أدب الحدث
القصيدة الأولى: لا شتات يوقظ الذاكرة
في سرّة الهواءِ
لا أحد يهبط وحده
يظلّ عالياً كـقشّة في الفضاء
ثم ينفخُه الصدى كـرغوةٍ,
ألم خفيف في الركبةِ
عطش مستبد يعصرُ انفاس العالمِ
و وجع من هذيان النومِ
حين يوقظني صوتُ حارسُ الليل
أخاف أنْ لا أخرج من برزخي
وأخاف أن يسقطني التعب من فوق عرق نخلةٍ
سأخون ذهني,
من أجل وردة تنام قرب القصيدةِ
من أجل ليلةٍ وحيدة يراق دمها على وسائد الليل
وأتملّقُ ما لا أريد أن أرمقه
و هو يسرق نصف ذاكرتي,
كأنّي أنا هنا,
كأنّي لمْ يفتقدني أحدٌ يعبرَ خيالات الوحدةِ و الموت_
ترفُ الوحدةِ في الأعلى
أنانيةُ الغوايةِ تنسلخ منْ ساعات الليل,
لا أستطيع أن أرى ما أريد
لا وردة على سياج الفكرةٍ,
لا بحر يخرج من ضفافه العاليةِ,
أطمح أنْ أركبَ رغوةَ الخيال
وأسقطُ فوقَ حدائق الكلمات,
فوق خراب الأرضِ ينحني الضوء,
وفي لحظة السقوطِ ينتشي ظلّ الموسيقى
ارتبك, اجفل,
ثم أحاول أن أزيّن وصاياي
باللون الذي أريده أنا
ربّما أختار طريقاً كي أصلني
ربّما أنتظر إلى حين اكتمال المساء
سأخسرُ ورقةَ اليوم
وأربحُ شتات الحلم في آخر العمر
أصعد نحو لا شيء
حيث يبدو وخم الصدى عاليا مجرّداً من السراب اللهبيّ
حيث يتكدس الضباب والجفاف
لكني سأعرف كيف اخرج الآن من رتوق الأيام والسنين
ومن شذوذ الذكريات الماضية،
سأخبر ذهني بكلّ شيء...
كلّما وجدتُ نفْسي أعلنتُ الحربَ عليها
ليتني أجنّ,
وأقطع صلتي بالآخرين الذين ليسوا هنا
أترك بقايا ليل محطم على جمرات الطريق،
ثم أهبط من أعلى الشجرة
لأركل رغوة الأسئلة في حرارة الكلام..
كنت كل يوم أخشى
أن أنهار
أن أقضم الباب و الشباك،
. أن أعج بالقلق ْ،
أن أركب ظهر القطار في نصف الشتاء
و أصل إلى حافة القصيدة /
عسى أن نرتقي معا مدارج الهاربين من فوضى لامرئية
أينَ اختفى البَردُ
لمْ أشعرْ إلاّ بالحَرارةِ في رأسِي ,
ولمْ أشعرْ بالتعبِ
حينَ أنتظر دمعًا أزرق,
فالسماء كانتْ في حوارٍ مع صور الموتى
و أنا لمْ أذهبْ إلى بيوت النُّواح
و لمْ أبحْ بأيّ شيءٍ,,,
داخل المكانِ أجدُ خيالا مهجورًا
و نّارًا تعبث بالطينِ في رخوٍ و سيولة
حين ينامُ رجلٌ
يمدّ يدهُ كي يطير
بلا شكلٍ ولا معنى _
إلى أين سأهرب ؟
أو أين سأضع خطواتي البطيئة؟
يوما ما سأذهب إلى أبعد من ظلامٍ على جدارٍ منهارٍ
وأفتح نافذةً زرقاء
خلف رحلة الشتاءِ
كي يطلّ الصباح حرًّا
كـحبق بريّ,
كـحلمٍ يكسر بلوّر الغُربةِ,
أريد أن أخرجَ من جلدي
وأقفزَ فوق دم الكلامِ
رافعًا وجهي لا أخشى صوت الماء,
لم يبقَ في ذهني فجر
أو ضوء يسعى بين ظلٍّ وظلٍّ ,
كلّ شيءٍ أجهله,
يتركني في لهفةٍ قاتلةٍ
فـأمدّ رأسي للريحِ
كي ينفجر كالصراخ حين لم اكنْ,,
امرأةٌ تحملُ قصيدةً على جسدِها,
و تقْرأني في ليل الوحدةِ
قربَ غيمةٍ اسقطْ,
لا يهمّني أن أنتحر فجرًا
النسيانُ أرض بلا حدود,
ربّما أحيا هناك بلا مللٍ أو ضجرٍ_
لا ظلّ هنا,
لا وردة تنسجُ روحها من جديد
من الذي جعلني اسكتْ.
