الخميس  21 تشرين الثاني 2024

شاعرة فلسطينية أجبرها الاحتلال على العيش في مستوطنة بسبب قصيدة "إرهابية" (فيديو)

2018-08-01 07:36:26 AM
شاعرة فلسطينية أجبرها الاحتلال على العيش في مستوطنة بسبب قصيدة
دارين طاطور

الحدث ــ محمد بدر

"لن أرضى بالحل السلمي، لن أُنزل أبداً علم بلادي، حتى أُنزلهم من وطني، أركعهم لزماني الآتي، قاوم يا شعبي قاومهم".. أليس غريبا أن تأخذ هذه الكلمات صاحبتها إلى السجن؟ وأليس غريبا أن يكون يوم الحكم عليك بالسجن هو يوم حريتك؟ أليس غريبا أن تبتسم لحكمك وتشعر أن القاضي قدّم لك هدية في مغلف ظالم؟..

في الطريق إلى عكا كان الصوت مشوشا جدا.. دارين تنطلق من قاعة المحكمة إلى بحر عكا، من أجواء المحكمة إلى عكا التي قيل عنها لو انها تخاف من البحر ما سكنت بالقرب من الشاطئ، وهكذا تماما دارين. تبدو هذه الكلمات متقاطعة حتى يفك لغزها كلمات أخرى.

أخيرا، حكمت المحكمة الإسرائيلية على الشاعرة دارين طاطور 32 عاما ابنة مدينة الناصرة المحتلة، بالسجن لمدة خمسة أشهر بتهمة التحريض على مقاومة المحتل من خلال قصيدة كتبتها بالتزامن مع هبة القدس في عام 2015.

وتقول المحكمة الإسرائيلية إن دارين أنشدت قصيدتها وأضافت إليها مؤثرات صوتية وصورا للاحتجاجات ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق القدس، ولم تكن تهمة دارين فقط كلماتها، بل الموسيقى والصور، وعليك أن تتخيل أي قضاء يلاحق؛ الحرف، ونغمة الموسيقى، والصورة التي هو من صنعها.

وفي حديث خاص للحدث، قالت دارين: "أنا لست متفاجئة من هذا الحكم، ولم أتوقع أبدا أن تنصفني محكمة صممت لتكريس الظلم بحق الفلسطينيين، ليس هناك ما هو مفاجئ.. إن محاكمتي فاضحة لهذا الاحتلال الذي يلاحق الكلمة الفلسطينية.. هذا الاحتلال يلاحقنا ويلاحق هويتنا وروايتنا".

وأضافت دارين: "هل يظن الاحتلال أن هذه الأحكام يمكن لها أن تردعنا عن استخدام لغتنا من أجل قضيتنا.. هذه لغتي وهذه قضيتي وأنا على علاقة مع الكلمة والقضية ولا يستطيع هذا الاحتلال أن يقطع الطريق بيننا أو العلاقة"، وبابتسامة ساخرة قالت دارين: "ماذا يتوقع الاحتلال من هذا الشعب! أن يتخلى عن هويته وعن مشاعره! هذا حكم لن يجبرني على تغيير أي وجهة نظر لدي".

وعند سؤالنا لـدارين عن كيفية تقبلها لقرار الحكم، أكدت لنا أن هذا القرار كان متوقعا، وأضافت: "لقد كان القرار بالنسبة متوقعا وجميلا.. متوقعا لأنه صدر عن الاحتلال، وجميلا لأنني كنت في فترة عقوبة أسوء من السجن، لقد اعتقلني الاحتلال في البداية لمدة 3 أشهر، ومن ثم أفرج عني بشروط حبس منزلي، وكانت شروطه تتضمن أن يتم إبعادي إلى مستوطنة كريات أونو وهي مستوطنة بالقرب من تل أبيب أنشأت لاستيعاب المهاجرين اليهود المتطرفين.. تخيل أنني اضطررت أن أعيش بين 31 ألف يهوديا صهيونيا متطرفا فترة 6 أشهر! تخيل أنني منعت من استخدام أي وسيلة تكنولوجية أو وسيلة تواصل اجتماعي وكنت منقطعة عن العالم في مستوطنة كلها صهاينة متطرفون وكانوا يعلمون أنني بينهم كعقوبة لأنني حرضت عليهم وعلى الإسرائيليين كما زعمت المحكمة! بالنسبة لي السجن أرحم وأفضل لأنه على الأقل أستطيع العيش بين الأسيرات، أما في كريات أونو فكنت ممنوعة من الخروج من المنزل ومحاطة بمتطرفين يهود".

