في الأربعين
لا يَرجِعُ الَميِّتونَ لاحتفاليِّةِ الأربعين
بَل يَرقُبُونَ غيابَهم ، من قَبرهَم ، وَأُفولَهُم (فيْ زَهَرَةِ النِّسيان):
...((وَمَا تَنْقُصُ الأيَّامُ والدَّهرُ يَنْفَدُ!))
في الأربعين
لا تُدْركُ سُنونوةُ البِلادِ أنَّ عُشَّها صَاَرَ نُدبةً فيْ قَبْرِ رَاحِلَة
بَل تَشْرَعُ في الرَّحيْلِ الَجديْد(بَيْنَ أَرْضِنَا والقَمَر):
((إِنْ تَأَخَّرَ فَصْلُ الرَّبِيْعِ ،اكْتَفَيْتُ بْنَقْلِ البِشَارَة!))
في الأربعين
لا تَمْنَحُ ((زَهْرَةٌ الَحظِّ زَارِعَهَا مَزْيَداً مِنَ الَحظّ))
بَل تَقِيءُ تُرابَهَا في وَجه مَن عَادُوا مِنَ التِّيه(الذي أَغْوَاهُ صَمْتُ السَّائِرِيْن)
((لَو كَانَ للحَظِّ قَلْبٌ ،لَقَدَّمَ النَّرْدُ اسْتِقَاْلَتَهُ اَلَجْيِدَةَ ...واستراح!))
في الأربعنين
لا يَنْزَلُ النَّبيُّ من طُورِهِ،وَلا يَصْعَدُ المتنبِّي إلى قَصيْدَته
بَل يَرْفَعُ الإنْكَارُ مَظْلَمَةً إلى عَدل السُّؤَالِ العَبْقَري (ولا يُجَاب):
(أيْنَ مُوسى النَّبِيُّ مِن عِجْلِ الذَّهَب؟)
في الاربعين
لا يَرْجِعُ الرَّجُلُ إلى صبَاه
بَل يَبُوحُ بِرغْبَةِ الطُّوفَانِ في لَثْمِ المَزيْدِ(مِنَ السَّفيْنَةْ):
((لَو كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ بُنيَّاً ،لكانَ الصٌّبَحُ أزرَق..وَلَكُنْتِ أُنثى!))
في الأربعين
لا تَرجِعُ المرأةُ إلى بُنوتَتِهَا
بَل تبوحُ بِ((حكْمَةِ الأَنْشَاد))... إذ تَرْتَخي كالزَّيْزَفُوْنَةِ (في تَمامِ الأربعين):
((خُذْنِي إلَى الرُّكامِ وفُضَّني، لأَصِيْرَ أَحْلَى!))
لا مَجَازَ يُعيدُ للرُّمَّانِ زَهْرَتَهُ، وَللقَصَبِ انْتِصَابَتَهُ العَنيْدَة
بَل يذكِّرنَاَ طِبَاْقُ كِلَيْهِمَا بالمُعْجِزاَتِ، وَحِكْمَةَ الشَّكْلِ (الذي في الذَّاكِرَة):
((لا شَكْلَ ،للاَشْيَاءِ ،إلاَّ ما رَأَيْتْ!))
في الأربعين
تَبْلُغُ الهَزيمةُ رُشْدَهَاْ
بَل يُوْرِقُ النَّصْرُ عَوْسَجَةً فيْ العَرَاْء – مظَلَّةَ المُتَحَارِبِيْنَ (وَظِلَّهُم):
((لا نَصرَ إلا تَوبَةُ الحُمقِ الأَكِيد!))
في الأربيعين
لا يُعْلِنُ ابنُ الله تَوْبَتَهُ على خَشَبِ الصَّليْب
بَل يَكْتُبُ الجُمْهُوْرُ إنْجيْلَ البَرَاءَة (من فَساَدِ الملْح):
((طُوْبى لِمَن حَمَلَ الصَّليْبُ، وألفُ طُوْبَى للذي حَمَلَ الصَّلِيْبَ على طَرِيْقِ الجُلْجُلَة))
في الأربعين
لا تَرْحَمُ الأيامُ ، سَيِّدَةُ الخَسَارَة، رَغْبَتي في الإنْحِسَارِ، تَوَاضُعي..
بَل تَدَّعي فَوْزي الفَريدَ بَنَوْط ((أَكبرِ خاسر)) (دُونَ احتفال بَاذخِ، أُغْنيَات من ((مَقَاْمِ الخَسْرَوَاْن)):
((خَاسِرٌ وَخَسَارَةٌ يَتَنَاوَبَانِ الإسْمَ تَذْكِيْراً وَتَأَنِيْثَاً... فَتَخْلِطُ النُّعُوُتُ بِلا اكْتِمالِ التَّاءِ، بَدْرَاً، في مُحَاْقِ الخَاء))
* من ديوان "سر الشفاء من الفرح"
**عبد الرحيم الشيخ- شاعر وناقد فلسطيني ولد في القدس لعائلة لاجئة من الرملة. يعمل أستاذًا للفلسفة والدراسات الثقافيّة والعربيّة في جامعة بيرزيت. يركز عمله الفكري على سياسات الهوية والقومية وتفسير الروابط العلائقية للسياسات، يعمل في الترجمة وفي نقده الفني يركز على التعبيرات البصريّة للهويّة الفلسطينيّة.