وادخلني في خوف متعالٍ
في الخارج شيء يتصبّب ظلالا،
عرق الهواء ينتفخ
و لا أرى طريقا في رأس اللامكان.
أعترف بأنّني قتلتُ نفسي ذات مرّةٍ ,
لم أضعْ جثتي في تابُوتٍ
و لم أقرأ شيئًا من دعاء و من قصائد
نهبتُ كلّ شيء جميل في ذاكِرتي
لذلك تركتُ طقوسَ الوحدةِ في حُطامٍ رماديّ
وأفسدتُ ما بقيَ منْ كلمةٍ ومن صوت أغنيةٍ تعجبني,.
لم أشعرْ بالندم ,
لم أشعرْ بالعودةِ إلى جسدي
و أنا اُخفي حقيقةَ مُيولي و تَأمّلاتي العبثيّةِ...
لا غواية في ذهنية الذاكرة،
لا ظلام يمشي فوق أسباب الضوء،
كل ما أريد زاوية من الليل حين يندب الهذيان حظه..
الشخص الذي يمسك بظلّي,
لمْ ينسَ عبثي بهِ
و لم ينسَ مكوتي قربَ حطام الكلامِ
كلّما اردتُ انْ اعبرَ شهواتي,
كنت أنا اتنفّسُ تحت الماءِ
وهو يشير اليّ انْ اصعد فوق سطح الشمسِ
ربّما كان يعرفُ سخونة دمي
أو كانَ يعرف كيفَ سينقذني من ضربة ظلٍّ
لم اجدْ خيالا واحدًا يقودني اليهِ
أخذتُ دُخاني وصعدت
لا انتظار قرب الانتظار
لا شجرة تغطي أطراف الشتاء
و يرحل وجه الغموض وحده إلى نفق البرد و الموت
كي يسقط الضباب على الضباب
كلّ مرّةٍ أوقظ فيها شهوة الكلامِ
أهجر بيتي أيّامًا
وأهربُ منْ دفء اللامكانِ
و أعرّي يدي
كي أستطيع أن أمرّرَها على أكاذيب النَهارِ
أستطيع أيضًا أنْ أروّض نفسي من هيجانها
فأنا لا أنام هنا,
لا أصحو إلاّ متأخّرًا ,
لا أشفق على دمع السماءِ,
من يرى جسدي الملطّخ بالشهوةِ
و اندهاشي من لحْظة الخروجٍ نحو جُنون المجْهولِ
يلقي عليّ باقات منْ وردٍ و نرجس
و يطعنُ قلبي بالماءِ الباردِ
ثمّ يدفنني تحت أبواب القيامةِ_
في عالمٍ آخر
أزفّ ذاتي للمذبحةِ
أحدّق في ابتهاج الأرواح خلسةً
في لُعبةٍ يُجرحُ فيها البريء,
لا أخاف منْ الانتظارٍ أمامِ نوافذ زرقاء
يطلّ منها غرباء اللامكان
وأقفُ خلف ظلّ شجرة السرو
في ممرّات الحدائقِ والحقولِ
هناك أستطيع أن أُذبحَ بلا دمٍ