وعن فترة حبسها في منزل في مستوطنة كريات أونو قالت دارين: "أجبروني على المكوث في هذا المكان، ومنعوا مني أي وسيلة تواصل، ولكنها كانت فرصة لكتابة رواية أسميتها (قصيدتي الخطرة) من خلالها كشفت تفاصيل الظلم الإسرائيلي بحقي وبحق شعبي، وسأنشرها باللغة العربية والإنجليزية بعد الإفراج عني لأنني ممنوعة من النشر الآن.. كما أنني كتبت ديوان شعر بعنوان (شاعرة من وراء القضبان) يجسد ظلم الاحتلال للفلسطيني ككل وأنا كحالة".

خلال حديثنا مع دارين قالت لنا أن المحكمة قضت بدخولها للسجن في يوم 8/8/2018، وحتى هذا التاريخ ستتجول في فلسطين، وأوضحت لنا أنها لأول مرة منذ 6 أشهر تستطيع التنقل بعد أن كانت محتجزة في مستوطنة كريات أونو.. وحين سألناها عن سبب انخفاض صوتها لدرجة أننا نضطر أن نطلب منها أن تعيد ما قالت في بعض الأحيان، ضحكت دارين وقالت: "سامحوني.. ممنوع أن يكون معي هاتف ذكي وسمحوا لي فقط باقتناء هاتف شخصي لا يمكنني من خلاله الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي.. سامحوني معي هاتف بــ 50 شيقل" وأكملت ضحكتها الهازئة بالاحتلال وشروطه وقوانينه.

لم تخرج دارين من المحكمة إلى بيتها الذي أبعدت عنه فترة 6 أشهر، بل شقت طريقها نحو عكا.. "مشتاقة لـعكا كثير..".

تحدثنا مع صديقة دارين، والتي رافقتها وكانت بجانبها خلال النطق بالحكم، الناشطة نيفين أبو رحمون، وسألنها عن موقفها كناشطة سياسية ونسوية في الداخل المحتل من هكذا أحكام، وفي الرد على سؤالنا، قالت أبو رحمون: ا"لقضاء الإسرائيلي يعكس الصورة الاستعمارية الكولونيالية لهذا الاحتلال، وهو تثبيت لسياسة متبعة إسرائيليا في ملاحقة الفلسطيني وفضاؤه وأمنياته ومواقفه وهويته".

وأضافت أبو رحمون: "لم يعدّ هذا الاحتلال يحتمل أن يكون هناك كلمة فلسطينية في الداخل المحتل بعد فشل كل محاولاته الأسرلية.. هذه معركة وعي مع هذا الكيان الاستعماري ولن ينتصر الاحتلال بسجونه على وعينا".

الاحتلال حاول أن يصبغ دارين بصبغة تنظيمية، فاتهمها بدعم حركة الجهاد الإسلامي، بسبب بيان شاركته على صفحتها؛ دعت فيه الحركة جماهير الضفة لمواصلة المواجهة.. إلا أن التهمة لم تثبت على الشاعرة دارين وأُسقطت خلال محاكمتها، ليُفتضح الاحتلال؛ الذي اضطر في النهاية للحكم بالسجن على دارين بسبب كلماتها فقط.

يجدر الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي يتيح لحملة الهوية الإسرائيلية المكوث فترة أيام خارج السجن بعد الحكم عليهم بالسجن؛ خاصة إذا كانوا في عقوبة السجن المنزلي، كما في حالة دارين.

وفي ما يلي قصيدة دارين التي اعتقلت بسببها: