الحدث الثقافي- إصدارات
صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" ترجمة هشام نفاع لرواية الثالث للكاتب يشاي سريد.
وتدور أحداث الرواية حول قيام الهيكل الثالث وخرابه بفعل قنابل نووية دمرت مدن الساحل في الداخل المحتل وعلى رأسها "تل أبيب" ويجري ذلك في زمن متخيل، إذ يقف على رأس الهيكل فلكي مرتد عن الدين يعيده التجلي الإلهي في النقب إلى دين آبائه وينجح في توحيد من تبقوا من الشعب حوله في منطقة الجبل، ليقوم الإسرائيليون لاحقا بطرد من بقي من الفلسطينيين وتأسيس مملكة جديدة برئاسته ويبنون الهيكل الثالث ويعيدون ممارسة العبادة فيه، لكن بعد مرور نحو خمسة وعشرين عاما تتورط "مملكة إسرائيل الجديدة" في حرب أخرى مع جيرانها العرب ينتج عنها خراب الهيكل الثالث.
وتنتمي الرواية إلى أدب الديستوبيا أو ما يسمى بأدب النهايات، ومن خلالها يسلط الكاتب الضوء على المخاوف من مصير "إسرائيل" نحو تهويد الوعي والحياة، ويستشعر البنى التحتية الجديدة المؤسسة لما يطلق عليه تعبير "الهيكل الثالث"، وهو يقوم بشحن كافة مناحي الحياة في هذا الهيكل الثالث بالتصورات والعبارات الدينية كافة، بدءًا من العهد القديم فالمشناه والتلمود وكتاب التسابيح والصلوات، وبالهوس العرقي، من أجل تأكيد طبيعة هذه البنى الجديدة وقدرتها على التدمير، من جهة، ومن أجل تأكيد طاقاتها العظيمة المستفيدة من التكنولوجيا المتقدمة بغية "استعادة الوعي اليهودي"، من جهة أخرى.
وجاء في تعليق الخبير بالشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت الذي راجع الرواية وقدم لها: "إجمالا، بمقدورنا أن نستنتج أنه مع انتهاء العقد الأول من الألفية الثالثة تحول نمط الأدب الديستوبي إلى ما يشبه الظاهرة في الكتابة الأدبية الإسرائيلية، ولا شك في أن لديه تعبيره الاجتماعي والثقافي، وله شهادته المخصوصة على المجتمع، كما يمكن الإشارة أيضا إلى أن علاقة نصوص كتاب هذا الأدب بواقعهم هي علاقة متعدية".
ويضيف: "لا شك كذلك في أنه من وراء تصوير الكابوس القادم، برسم ما هو قائم هنا والآن، يهدف هؤلاء الكتاب إلى حفز أي معارضة متاحة ممكنة ضد تلك الديستوبيا، موضحا أن هاجسهم يتمثل، أكثر من أي شيء آخر، في محاولة استشراف كل ما يتضاد مع أي مسعى يتطلع إلى تشييد مستقبل واعد مغاير لحاضر استحال إلى شديد السواد تحت وطأة ماضٍ قاتم لا ينقضي".