وأُنادى بإسمي
يقفُ أمام إشارة منطفئةٍ
يقلّبُ يدَ الوقتِ
يزجر عبثَ طفلٍ لمْ يكبرْ
و مازالتْ في الذهنِ اشياء
لمْ تخرج منْ ثقوبها خوفًا
من حرائق الماءِ الصاعد إلى أبراج الشمسِ
و ينتهي به المطاف
إلى ظلّ شجرةٍ
كي يكتبَ علامة ضياعٍ ذات ليلٍ شتويّ_
ليس لديّ الشيء ذاته
الذي يقودني إلى الغرقِ في بئر الدم
كي أفتعل فرحًا مؤقّتا,
كي أحزنَ قليلاً,
كي أمضغ صلواتي المؤجّلةِ في نبض اللغةِ,
سأذهب حتمًا إلى آخر الشارعِ
و أصرخ في مهبّ اللاشيءِ
في وجوه المارةِ المسرعين إلى إخفاء عيوبهم المتكّررةِ
و ادوسُ على أثر الاسماءِ والصفات
تأخذني النار الى ضفّة النهرِ
و اتسلّقُ حطام جدارٍ عاريا بلا صوت
حيث يولد الدخان من أسفل مكانٍ هناك,
اسافر و كأنّي لم أسافرْ
يحملني يأسُ الخرافةِ الى اكاذيب الحقيقة
الى ما وراء حدود زرقاء
فيؤججني صخبُ الدمِ,
زهرة تحترق على ارصفة البلاد المهجورة
و خيالٌ يقفز من زجاج اللانهاية
كم من جفاف سيزول,
كم منْ اخضرار المعنى سيبدو واضحا قرب احزان نخلةٍ
و تخرجُ روحي من اعماق البحرِ_
,,, لمْ اصرخْ كَما أريدْ
و الريحُ خَارج الرأسِِ لا تصْرخ
تحاولُ انْ تَجذبني إلى تيه الداخلِ
كي نَصمتَ معًا
ذلك المكان المحاصر
لم يعدْ فيه ألق الجوعِ و العطش,
حتّى أسلخ جلد الكلمات
و البس أناشيد الدراويش في زوايا اللامعرفةِ_
على ظهري يتسلّقُ الماءُ
كي يَرى سماءً لا تبكي
هلْ يراني أحدٌ هنا
كلّما هبطتُ من صوتٍ و منْ جفافٍ نرجسيّ
امزج دمي باللون الازرق
كأنْ اسقط من عرق الجذورِ
ثّم انام على أثر حلمٍ بلا خوف
ماذا لو انتهى الأمر بخسارة فادحة
و تعطلت محركات السماء
سأكون في عداد الموتى
قرب العربات التي تحمل العشب و القشْ ،
هنا روح تنتظر قوافل الصيف
حين لم يبق ماء ولا شجر في أعالي النهار
الشمس تنام على طاولة الفراغ
وانا اصنع من فتات الفكرة
مكانا يمتلئ بي ساعات الوحدة والهدوء.
