الأحد  22 كانون الأول 2024

يا معلّم العربيّة| بقلم: سليم العابد

2022-02-20 09:17:13 AM
يا معلّم العربيّة| بقلم: سليم العابد
سليم العابد

النّجاحُ في مختلف المعاجم العربية قديمها وحديثها هو الظّفر، والفوز، والتوفيق، وبلوغ الغاية، ولكنّه أيضًا تهيُّؤُ الأمر إلى التمام، والسعي إليه. 

وكلّ نجاح صغير يؤدي إلى نجاحات أكبر، فاحتفل بنجاحاتك الصغيرة ونجاحات طلابك يوميّا؛ لأنّكم تستحقّون ذلك.

يا معلّمي، اكتب نَصَّكَ الأوَّلَ، ولا تتوانى عن فعلِه، فالكتب أكثرُ خلودًا من الإنسان. 

وَكُنْ كالنَّهرِ جاريًا متجددًا لا يشدّك المكان. وارفع رأسك فأنت حرّ.

أيّها العزيز، خذ بنصيحة الحبيب، واتقن عملك؛ ليحبَك الله وجميع من حولك، فالتفاصيل الصغيرة ستميّزك عن الآخرين. 

الفنّ آخر ما يتبقى لنا، فلا تحرم نفسك منه. ارفع البصر في غرناطة نزار ودمشقه، وفكّر بغيرك مع درويش، واحلم بأجراس العودة مع فيروز، واستمتع بسيرة فان جوخ ورسومه، بموسيقى بحيرة البجع، بأغاني الستّ، برقصة زوربا أو بترانيم تحبّها، فآخر ما طلبه دانتي حين التقى بصديقه المغني كاسيلا في رحلتهما نحو الجنان التسع أن يغني له عن ذكرياتهما القديمة.

أثمن ما في الكون هو الوقت، فلا تصرفه مع من يشدّك إلى الخلف. 

نجاحك يتحقق بشعورك بالرضا، اصنع توازنك، وتابع طموحك، فالأفراد يصنعون المستقبل حين يؤمنون بأنّ الأشياء يمكن أن تتغيّر.

ادّخر ما استطعت، فالمال يفور ويغور، فَخُذْ من فورك لغورك.

سُئِلَ آينشتاين عن كيفية تعزيز الذكاء لدى الطلاب فكانت الإجابة: "اقرأوا لهم حكايات خيالية أكثر". وقد أقامت الصين سنة ٢٠٠٧ مؤتمرا حول كتابة الخيال العلمي بعد دراسة كشفت أن المطوّرين في شركة "آبل" و"مايكروسوفت" و"غوغل" كانوا قراء لكتب الخيال العلمي في الصّغر.

اقرأ لطلابك قصصا أكثر.

الأدب ليس للمترفين فقط، وليس متعة فحسب، الأدب معرفة ولا يمكن أن نبني مجتمعا حرا وحديثا دونه. فَكنْ لبنة في بنائه.

النجاح لا يكون فرديا فاسع أن تعمل مع الآخرين فالنبي موسى عليه السلام سأل ربّه معونة هارون.

الانطباع الأوّل مهم جدا ويتشكل من النظرة الأولى فحافظ على مظهرك واسعَ أن تكون مثالا لطلابك في كل شيء.

حفاظك على صحّتك، وممارستك للرياضة، سيعززان نجاحك العملي، فلا تقلّل من شأنهما.

عاملْ طلابك كقادة في المستقبل، وعاملِ الأولياءَ كما كنت تحبُّ أنْ يعامل معلّمكَ والديك حين كنت طالبا.

لا تشتّت ذهنك في العمل، واجعل لنفسك مجموعة من الأولويات في كل يوم.

يقول ألبرتو منغويل: القراءة كالتنفّس. فيا وريث الأنبياء، تعهّد القراءة كما أُمِرتَ واخلع نعليك، فلا نجاح دون أن تتجرّع معاناة رجب في "شرق المتوسّط"، ولا حُبَّ إلّا بعد أن يحدّثك "خالد بن طوبال" عن "حياة" في "ذاكرة الجسد". واحترق بشرر "عبده خال". هل حاورت "سعيد مهران" يوما؟ وهل كشفت سرّ "بريسكيا" و"مرنوش" و"ميشلينيا"؟ يا صديقي ناد كنفاني واسأله لِمَ لمْ يدقّوا على الصهريج؟

ألم يطرق نافذتك ثلج حنّا مينا؟ فاخرج إذن لتبحث عن وليد مسعود مع جبرا إبراهيم جبرا، ولتصغ لحديث أبي هريرة المسعدي. وصاحبِ اللاّز قليلًا مع الرفيق الطاهر وطّار، وهاجر إلى الشمال مع الطيب صالح. وكن فارسا وامتط خيول إبراهيم نصر الله البيضاء. فالخيول الأصيلة فقط تكمل السّباق.

افتح أبوابك ونوافذك أمام نيكوس كازانزاكيس، وتعلم قواعد العشق من أليف شافاك، وتأمّل كيف يموت الرجال مرتين في برازيل أمادو، وتذوق الحبّ والعزلة مع ماركيز، واكتشف إليزابيث الليندي وتعطّر مع زوسكيند فطلابك يعشقون عطورك الجميلة. ترجّل مع بورخيس وماريو بارغاس يوسا ودوستويفسكي وباولوكويلهو، وغوركي، وستيفان زفايغ، وإليوت، وشكسبير، وهوميوروس، ولا تنس أن تحجّ إلى آلموت مع بارتول، واسأل هيمنغواي لمن تدقُّ الأجراس؟ 

تواضُعك قوّة، وابتسامتك صدقة، فَاسْعِدْ منْ حَولكَ.

كنْ راقيا في لغتك، واحترم الآخرين، فلغة الإنسان تنحدر إلى الحضيض بانحدار ذوقه ومعرفته، فلا تسقط في هذا الجبّ.

قد يستفزّك بعضهم في العمل أو خارجه، فعاملهم بأخلاقك ولا تعاملهم بأخلاقهم، هكذا فهمت قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فُصِّلَتْ 34 – 35.)