السبت  28 كانون الأول 2024

هو الحب معنى الحياة بقلم:محمد الأمين سعيدي/شاعر وأكاديمي جزائري

ضوء في الدغل

2016-04-28 07:49:26 PM
هو الحب معنى الحياة
بقلم:محمد الأمين سعيدي/شاعر وأكاديمي جزائري

كيف تشهد على موت معنى كثير من الأشياء بالنسبة إليك؛ موت معناكَ أيضا وأنت تنسحق تحت قدمِ عالم لا يفكّر فيك إلا باعتبارك شكلا من الحياة الحيوانية ولأنّك ستصلح للاشتغال في معملِ الخلق على أشكالٍ وكوارث بيولوجية أخرى قد تشبهك وقد تختلف عنك، وبعد ذلك، بعدما سكنت اليأس وفقدان القيمة، تشهد على انبعاثه؛ معنى العالم، ومعناك فيه، أنفاسا وحبا واشتعالات ذوبان العاشقيْن في قلب الحبيبة..وستشهد في الآن ذاته على تحليق فراشات الجدوى مرة أخرى في سماء عينيكَ الحائرتين. ما ستقولُ لعقلكَ الذي أمضى وقتا في رثاء بهجة الكون، وأنتَ تراه الآن نفسه يغني سعيدا بكلّ مظاهر العالم التي لعنها من قبل؟ ما سرّ هذا التحوّل من التفكير بالدماغ إلى الإحساس بالروح والرؤية بصباحات بياضها الأقدس..؟

لعلكَ تصبحُ

شيئا فشيئا

سحابة حبٍّ وشدْوَ الطيور التي في خيالِ الحبيبةِ

تغدو هطولَ المعاني على قلبِك المتعبِ العدميِّ

تصيرُ مع الوقتِ أسطورة للجنونِ

ويحسبك الهائمون انجذابا إلى السرِّ

ماءَ السماء على جمرهم يتدفّق معرفةً بالأغاني

ويحسبُك النبض منهم لقاءَ النبوّةِ بالتيهِ

في طينكَ الأزليِّ الذي في عيون الزمانِ

أنا من يقولُ على لسانك هذا الشعر أيها العاشق، أنا روحك التي لا تراها حجارة العقل، ودمكَ الذي لا يفتتن بعزف جريانه تفكيرك اليابس، أنا الحبُّ بيتُ السلامِ وإمكانية إقامة اثنين من البشر في روح واحدة، استثناء جرائم العشق الجميلة من دفتر السيئات وإلحاقها غصبا إلى نسيم دفتر الحسنات. وجودي كما تعلم أو تجهل يجعل العالم مكانا يصلح للعيش فيه رغم كل الفظائع التي نقشها الإنسان على جسده جراحا ودمعا. ولذا يمكن أنْ تراني حيث لا تتوقّع أنْ أكون؛ في عينيِّ الحبيبة تستحيلان فضاءً لانتظار الغائب القريب من الروح والأنفاس، انتظار عودته حيا سالما من ملعب الفناء، أو حيَّا ناقصًا، المهم أنْ يعود إلى حضنها كي لا تموت شجرته حزنا على موت مائها/حبيبها. تراني في الوردة ترفع عنقها باتجاه الشمس، في البسمة تطرد برد الطريق، في الرحمة ترفع البشري إلى تصنيف إله.

هل يمكنك أنْ تتخيّل الحياة بدوني يا صديقي العاشق وأنا ما يجذبكَ إلى موسيقى المطر تصغي إليها بقلب مبلل راقص، وما يلفت نظر فرحتك حين تذوب في المعشوقة على فراش من مباهج هو راحة يدي ودفء عروقي، وما يؤنس قلبك حين يغدر به الأصدقاء، وما يغني لأرقك حين تهجرك طيور النوم، وما يجعل موتك بعدي غير مأسوف عليه لأنك عشتَ الحياة بعمق الحب ورأيتَ الموجودات بعينيّ، لقد رأيت كل شيء لو تعلم، رأيت كل شيء. سأخبرك بفكرة؛ رغم آلام قيس بن الملوّح التي تعرف إلا أنه عاش أكثر من حياة؛ عاش بنبض قلبه، ونبض قلب ليلى، أترى كل هذا العمق، كل الصدق الذي يجعلك أنت وحبيبتك في آن واحد، يجعلها هي وحبيبها معا في قلب واحد..كل ما عاشه قيس كان أنا فقط، كل تلك العوالم التي التقط شيئا من شموسها هي بعض مني لا أكثر. هل تعلم أني لو تجليتُ بكلي داخل إنسان لأحرقته؟ هذه قبسات من ناري فقط أيها العشاق فتلطفوا بها كي لا تخبو في أيديكم، ناري هي الوجود الفسيح، هي الله فيه أيضا، هي الله الحب تحديدا، هي كل ما يجعل العوالم جميلة كما تبدو لأنها لولاي لظهرت على بشاعة مفرطة.

أيها العاشق، هل تعلم أنكَ ابن المحظوظة يا صديقي..صدقني حين أقول؛ أنا الحبّ.