ليس ثمة من يشاركني هذا الحيرة
الحيرة التي تتقافز ليلا ونهارا
و انا اخون كل أحد لا يجرؤ على قول الحقيقة
حيث يتكدس الظن في رؤوسنا
دون أن نشعر بعدم التوازن في الكلام الحر
القصدية الثانية: من أناشيدي
حين لا أجد الباب في قافية الليل
يهرب الحلم مني
و يذوي نشيد الشتاء تحت حائط الخيبةِ,
يظلّ في ذاكرة الأمس
من يؤجل ختام الخرافة,
من يتحمّل اندلاق النبض في عروق اليأس,
ينبعث من الداخل صوتي
كأنّني سأنفجر بلا حطام مرئيّ
للوعد حفيف فوق رأسي
كأنّي احمل شجرة البحر الغارق في رمل بريّ
اطلّ من خلف المعنى
اطلّ على اناشيد الراحلين الى موتهم
و موتاي في حالة اندهاش,
على تعب الشغفِ امرّغ قصائد الشعراء
وأدنو من جناح الفوضى
كي يعبث خريف العمر بالكلمات و بالايقاع
حاولت ان ابتعد قليلاً,
و اتذكرَ وقوفي أمام مفاصل جرحِ
كما حاولت ان اصرخ عاليا
و ان ادفن خفاياي خلف ابواب الريح
لم استطع ان اخون نفسي
و ان اخون احداً,
فالقصيدة دائما تأتي على عجل مني
قد اسقطُ من حلمٍ إلى حلم آخر __
جئت الى هنا
كي أصغي للريح مرّةً اخرى
لعلّني اعثرُ عن معنى شفيف للوحدة في هذا المكان المرصود
حطام برقٍ,
عشبٌ يطير إلى حدود الجفاف,
يأس ازرق يمدّ ساقه,
و نافذة البيت تغلق ذاتها في هدوء النهار
أجلس أنا في ردهة الوصول
لا اريد من الوقت سوى ترنّح النبض في عروقي
انتظر قصيدة الليل و امرأة تجمع ورد التيه
كنت هنا, ولم آتِ
سقطت عبارة على حرير اليأسِ
و اخفيتُ ألق الحزن في وجه وردةٍ
كـجرس الموت اسمعني
ذليلاُ اعرف كيف امشي على رموز القصائدٍ,
كـشغف الهرج في أعالي الكلمات
اتموّج قرب ولادة اللاشيءِ
و اسجّي موتاي في خريف الأناشيد و اللغات
... مللتُ من تكْرار صخَب نفسي,
و من الغرق في وجع الليل
سيفقدني برد الشتاء,
سيفقدني صوت الريح المالح في فم الوجود,
سيفقدني الطريق و الظلام و الجنون.
سأرضى بـرحلةٍ تحملني خارج الأنا __
لم انضج بعد,
منذ وصول الليل الى حدّ الشهوة
و أنا أرغب في السقوط
لقد تعبت من الوقوف أمام بلوّر الدهشةِ
اريد ان أرخي خيوط الماء
أريد ان اقطفَ أرواح النايات صباحاً,
و انتظرني عندما يندلقُ الدمُ من نصوص آخر الفصول
كلّما اكتملتُ خسِرتُ نقْصاني المُوبوء
و جففّتُ من خَيال الشِعر,,
خوفا من الماضي
اجرّ جثّتي الى حيث يقطر الدم من أشجار المكان
لا أنا نسيتُ اسمي
و لا أنا خجلتُ من بياض وجهي الاصفر
لم اكنْ أحتمل نفسي,
و لم اكنْ اعرف ما هو مرض اللغة في فمي,
نفضت اعذب الأشياء في صغري
وأنا الآن كـجاهلٍ يكتمُ أسرار الكون..
من أنا الى حدّ هذا الوجع المفزع؟
من أنا لأرتقِ إلى سرّة الأعلى؟
استطيع بعد الان ان امشي
و ان اقفز الى ما وراء حدود الفكرة
كنت كأنّني في السجن
لا اتحرّك نحو اليمين و او الشمال
فالمكان ضيق بما فيه الكفاية
هناك شيء واحد يمكنه أن يجعلني خارج الصوت و الحرف و الإيقاع
أنّه السفر الأزرق الى خراب آخر,
لم اكن اعرف انّني لم اجع منذ عام
و أنا هنا انتظر قطار الموت مع منْ يشبهني
و انتظر الليل كي اضجّ بي__
القصيدة الثالثة: رحلة الى جنوب الأرض
في الداخل اثاث مستعمل
و صورة لي عندما كنت حيًّا في زمنٍ تغتاله الحيرة
ابدّد ماء الليل في ابريق مهشّم
و أمسك برأسي كي لا ينفجر في لحظة ما,.
