الحدث- أحمد أبو ليلى
صدر مؤخراً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب "مفهمة فلسطين الحديثة: نماذج من المعرفة التحررية"، بإشراف وتحرير عبد الرحيم الشيخ، وبمساهمة من: فيروز سالم، قسم الحاج، خلود ناصر، علي موسى، أشرف بدر، أسماء الشرباتي، عبد الجواد عمر.
وبحسب ما أشار الشيخ في مقدمة الكتاب، فإن مقولة الكتاب تتمحور حول إنتاج معرفة من داخل فلسطين التاريخية، من "بطن الوحش" كمساهمة في القول على معاني فلسطين: هوية وقضية.
والكتاب عبارة عن جهد جماعي موزع على سبعة فصول لباحثين من طلبة برنامج الدكتوراة في العلوم الاجتماعية في جامعة بيرزيت، ضمن مساق أكاديمي متعدد التخصصات، بعنوان: "مفهمة فلسطين الحديثة" خلال عامي 2019-2020.
وبحسب ما يشير الشيخ في المقدمة فإن المشروع "قد حظي، لندرته، باهتمام خاص من جامعة بيرزيت ومؤسسة الدراسات الفلسطينية اللتين تربطهما شراكة لافتة في الرسالة المعرفية والوطنية. ولذا، فإن هذا الكتاب، الذي تتعهده مؤسستان فلسطينيتان رائدتان، يشكل علامة فارقة في تقديم مداخلة نقدية بشأن تعريف ما تعنيه "الدراسات الفلسطينية" اليوم قادمة من المركز الجغرافي لفلسطين التاريخية."
تتناول الأبحاث السبعة في الكتاب عناصر متعددة من الهوية الوطنية الفلسطينية الكبرى: أرضا، وناساً، وحكاية. فمن الأرض تبدأ فيروز سالم محور دراساتها المعنونة: "من أروقة المحاكم الاستعمارية إلى الأرض: صراع اليومي على الزمان والمكان في الأغوار الفلسطينية" لتناقش عنف الحداثة، بصورتيه المؤسسة والحافظ، ساعية لتحليل آليات الإكراه واللاامتثال بين المستعمِر والمستعمَر في منطقة الأغوار التي تتصدى لعمليات التهويد والتهجير المستمرة.
حول "الناس"، تُعالج خلود ناصر في بحثها "سؤال الديموغرافيا: بين التوجهات الفلسطينية والإسرائيلية الراهنة" المفارقة التاريخية القائمة على ثبات العناد الأيديولوجي الصهيوني فيما يتعلق بالديموغرافيا، قبالة تحول منقطع النظير، كذلك، في التساهل الأيديولوجي الذي وسم التوجهات الديموغرافية الفلسطينية.
وفي رصد لـ "الناس" على "الأرض"، يرصد الأسير المحرر أشرف عثمان بدر، موضوع "الاشمئزاز كآلية استعمارية: الاستعمار الاستيطاني الصهيوني نموذجاً"، ساعيا لتفكيك البنية النفسية لـ "ضحوية" المستعمر الصهيوني كما تنعكس في اشمئزازه من ضحيته متمثلة في المستعمَر الفلسطيني الأصلاني.
أما قسم الحاج، فتذهب إلى مزيد من التجريد لعنصري "الأرض" و"الناس" عبر دراستها لـ "حظر التجول والإغلاقات العسكرية: اعتقال الزمكان الفلسطيني وتحريره". وتدرس "حالة الاستثناء" ومحاولة تأبيدها في السياق الفلسطيني بأثر رجعي منطلقة من قانون الطوارئ الانتدابي الذي فرضه الاستعمار البريطاني منذ عام 1945.
ومن "الأرض" و"الناس"، يذهب ثلاثة آخرون من الباحثين إلى "الحكاية"، أهم عناصر السردية الوطنية الفلسطينية، في تمثلاتها الاجتماعية، والثقافية، والتربوية.
فيكتب علي موسى عن "أبعاد الهوية الفلسطينية في سير ذاتية ومذكرات نابلس "1948-1967". كما يبحث موسى في التاريخ الاجتماعي لمدينة نابلس مع تركيز خاص على ما يعرف بـ "الحقبة الأردنية" 1948-1967. متوسلا منهجاً غير معلن، أقرب ما يكون إلى تحليل الخطاب النقدي، ويقرأ في النتاج الثقافي- الاجتماعي الفلسطينية في حقبة إشكالية بلغ فيها "التيه الفلسطيني" أوجه على مستوى التمثيل السياسي بعد نكبة 1948.
أما أسماء الشرباتي، يتناول بحثها "صور الفاعلية، الكتب المدرسية الفلسطينية" تحليل نصوص الكتب المدرسية التي أنتجها مركز المناهج الفلسطينية وتذهب إليى حيثية لم تحظ بكثير من الاهتمام قبلها، وهي الصورة المرافقة للنص، أو ما وسمته بـ "النص متعدد الوسائط."
ويختار عبد الجواد عمر، في بحثه بعنوان "ما-بعد فلسطين: الخطاب الثقافي الفلسطيني وتراجيديا الهزيمة" ليقرر أن حالة "ما –بعد فلسطين" شكلها حدان كبيران: الخطاب الثقافي الفلسطيني، وليس بالضرورة "الثقافة" وتراجيديا الهزيمة، وليست بالضرورة الهزيمة عينها.