقاطعة وغياب الاخوة من حركة فتح لاعتراضهم على ما لا أفهمه لغاية اليوم رغم مواصلة الحوار معهم انذاك في الداخل والحارج ( بحثت الموضوع أثناء اقامتي في فندق كوزموس - موسكوعند سفري الى موسكو في 4/8/1985 مع كل من ألأسيد ياسر عبد ربه والشاعر الكبير محمود درويش والكاتبة الروائية ليانة بدر والمناضل صالح رأفت، كل بموجب الوضع الرسمي والتنظميي له، ووعدا متابعة الموضوع مع ذوي ألشأن في حينه . 

 

نشط الاتحاد في هذه الفترة بشكل ملحوظ لا سيما خلال سيرالانتفاضة الاولى في توصيل الرسالة الفلسطينية من الانتفاضة ، وفق رؤية واهداف  القيادة الوطنية الموحدة وبعد التنسيق الكامل معها،  الى  الاسرائيلين وكان للدعم المعنوي والاسناد العملي للرفاق الكتاب  من فلسطين المحتلة 1948 دورا في هذا النشاط  فتشكلت ووفق رؤية م.ت.ف لجنة الكتاب  ضد الاحتلال والعنصرية والتي ضمت في صفوفها بعض من كبار كتاب الداخل الفلسطيني آمثال محمد علي طه والروائي المرحوم اميل حبيبي والشاعر المرحوم سميح القاسم وسلمان ناطوروالشاعرة سهام داود والكاتب محمد نفاع وغيرهم وتم عقد مؤتمر خاص ادان فيه المجتمعون الممارسات الاحتلالية ضد الحركة الثقافية الفلسطينية كما دعوا الى ضرورة انهاء الاحتلال والالتزام بحل الدولتين ن دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية بجوار دولة اسرائيل – وفق البرنامج السياسي للمنظمة انذاك. رغم ٍ فرض الاقامة الجبرية على الكاتب والروائي الفلسطيني سامي الكيلاني عن الهيئة الادارية الا أنه لم يتوانى لحظة عن المشاركة ولو في التخطيط وابداء الرأي وذلك من خلال زيارتي الاسبوعية له في يعبد كل يوم خميس حيث كنا نتبالدل ألحوار للمتابعة والتقييم المباشر .

 

تشكلت الهيئة الادارية الثانية من معظم أعضاء الهيئة الاولى وانضم اليهم الكاتب والباحث الشيخ  جميل – كما كان يحلو له مناداته له هكذا . وللتاريخ أذكر ان خلافا طرأ داخل اطار لجان العمل الثقافي الديمقراطي عل من يمثله في الهيئة الادارية هذه وتم حسم الامر من خلال التنسيق الفصائلي المركزي حيث عدت أنا ثانية للهيئة الادارية .

 

وجاء أوسلو اللعين حيث انقسم الناس بين مؤيد ومعارض، اتخذت منه ومن أطرافه موقفا معارضا وبشدة، حيث دفعت ولا زلت أدفع الثمن جراء قناعاتي ومعارضتي الشديدة هذه. ومما زاد الطين بلة الانقسام البغيض في منظمة الجبهة الديمقراطية ولأنني كنت ولا أزال ضد هذا الانقسام الذي تثبت الايام ان الخلاف السياسي والفكري الذي كان الطرفين يتذرعان به ما هو الا سحبة صيف وانقشعت ، عارضت الانقساو ورفضت اللهث وراء اغراءات هذا الشق أو ذاك التكتل، فزادت فرص العمل ضدي شخصيا

 

اثر  اشتداد الخلافات الفكرية والشخصية داخل الجبهة الديمقراطية عام 1989 ، اجتهد ألكاتب سامي الكيلاني ضرورة التوافق مع الاخوة والاخوات الكتاب من  حركة  فتح لتشكيل اتحاد الكتاب والادباء الفلسطينين كجسم مواز لاتحاد الكتاب حيث عارضت شخصيا ايجاد جسم بديل أو مواز للاتحادألآمر الذي استغله البعض ضدي شخصيا في انتخابات 1990 الت الى عدم شملي في كتلة لجان العمل الثقافي الديمقراطي انذاك .

 

جرت الانتخابات الاخيرة لاتحاد الكتاب في كانون أول من عام (؟ لا أّذكر السنة وشاركت بها كوني أحمل بطاقة العضوية ، توجهت في منتصف العام 2015 الى مقر الاتحاد لتجديد عضويتي واذ بالاخ جمعة الرفاعي يبلعني بأنني لست عضوا !!!

 

لست عضوا رغم أنني أحد المبادرين الى تأٍسيس الاتحاد وعضو في هيئته الادارية  على مدار دورتين متتاليتين ولدي اكثر من 19 كتاب منشور – أودعت بعضا منها لدى الاتحاد- أحدها صادر عن الاتحاد ذاته  وله قصة غريبة حصلت اثناء اعتقالي سنة 1988 واكتشفتها بع الافراج عني وتدخل التنسيق الفصائلي ثانية بها  .

 

من خلال ما سردت أعلاه أرى  ان النخبوية الزائدة والفئوية الضيقة وبتبني نهج الاقصاء للبعض ساهم ذلك،  في رأي في خلق حالة الجزر الثقافي هذه، لا سيما في مدينة القدس  اضافة الى عدم الوصول جغرافيا الى مناطق عدة وانحسار وقصر النشاط  على النشر دون التعميم – التوزيع -  كل هذا ساهم ويساهم في دوام ثقافة الاشاعة والفردية ومساعدة بشكل غير مباشر في تهويد الثقافة العربية في القدس ، مما أوجد شعورا بالغربة الثقافية لدى الكثيرين وأنا منهم ......

 

 في الختام أقول عودوا الى الجماهير والغلابى سواء في القدس أو القرى النائية   حتى يعودالاتحاد الى مؤسسة جماهيرية فاعلة تتسع للكل دون الاعتماد على اللون أو الانتماء السياسي الفئوي حتتى تستعيد الجبهة الثقافية دورها المعهود والمنشود وحتى لا  تكون هناك نتائج لا تحمد عقباها مستقبلا في حالة اجراء انتخابات سواء سياسية أم مؤسساتية نقابية وكذلك مستقبل الهوية العربية لمدينة القدس .