لا أنام,
لا اكتب الاّ القليل,
لا احتاج شيئاً
مثل مزهريةٍ أو صوت يخرج من أسفل الأرض
أشعل هوسي كالبرق
و اسكبُ الدم على وجهي_
في غياب الدهشة
اركلُ اوهام العالم كـكرة من قشٍّ
و أحدّق في جسد امرأة تحلم بالموت الممتليء بالسراب
شيء ما يربك الكلمات و الاناشيد,
شيء ما يحلم قربي
لكنّني لا اشعر بـلدغة الوردة الحمراء.
بعدي سيختفي النهار فجأة,
و يمرّ الفيضانُ الى ما لا نهاية
دون ان يحطّم حدائق الكون
ثمة منْ يكتفي بالوصول خلف وجع الايّام,
ثمة من يخاف من شهوة أبديّة,.
سأنسى اسمائي
وأغلق أبواب الحلم في شوارع بنفسجيّة
كارتعاش الروح قبل الماء,
يصلني برد الموت,
يصلني شيء ما يسقط على أصابعي
و اتذكر كلام الظلّ للظلّ
حيث اجدُ دما ساخنا على جسدي
كأنْ أشعر بالعطش الابديّ ساعة الانتظار
لا كلام يعرّى حقيقة الداخل’
لا شيء يزيلُ هوامش الحدس المنحوس’
اظلّ ارقبُ نبضي
في فراغٍ يؤجّج دلعَ الكآبةِ
علّني اتنفّسُ غبارَ الغياب اللامْرئي_
,,, و ركضتُ نحو جنوب الباب
كـمذبوحٍ يترنّحُ بينَ الضفّة و الضفّة,
اعرف هذا الواقع كما هو
لكنّي اريد ان اخرج من ثياب العزلة
و اريد انْ أرى ثقوباً للريح
كي انصتَ لآخر أنين جريحٍ في حربٍ خاسرة’’
احاول ان أجدني
في قارورة ماء أسود
في يدي ليل يرى من بعيد بلا عيون
هل مشيت الف ميل ؟
كي تصلني،
كي تضجرني،
و على ركبتي يجلس قلق النهار
منتظرا نبض الساعة إلى حد القيامة..
لا اريد ان افقد اعصابي
أمام فشل الوقت في اختصار النهايةِ
أو انْ ارمّم ما بي
من حطام داخلي لا يرضى بالمأساة كاملةً.,
لا اريد ان افرّ من واقعٍ
ينبهني الى لحظةٍ تكشفً ظهر الكلمةِ
فـأرمقُ من اسفلي المفضوحِ جرح الصراخ
الذي ينحدرُ من عروقي,
لا اعرف لونَ الكآبةِ
حين يستفزني ملحها المجروح
أو حين يصعدُ دمُ الخيال الى رأسي
لا اعرف كيف انتهي مراراً
و اتركُ أثر القصيدة في سلّة المهملات
ليتني أنهي احتمالي و فشلي،
و ادخل مرحلة اللاعودة
ثم اقتبس من شوارد الضوء غيمة صغيرة
قد اغرق في اللاشيء
و في غفلةٍ من الصدى مسّني الماء
كأنْ اولد من جديد
لا جهات للريح قرب ملامح الخروج
فالحصانُ يقفُ على حافة اليلاد
و دماء الدراويشُ ليس لها طعم الليل,
لا انقباض للشعريّة الشيءِ
و دلعُ الحزنِ يخاتلُ وجه الشاعر الميّت في احضان الظهيرة
كل شيءٍ هنا بلا تفسير
يدلّني على تشويهٍ في ركام المعنى
و خرابٌ روحيّ ينثر في الفراغ
خرابًا يلّون الصدى المتكبّر
حيث أكرهُ غموضي
و اكرهُ الاسبابَ التي جعلتني اعشقُ تجلّيات الشعرِ
في ردهات الضياع القاتلٍ
أشعر و كأن في الكون أرجوحة من ريح
و انا اقلم اشيائي على عجل
دون أن أشعل في رأسي سنابل الحديد
بلا أبواب افتح وجهات الفوضى
و اختصر لغات العالم
في دقيقة واحدة تتلفت خلف بركان الهروب ،
اهجس بالخرافة
و امتدح أطفال الظل
كي انسى عدما لافتا ينذر بالعقم الوقتي...
