الأحد  29 كانون الأول 2024

قصيدة التراب / لـ الشاعر: أنور الأسمر

2016-05-24 12:32:00 PM
قصيدة التراب / لـ الشاعر: أنور الأسمر

مثقلٌ رأسي بمعنى التراب

ورأسي من تراب

لنا من التراب

ما يوقظ المعنى بأسمائنا

لنا أسئلة الدم الملقاة

على رصيف الحياة

لنا ماء الفرات

لنا وردة حُبّ نحملها

لتحمينا من النسيان

حين نمشي على أرضٍ ليست لنا

لنا قمرٌ يحطُّ على شرفاتنا النشيد

لنصغي إلى إيقاع الأحبة

في التراب

لنا صهيل القصيدة

لنا شكلٌ يُزَوِّج أحلامنا من المدن القديمة

لنا تناسل اللغة الرقيقة

على أصابع الأنثى

سرُّ الفراشة حين تتلو صلواتها

حول قنديلٍ يهزم المنفى

بضوء الذاكرة

لنا ما يؤدبنا

حين نعانق ذكرياتِنا

في التراب

مثقلٌ رأسي بأسئلة التراب

ورأسي من تراب

يا آدم المخدوع

ما الذي يجعل أمي تخطئ مرتين ؟

ما الذي أغواك

لتهبط عارياً

وتغطي بعواء الذئب

سوءة الأمم الهزيلة ؟

ما الذي أغواك

لتلقي بماء النهر تفاحة من دم ؟

على أيِّ القمم خدعتَ أمي

وقلتَ إنّ أخي من نفس التراب

ومن نفس العذاب

ونفس الصهيل إلى الحياة ؟

إذاً

لماذا اختلفنا على معنى التراب ؟

ولماذا حملته الخديعة فوق دمي

ليبني أسطورة مجدٍ من سراب ؟

هو لا يفهم معنى التراب

ولا يُجيب عن أسئلة الدم الملقاة فوق النهر

هو لا يفهم معنى التراب

ولا يُفَرِّق بين ياسمين الحبيبة

ووردة النفط المُصَنَّع

هو لا ينام في شرايين امرأة تحت ضوء القمر

ولا يملك دمعةً لرسم فتاته

ليعرف الفرق بين الرقصات السريعة

وموسيقى المطر

مثقلُ رأسي

يا تراب

يا أبجدية التكوين

ويا أم الياسمين

لي لحظة التأمل فيك

وفي نحلةٍ تركتْ وشمها

على بوابة العاطفة

يا تراب

يا فرس الباحثين عن الفضاء الحر

يا طائر الدمع الذي يحملني لبدايتي

من أنت ؟

يا قميصي الذي قُدَّ من دُبرٍ ومن قُبُلٍ

يا سرّ خطيئتي وفضيحتي في الحب ؟

من أنت

لتعطينا فُراتكَ ونعطيكَ موتى ؟

من أنت

لم أجد مكاناً يُغريني أكثر منكَ

لأرحل عنكَ إلى غيمة أُخبئ تحتها رأسي ؟

من أنت

لأعود إليك بكل اعترافاتي عن الحب الذي غرَّبَني

وكل أسئلتي

وأجوبة القصيدة ؟