تدوين- إصدارات
صدر حديثا عن مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع في غزة رواية "ايفانوف في إسرائيل"، للروائي كمال صبح.
وتحكي الرواية قصة طفل روسي يسكن في قرية فياتسكو بالقرب من موسكو، تموت والدته فيتزوج من "إيستر" جارته اليهودية، ومع بدايات الحرب العالمية الثانية تبذل ايستر كل جهدها لإقناع والد "ايفانوف" بالهجرة إلى فلسطين، فيهاجروا معا إلى مستوطنة "بيتاح تكفا" المقامة على أراضي قرية ملبس الفلسطينية.
يقضي ايفانوف فترة صباه وشبابه، ويتزوج من راحيل، تجبره راحيل على الانضمام الى منظمة "البلماح" الصهيونية، ويشهد معها كل ما كانت تقوم به العصابات الصهيونية من قتل، سرقة، وتدمير للقرى العربية المجاورة، كما يشهد موجات الهجرة الصهيونية وتواطؤ الانتداب البريطاني معهم، وفي النهاية يهرب ايفانوف من الكيبوتس فيصادف في طريق هروبه فلسطيني هارب من قريته ويسيران معاً حتى يستقرا في حي العجمي في يافا، ويشهد في طريقه كل المجازر التي نفذتها القوات الصهيونية في القرى العربية، إلا أنه يهرب أخيراً بأبنائه عائدا إلى قريته في روسيا، وفي الطريق يروي لأبنائه قصته منذ أن كان طفلاً يبكي أمام جسد أمه المسجى.
ويرى صبح أن هذه الرواية ستشكل علامة فارقة؛ لأنها تتحدث عن تفاصيل الهجرة الصهيونية إلى الأراضي الفلسطينية، وتفاصيل الممارسات الصهيونية في بدايات تشكيل العصابات الصهيونية، "شتيرم" "الأرغون"، و"الهاغناة"، ذلك لأنه وفقا للكاتب، معظم الكتابات حول هذا الموضوع قدمت لنا نتائج للعمليات، ونتائج لتشكل المستوطنات الإسرائيلية وتواطؤ الانتداب البريطاني مع الحركة الصهيونية لكنها لم تقدم تفاصيل كما حكت عنها هذه الرواية.
كما تتناول الرواية، وفقا لصبح علاقة المنظمات الصهيونية بالانتداب البريطاني وافتعال الأزمات، وكيف كان يترك مخازن الأسلحة دون حراسة وهو يعلم أن هذه العصابات ستقوم بسرقتها، ويفتعل البحث عنها، مبينا أن أكثر من كان يعاني من عمليات البحث في أعقاب كل عملية سرقة للسلاح هي القرى العربية، كما أوضح صبح في لقائه مع تدوين.
وتعرج الرواية أيضا على السفن التي كانت تقل الذين في معظمهم لم يكونوا يهود، إذ كان هدف الحركة الصهيونية هو ملئ الأرض أو تحقيق نوع من التوازن الديموغرافي على أرض فلسطين لصالح الفقراء والمشردين في أوروبا.
وهذه الرواية هي الإصدار الأدبي الرابع للكاتب الروائي كمال صبح، حيث أصدر قبلها ثلاث روايات وهي: أسير الثلج الفائزة بجائزة سمير منصور للأدب عام 2021، بالإضافة لروايتي أرتميس وبداية مؤجلة.
ويرى الكاتب أن السياق التاريخي الحقيقي للرواية يعتبر توثيق هام لمراحل تشكيل العصابات الصهيونية وعلاقتها بالانتداب البريطاني على فلسطين، وقد لاقت الرواية اهتمام كبير من النقاد والأدباء في قطاع غزة، إذ أن الكاتب نجح في تشكيل لوحة تاريخية بأسلوب أدبي راقي وبحبكة درامية تقدم المعلومة دون انتقاص بعيداً عن السرد التاريخي المعهود، لتشكل الرواية بشخوصها وأحداثها وتنوع الأصوات من داخلها، إضافة مهمة لأدوات شرح تفاصيل ما حدث قبل النكبة وبعدها.
واستند الكاتب في هذه الرواية على مذكرات القادة الصهيونيين، ككتاب التمرد لمناحيم بيغن ومذكرات بن غوريون، إذ توثق هذه المذكرات مرحلة ما قبل النكبة وبداية تأسيس وتشكيل العصابات الصهيونية، لكن تقوم بسردها من وجهة النظر الصهيونية، إذ تجري محاولات دؤوبة بين الأسطر لإظهار هذه العصابات بصورة الجيش الأخلاق رغم أن الممارسات تتنافى مع هذا الطرح.
أما عن السؤال المركزي الذي تحاول الرواية الإجابة عنه، فورد على لسان بطل الرواية عندما سأل زوجة أبيه التي كانت تدفعه للالتحاق بالمنظمات الصهيونية عما إذا كان العرب المجاورين للمستوطنة أتوا إلى هذه القرى بعد قدومهم من موسكو أم قبل.
ووفقا لصبح هذا السؤال يلخص القضية الفلسطينية بشكل عام لأنها يكشف عن أن الفلسطيني العربي موجود على أرضه وتوارثها عن أجداده، في حين أن الوجود الصهيوني وجود طارئ.
لمزيد من التفاصيل حول الرواية