الخميس  21 تشرين الثاني 2024

نص إيرما بومبك: أتذكر أبي

2023-04-24 01:04:02 PM
نص إيرما بومبك: أتذكر أبي

تدوين- نصوص

إيرما بومبرك روائية فكاهية أمريكية حققت شعبية واسعة بسبب صحيفتها التي تسمى (العمود). نشرت بومبك خمسة عشر كتابا معظمها حقق نسبة الأكثر مبيعا. كتبت أرما بومبك أكثر من 400 مقالة في صحف متفرقة وذلك في سنة 1965 حتى سنة 1966 وذلك باستخدام حس الفكاهة بكثرة وأحيانا أسلوب البلاغة، وتدون أيرما حياة ربة المنزل العادية التي تسكن الضواحي في الغرب الأوسط في الولايات المتحدة. وفي السبعينيات، كان ثلاثون مليون قارئ يقرأون مقالاتها التي تصدر مرتين أسبوعيا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

نص أتذكر أبي

عندما كنت صغيرة بدا لي أن الأب مثل مصباح الثلاجة، ففي كل بيت مصباح في الثلاجة لكن لا أحد يعرف تماماً ماذا يفعل حين ينغلق باب الثلاجة.

كان أبي يغادر البيت كل صباح وكان يبدو سعيدا "برؤيتنا ثانية" حين يعود مساء". كان يفتح سدادة قارورة المخللات على المائدة حين يعجز الجميع عن فتحها. كان الوحيد في البيت الذي لا يخشى النزول بمفرده إلى القبو. كان يجرح وجهه وهو يحلق ذقنه، لكن أحداً لم يتقدّم ليقبله أو يهتم بما حصل له. حين يمرض أحدنا نحن الأولاد كان هو من يذهب للصيدلية لإحضار الدواء.

كان دائماً مشغولاً، كان يقطع أغصان الورد في الممر لباب المنزل ليومين ویعاني من وخزات الأشواك ونحن نسير للباب الأمامي للمنزل. وهو الذي كان (يُزيت) عجلات مزلاجي كي تجري على نحو أسرع. وحين حصلت على دراجتي الهوائية كان هو الذي يركض إلى جانبي، وقطع ألف كيلومتر على الأقل قبل أن أسيطر عليها وحدي وأتعلم القيادة.

هو الذي كان يوقع بيانات علاماتي المدرسية. وقد أخذ لي صوراً لا تحصى من دون أن يظهر في واحدة منها. وهو الذي كان يشد لأمي حبال الغسيل المرتخية. وكنت أخاف من آباء كل الأولاد، إلا أبي لا أخاف منه.

أعددت له الشاي ذات مرة وكان عبارة عن ماء فيه سكر دون شاي، ومع ذلك جلس في المقعد الصغير وأخبرني أنه كان لذيذاً، وبدا مرتاحاً جداً.

عندما كنت ألهو بلعبة البيت كنت أعطي الدمية الأم مهمات كثيرة، ولم أكن أعرف ماذا أوكل من الأعمال للدمية الأب، لذلك كنت أجعله يقول: إنني ذاهب للعمل الآن، ثم أقذف به تحت السرير!

وذات صباح، عندما كنت في التاسعة من عمري لم ينهض أبي ليذهب الى العمل، ذهب إلى المستشفى ووافته المنية في اليوم التالي.

ذهبت إلى حجرتي وتلمست تحت السرير بحثاً عن الدمية الأب، وحين وجدته نفضت عنه الغبار ووضعته على الفراش.

لم أكن أتصور أن ذهابه سيؤلمني إلى هذا الحد، لكن ذهابه لا يزال يؤلمني جدا حتى الآن وافتقده.