الأحد  22 كانون الأول 2024

تعاونية أرض كنعان نموذجا للهمم/ بقلم: رائد الحلبي

أن تصنع الفرص خيرٌ ألف مرة من انتظارها

2021-02-21 08:58:42 AM
تعاونية أرض كنعان نموذجا للهمم/ بقلم: رائد الحلبي
رائد حلبي

هم شبان جمعهم حلم فتوحدوا به، جمعتهم فكرة فأطلقوها ولم يسمحوا لأفكارهم أن تكون مهب كلام فقط، بل استعدوا خير استعداد للتعب، شمروا عن أذرعهم، عانقوا غبار الأرض وبدأوا من لا شيء ليصنعوا كل شيء، لم ينتظروا دعما من أحد بل ساندوا بعضهم البعض، كانوا إن تعب أحدهم يسندوه بأنفسهم، واجهتهم صعوبة هنا وعراقيل هناك، وفي كل مرة كانوا يواجهون التحدي بشحذ الهمم والصبر والمثابرة، ربما عارضهم البعض بوجهة نظرهم، وآخرون ربما حاولوا التخفيف من قيمة فكرتهم، وآخرون حاولوا إحباطهم، بالمقابل كان هناك من يشجعهم ويشد على أيديهم بأن "أنتم تستطيعون"، فبدأوا ونجحوا وسيستمروا تحت شعار نكون أو لا نكون وحتما سنكون، فأصبحت مزرعة أرض كنعان للدواجن قائمة منتجة ثابتة راسخة.

اختيارهم للاسم ليس محض صدفة وليس له علاقة بأي نية تجارية أو تسويقية، بل جاء من صلب ارتباطهم بأرض كنعان، فلسطين ومدنها وتاريخها وناسها وأهلها ومعاناتهم وتضحياتهم، لكل واحد رواية معاناة وتحمل وتضحيات بسبب عشقهم لأرض كنعان وتمسكهم بها، فقبل أن يذهبوا لاستثمار موارد الأرض بهدف إعادة الاعتبار للعلاقة ما بين الفلسطيني وأرضه، قاموا بتقديم سنوات عمرهم في سبيل أرض كنعان صبروا وتحملوا عانوا وتألموا، هم ليسوا أصحاب رؤوس أموال وليس بنيتهم أن يكونوا هكذا بل هم أصحاب فكرة اقتصادية وطنية مجتمعية تجارية وطنية بامتياز.

مزرعة أرض كنعان من الأرض وللأرض ولأهلها، ربحها يتمحور حول صدق رسالة المشروع فلا غش ولا كيماويات ولا ترويج زائف ولا استغلال للمستهلك، هكذا يكون المشروع الوطني الخالص، استشمار للأرض وشفافية مع المستهلك، حين يقولون نستقبل الجمهور متى أرادوا هذا يعني أنهم لا يخفون شيئا عن الجمهور، بل يحفزون الشباب على القيام بمشاريع من شأنها أن تخدم الوطن والمجتمع ككل، ولا يرون بمن يمكن أن يملك نفس الفكرة منافس وإنما يرونه شريكا، فأرضنا كبيرة وتحتاج كل السواعد.

 تعيدنا صورة الدجاج في المزرعة إلى طفولتنا حين كنا نرى فعلا الدجاج على الأرض يرعى من الأرض نرى ما يأكل بل ونفرح حين نراه، كنا حتى نطارده ونلعب معه، هذه الصورة التي غيبها المصنع عن عيون أطفالنا ها هي مزرعة صغيرة بجهود كبيرة وجبارة تعيد للكبار طفولتهم مع الطبيعة ولأطفالنا الفرصة لكي يصيغوا علاقة مع الطبيعة، هي إعادة صياغة للعلاقة ما بين الإنسان وموارده، هي إعادة الاعتبار لأهمية الطبيعة في حياتنا ولأهمية الأرض، فهو ليس فقط مشروعا تجاريا إنما هو خطوة على طريق التنمية، لعلي سمعت كثيرا عن محاضرات التنمية الاقتصادية، لكن الآن لا أسمع بل أرى سواعدهم تنمي اقتصادا وتهتم به وتبني بلدها بالعرق وليس بالتمويل الخارجي.

دعم المزرعة ليس دعما فقط للشبان الثلاثة الذين يملكون من الثقافة مستويات عالية إلا أنهم لم يهجروا قراهم ولا لغتهم، لم تغيرهم الجامعات بل وثقت ثقتهم بأنفسهم وأرضهم وطاقاتهم، لم تجعلهم المكاتب الوظيفية كسالى بل صنعوا فرصة ولم ينتظروا الفرص، بقي حنينهم الى غبار الأرض ماثلا أمامهم، فعادوا لغبار الأرض وعبق ترابها وعمروا بها، هكذا نعمر أرضنا وهكذا نعمر مستقبلنا، وهكذا نخرج من مستنقع الاستهلاكية الى قمم الإنتاجية، أثبت الشبان الثلاثة أن الفكرة لا تحتاج الى مراجع فلسفية لتنفيذها، بل الى صدق انتماء للفكرة، وصبر وتعب، فلا شيء ياتي بسرعة وإلا غاب بسرعة، دون مبالغة إن مشروعهم متجذر تجذر قناعتهم بعشق الأرض.

ليكن مشروع مزرعة ارض كنعان نموذجا للهمم الشبابية، دعمه معنويا ضرورة لنشر النموذج، زيارته محفز لتجذير النموذج، التوجه للشبان الثلاثة عرفات البرغوثي إبن قرية دير غسانة، وأوس التميمي إبن قرية النبي صالح وفراس البرغوثي إبن قرية بيت ريما، زيارتهم وسؤالهم عن تجربتهم ستكون خطوة مثمرة لمن يملك أفكارا وهم كرماء بالمعلومات ككرمهم بالعطاء.