الإثنين  23 كانون الأول 2024

وفاة الفيلسوف الفرنسي جان- لوك نانسي

2021-08-24 03:14:50 PM
وفاة الفيلسوف الفرنسي جان- لوك نانسي
الفيلسوف الفرنسي جان لوك نانسي

الحدث الثقافي- أحمد أبو ليلى

توفي صباح اليوم الفيلسوف الفرنسي جان لوك نانسي Jean-Luc Nancy عن 81 عاماً. ولد نانسي في 26 يوليو / تموز عام 1940 في بوردو في فرنسا.

تأثر نانسي بفلاسفة مثل جاك دريدا وجورج باتاي ومارتن هايدجر. أحد الموضوعات الرئيسية في عمله هو مسألة وجودنا معًا في المجتمع المعاصر. تعامل نانسي مع سؤال كيف لا يزال بإمكاننا التحدث عن "نحن" أو عن التعددية، دون تحويل هذه "نحن" إلى هوية جوهرية وحصرية. ما هي الشروط للحديث عن "نحن" اليوم؟

بدأت اهتماماته الفلسفية الأولى  في الظهور خلال شبابه. وبعد وقت قصير على تخرجه من قسم الفلسفة عام 1962 في باريس، بدأ نانسي في كتابة نصوص فلسفية صريحة. نشر كتابًا عن مفكرين مهمين مثل كارل ماركس وإيمانويل كانط وفريدريك نيتشه وأندريه بريتون.

أصبح نانسي في عام 1968 مساعدًا في معهد الفلسفة في ستراسبورغ يعيش ويعمل هناك. في عام 1973، حصل على الدكتوراه تحت إشراف بول ريكور، من خلال أطروحة عن كانط. بعد فترة وجيزة ، أصبح "محاضرًا في جامعة العلوم الإنسانية في ستراسبورغ. في عام 1987، حصل نانسي على دكتوراة الدولة في تولوز، حيث تناولت أطروحته موضوع الحرية في أعمال كانط وشيلينج وهايدجر، وتم نشرها تحت عنوان تجربة الحرية (تُرجمت إلى تجربة الحرية) في عام 1988. وكان مشرفه جيرار غرانيل وأعضاء لجنة التحكيم من بينهم جاك دريدا و جان فرانسوا ليوتار.

أصيب بمرض خطير في نهاية الثمانينيات. أُجبر على الخضوع لعملية زرع قلب (والتي تحدث عنها دريدا في كتابه  عن نانسي) كما وصارع فترة طويلة مع السرطان. هذه الأمراض ميزت حياته المهنية بشكل أساسي. وبدافع الضرورة القصوى، وضع حدًا لجميع دوراته في بداية التسعينيات واستقال من عضوية في جميع اللجان التي شارك فيها تقريبًا. لكن من المدهش أن نانسي لم يتوقف أبدًا عن الكتابة والنشر خلال فترة مرضه. فقد نشر الكثير من أعماله الرئيسية، ومعظمها يتعلق بالمواضيع الاجتماعية والسياسية الفلسفية في التسعينيات، بل إنه كتب نصًا عن مرضه، تم نشره ككتاب في عام 2000 بعنوان L’intruder- الدخيل.

وفيما يلي جزء مترجم من من كتاب جان لوك نانسي: تجربة الحرية، وهي الفقرة السادسة من الفصل المعنون: الفلسفة بما هي منطق الحرية

(....) هل يجوز لنا اعتبار أن الفلسفة قد أذنبت، حين، حدّتْ التفكير في الحريّة، ضمن ما يسمّى" إمبراطوريّة الضّرورة"، أو حين استقبلت الحريّة كأمْر مُسْتشْكل ؟. الواضح عندنا، أن الحرية لا تكون استفهاما مُسْتشْكلا، أبدا، بسبب ما يخصّها من انعطاء وفاعلية، وما فيها من استنهاض للفكر، من حيث هي لا تكون إلا فكرا يخاطب الفكر من داخله. ولكن هيدغير أثبت، في أكثر من موضع من كتاباته، أن للفلسفة تأثير على للفكر، وبالمثل تبعيّة الفكر للفلسفة، وهو ما يجعل السؤال ممكنا، هنا، هل نحتاج فلسفة في الحريّة أم فلسفة حريّة؟. وذات الأمر ما يكون بالفعل ، فقد وُجِدت الحرية داخل الفلسفة في كليّتها، وتجسّدت عبر مسارها ألتفكري. بل يمكننا الجزم، بكل ثقة، الإقرار الموالي" لقد ولدت الحرية في رحم الفلسفة"، ولكن السوءة هي في بقاء هذه الوليدة، أي الحرية سجينة والدتها، محتجزة ضمن مقولاتها وتحت إمرة أفكارها، وفي عبودية لمثالية الفلسفة تلك، بمعنى " انثناء فكرة الحريّة نفسها على مثاليّة الفلسفة ذاتها"، والأدهى، أن الفلسفة، كانت دوما، لا تنْفكّ تبحث عن طرق مجاوزة ذاتها وإمكانات تحقّقها، وفي كل مرة كانت تنفي الحرية أو تطردها من مجالات الاهتمام: كلما حدث تركيز النظر حول الفلسفة رافقه، حتما، صرف نظر عن الحرية. وهذا أمر يستمر إلى اليوم، حيث ندرك بكل وضوح، كمّ المعوّقات والمشاق التي تحفّ بكل محاولة لاختراق التقليد الفلسفي، بقصد تأسيس خطاب حول الحرية.. ومهما يكن، علينا أن نخلص إلى نتيجة أوليّة، مفادها، أن لا قيمة ولا جدارة فعلية للفلسفة، ما لم تكن نشاطا تفكريّا حول الحرية، وأن تتوقف نهائيّا عن ممارسة سوء الفهم لفكرة الحرية. وأن تقرّ الفلسفة، في مقابل ذلك، أن الحرية هي مصدر منح القيمة ذاتها، وذلك لسبب بسيط وهو أنها " خير"نرغب فيه جميعنا، وهو حقّ لنا بالطبيعة وبالمدنيّة، فالحرية هي التي تتجدد وفقها الإنية والهوية للإنسان الغربي، وحتى مسار التأسيس الفلسفي، فقد ارتبط بها ، ففي المحصّلة، الحرية هي مَهَمّة مُهِمّة.