ليكن اليوم في يدي
و الغد سيأتي محتفلاً بالخوفِ
و بالوجه الذي رأيته
يختفي في بلوّر المساء
هناك زهر في ذاكرةٍ ملآى بالثقوب و بالرملِ
لا فرق بين قلبي و الوردةِ,
لا فرق بين لغتي و موت الشاعرِ,
حين ينوحُ الفراغُ يستبدّ بي الجوع و الشرود
و يبقى في جغرافيا المكان
وطنٌ يحنّ اليه العابرون الى شتاء الشهوات
اعرف الموتَ جيّداً,
اعرف صوت السواد فوقَ شجرة الدنيا,
اعرف رغبتي في السفرِ الى آخرِ صحْراء,
لكنّي أخاف انْ اتألمَ كثيراً
حين امسكُ بـغروة الوجوهِ والإيماءات الكاذبةِ
اعرف منْ يأتي من طريق الليل
الى فصول الهذيانِ حيثُ يسكنُ أنين الضوءِ بلا معنى
تعبٌ في هدوء السرير,
لا شمعة تضيء زوايا الجرح
لا اكتئاب يصنع وشمًا على أهداب القصيدة التي لم تنضج,.
سوف يحترق الماء
و الرؤيةُ ستحجبُ اضمحلال الصورة داخل اللامعنى
يغرسُ البرق خوفه,
يحلقُ طائر الاسى بجناح واحد.
ربّما لا احلم
و لا أنام على طيش العزلةِ
, كان العمر يمضي
كـخيالٍ يذرذر فاكهة اليأسِ على رؤوس الشجر
و لم اكن اعبث بالوقتِ كلما تلونّتْ سمائي
فيما أنا ازرع ظلاًّ
في ظلامٍ يصرخ حرقةً على قصائد مجهولة
و عمري لم ينته بعد
أخاف أن أفرحَ داخلَ الجدران
أخاف انْ يقفز من رأسي قمرالدهشةِ
فأتلوّث بالشعر
ما اضعف أجنحتي,
و ما اقلّ حاجتي للشرود وراء حدود النصوصِ
التي لمْ انتبه اليها في اسئلة النعاسِ,
أنا مسيّجٌ بالصدى و بالماء,
أنا مطفأ رغم حرائق اللغةِ,
غدا سأسقط على حقلٍ لا سنابل فيه
غدا سأقتل غزالاً بدم ساخنٍ
كي اعرف اسرار الخوف في قلبي
و أبوح للكلام بكلّ بهتةٍ حمراء
تنتابني كلما عبرتُ نوافذ الحبّ و الخيانةِ..
كلما صحوت من شهوتي,
انهار العالم
أريد ان اسقط كـقشّةٍ بلا أجنحة
ما أثقلني اطير بجناح واحد،
احلم بالضوء
احلم بالنبص في هيولى البرق
ثم أولد في أول نهار من شهر أيلول
دائم القلق ,
يستفزني ضجر الكلمة,
كأنّي ادفع بروحي نحو هاوية خاسرة في أقاصي الضوء
هكذا أرى جهلي بي
الى آخر الظلِّ يستوقفني النبض
فأعود الى هذيان البحرِ
حاملاَ خطواتي على كفيّ
و يستعجلني برد النهارِ كي يذبحَ ارتباك الكلام
كيف أنا الآن؟
كيف لا أصرخ من تيه الجنوبِ
و من حيرة الناي ساعة القصيدة؟
كيف صرت أطرقَ بابي
و أنا الداخل و الخارج من أعماق اللاشيء؟
كيف اتركُ شمساً لوحدِها تنتظرُ ايقاعات الصمتِ
وأتأمّلُ نملةً
تعبرَ فصولِ الكونِ في لحظة الخلقِ,
لطفي العبيدي شاعر من تونس
صدر له عن دار الدراويش ديوان بعنوان _ أمشي كضوء أعمى