الأحد  22 كانون الأول 2024

الفساد المبرر أ‌.خالد احمد الطريفي

2019-06-27 08:43:06 PM
الفساد المبرر
أ‌.خالد احمد الطريفي
خالد أحمد الطريفي

التقطت منذ عدة أيام عدسة صديق لي مجموعة من اليافطات والإعلام والرايات الخاصة باحد فصائل وقوى العمل الوطني  ملقاة على جنبات الطريق في إحدى قرى رام الله والتي ما بين الفترة والاخرى تشهد بعض الفعاليات والأنشطة الفصائلية وفقا للحاجة والضرورة لتبرير جزءا من نفقاتها والتي تكون مضطرة الى تقديم فواتير الانفاق وأوجه الصرف للداعمين والممولين والراعيين لهذه الفعاليات  ولاظهار الأمر  بأنه تحت السيطرة  ( under control ) .

 قد يكون من الظلم ان نحصر هكذا سلوك أو تصرف بفصيل واحد أو اثنين أو بنقابة مهنية أو اتحاد..بحكم أن هذا السلوك ومن مشاهداتي الشخصية (ومن الممكن مشاهداتكم) يتكرر مع نهاية كل فعالية أو نشاط وفي مختلف المواقع ، لقد رأيت بأم عيني اعلام فلسطين ، رايات فصائلية ، صور شهداء وقادة ، بيانات ، يافطات كبيرة وصغيرة  ملقاة على الأرض ومهملة بطريقة محزنة ومخزية ..هذا بالإضافة إلى ما يتركه المتظاهرون خلفهم من بقايا مشروبات وطعام واعقاب سجائر على الارصفة وفي احواض شجر الزينة مما يدلل على ان مفهوم المواطنة والوطنية لديهم ضحل بل ضحل جدا ، قد لا ألومهم مباشرة ولكني الوم وأُدين من نظم ودعا لهكذا نشاط والذي لا يعنيه من الأمر سوى تبرير نفقاته وكتابة تقريره مع انتهاء نشاطه  سواء الأسبوعي أو الموسمي وكلما دعت الضرورة لذلك ، ولنا في انطلاقات الفصائل وانتخابات مجالس الطلبة ومسيرات العودة وبعض المناسبات الأخرى والتي أصبحت تقليدا سنويا للكل الوطني والاسلامي بالإضافة إلى الكثير من الفعاليات الأسبوعية ضد مصادرة الأراضي والاستيطان  والاعتصامات شبه اليومية في مراكز المدن خير دليل على ما نقول .

قد يعتقد البعض باني اتجنى وابالغ في الوصف والنتيجة ، الا اني أضع بين أيديكم ورقة وقلم لتحسبوا تكلفة الفرد المشارك والقياس من مبدأ وقانون التجارة ( الربح والخسارة ) أن جاز لنا التشبيه ، وحساب التكلفة الإجمالية للأنشطة والفعاليات التي تجرى على مدار العام ومن الكل الوطني والإسلامي والنقابي والمهني ...الخ ، والتي أتصور انها تفوق حاجة الأسر المعوزة أو ما يحتاجه الآف الطلبة من ديون لاقساطهم أو مشاغل ومزارع صغيرة تخفف من حجم البطالة ولكانت نتائجها لو انفقت وفقا لخطة مدروسة وممنهجة إيجابية للمجتمع والوطن والمستقبل  .

أي فعالية تبدأ باجتماع المنظمين والمسؤولين   عنها للاتفاق على الضرورة والهدف والتفاصيل الأخرى من حيث الزمان والمكان وعدد المشاركين وما يلزم الفعالية من أمور لوجستية وتوزيع المهام على المنظمين ، ومن ثم تبدأ الاتصالات من المركز للأطراف وتوزيع المهام عليهم ، وبعدها الاطراف تجري اتصالاتها مع الأفراد والعناصر النشطة في المواقع المختلفة والذين بدورهم يبدأون بالحشد والتحشيد بهدف إنجاح الفعالية ، حتى الآن الأمر منظم وقد لا يختلف عليه أحد بل بالعكس هكذا يجب أن يكون التحضير لأي عمل وفقا لخطة وأسلوب عمل منظم ، لكن ما يزعج ويؤرق في الموضوع هو لماذا لا يكون هناك مطبوعات ويافطات دائمة تصلح لكافة المناسبات وتصبح عهدة عند من يستخدمها وعليه المحفاظة عليها ليتمكن من استخدامها مرات أخرى؟  لماذا لا يعمل المنظمون على رفع مستوى الوعي عند المشاركين بأهمية الحفاظ على نظافة مكان النشاط وعدم إتلاف أي من الممتلكات العامة (حاويات النفايات مثال ) ؟ لماذا أصبحت العديد من الأنشطة كفرض الصلاة في يوم ومكان محدد دون جدوى تذكر ؟ لماذا لا يوجد مراجعة ومحاسبة للذات عند فشل النشاط من حيث ضعف المنظم وعدم قدرته وتأثيره على حشد الشارع واقتصار النشاط على أشخاص معينين فقط قد تكون مشاركتهم بحكم الوظيفة ومكان العمل ؟

 قد تكون إجابة هذه التساؤلات ما نبحث عنه في عنوان المقال  " الفساد المبرر " ، قد لا اكون مقنعا فيما توصلت إليه من نتيجة ويبقى الأمر مفتوحا للنقاش والدراسة وكما قال المثل " مصائب قوم عند قوم فوائد  "